قصة علي وسمير.. مسعفان لبنانيان أنقذا طفلين من تحت ركام القصف!
مخاطر كبيرة يواجهها المسعفون في لبنان وسط تصاعد الحرب الإسرائيلية منذ 23 أيلول الماضي، فالتحذيرات والاستهدافات التي تطالهم باتت متكررة من قبل القوات الإسرائيلية.
يوم السبت الماضي، أطلقت القوات الإسرائيلية تحذيرا للمسعفين في لبنان، محذرة من استهدافهم تحت حجة أنهم ينقلون عناصر من "حزب الله" على متن آلياتهم.
التحذير هذا شمل الفرق الإغاثية كافة، ويوم الأحد 13 تشرين الأول، تعرض محيط عمل مسعفين من الصليب الأحمر اللبناني في بلدة صربين بجنوب لبنان لاستهداف إسرائيلي أسفر عن إصابة 4 منهم برضوض.
ويوم الجمعة 12 تشرين الأول، أسفر قصف إسرائيلي على بلدة ياطر الجنوبية، عن استشهاد مسعفين من الهيئة الصحية الإسلامية.
أيضاً، طال القصف بلدة جويّا، اليوم، ما أسفر عن إصابة عدد من المسعفين في الصليب الأحمر اللبناني.
رغم ذلك، فإن المسعفين في لبنان استمروا بعملهم رغم الاستهدافات المستمرة، فهم يقومون بمختلف مهمات الإنقاذ على كافة الأراضي اللبنانية.. فماذا تقول الأرقام عن استهدافات المسعفين؟ ما الذي يكشفه هؤلاء عن مهماتهم وعمليات الإنقاذ الدقيقة التي يجرونها في مختلف المناطق؟
أكثر من 150 جريحاً من المسعفين انضموا إلى قافلة المصابين في لبنان جراء الهجمات الإسرائيلية، بينما تم تسجيل استشهاد أكثر من 80 مسعفا غالبيتهم من الدفاع المدني اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية.
رئيس قسم التدريب نبيل صالحاني في الدفاع المدني اللبناني قال لبلينكس إن الدفاع المدني وُجد لمساعدة المواطنين كما أنه ليس جهازا عسكريا، وأضاف "إسرائيل قتلت 11 عنصرا من عديدنا وأصيب 25 آخرون خلال مهمات رسمية".
وأكد صالحاني أن مهمات الدفاع المدني مستمرة في كل لبنان، مشيرا إلى أن عمليات الفرق الإنقاذية في المناطق الأمامية والخطرة في جنوب لبنان مستمرة ولم تتوقف، وذلك بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
صالحاني قال إن الدفاع المدني عمل على إعادة تموضع فرقه في الجنوب في حين أن الاستجابة تكون سريعة جدا خلال وقوع أي قصف واستهداف.
إنقاذ من تحت الردم والركام
علي حناوي، هو مسعف من كشافة الرسالة الإسلامية، وقد انتشرت صورة له وهو يحتضن طفلا صغيرا بعدما تمكن من إنقاذه مع مسعفين آخرين من تحت ركام مبنى استهدفه الطيران الإسرائيلي في منطقة النويري بالعاصمة اللبنانية بيروت، مساء الخميس 10 تشرين الأول الجاري.
اللحظة التي شهدها حناوي جرى توثيقها بصورة سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن بعض الناشطين راحوا ينشرونها كأيقونة شكر للمسعفين اللبنانيين في ظل الحرب الإسرائيلية التي يشهدها لبنان.
في حديث مع بلينكس، يروي حناوي لحظات الإنقاذ التي شهدها، وقال: "ما إن حصلت الضربة حتى وصلنا على وجه السرعة إلى المكان المنكوب. استطعنا في بادئ الأمر إجلاء والدة الطفل وعمته بينما بقي هو تحت الركام".
يكشف حناوي أن والدة الطفل هي التي أرشدت المسعفين إليه، مشيرا إلى أن الأخيرة كانت تعطيهم بعض الدلالات في المكان للوصول إلى ولدها الصغير، وقال: "كان الطفل عالقاً تحت ركام لكنه كان بخير. على الفور، نقلت الطفل إلى داخل سيارة الإسعاف وأجلي فورا نحو
مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت".
يقول حناوي إنه لا يستطيع وصف الشعور الذي انتباه لحظة انقاذ الطفل، مشيرا إلى أن الصغير كان مصابا بحالة من الصدمة جراء القصف، ويضيف "لقد حاولت إضحاك الطفل والتخفيف عنه.. كان يشعر بالعطش.. اللحظات محزنة جداً، لكن ما أسعدني هو أنّ الطفل كان بحالة جيدة ولم يُصب بأي كسور"
صرخة طفل الكرك أدمت القلوب
قبل عملية الإنقاذ التي نفذها حناوي بساعات قليلة يوم الخميس 10 تشرين الأول، كان هناك مسعف آخر يدعى سمير الشقية من الدفاع المدني اللبناني، ينفذ مهمة إنقاذ طفل آخر نجا من القصف في بلدة الكرك بزحلة شرق لبنان.
لحظة إنقاذ طفل غارة الكرك جرى رصدها بفيديو انتشر بكثافة بين الناشطين في لبنان، فكان مصدر أمل وسط حالة رعب شديدة يعيشها المواطنون بسبب القصف العشوائي.
لحظة إخراج طفل رضيع حياً من تحت أنقاض منزله الذي قصفه الاحتلال الإسرائيلي في الكرك بالبقاع اللبناني.
يروي المسعف سمير الشقية لبلينكس لحظات الإنقاذ التي خاضها بنفسه تحت ركام منزل الكرك الذي أسفر قصفه عن سقوط أكثر من 9 ضحايا من المدنيين، ويقول "الضربة كانت عنيفة جدا.. بدأنا بأعمال الانقاذ فوجدنا فتاة عمرها قرابة الـ9 سنوات. هذه الطفلة أبلغتنا بأن شقيقها الرضيع تحت الركام، ومن هنا بدأنا عملية البحث عنه".
يقول الشقية، 32 عاماً، إن "المسعفين سمعوا صوت الطفل تحت الأنقاض، لكن تجمهر الناس حول المبنى المستهدف أثر كثيراً على تحديد مكان الصوت فتم إبعاد المواطنين من هناك لتسهيل عمل المسعفين والمنقذين".
وأضاف: "في بادئ الأمر، ظهرت لدينا قدم الطفل وتبين أنه يقوم بتحريكها. كانت المسافة بيننا نحو متر تقريبا. عندها، اتخذنا الخطوات اللازمة كافة لإزالة الركام علما أن النيران كانت مشتعلة. وبعد جهد جهيد، استطعنا الوصول إلى الطفل".
وأكمل قائلاً إن الطفل "أطلق صرخة أدمت القلوب وأجهش بالبكاء" ما أن تم انتشاله، مشيرا إلى أن "العناية الإلهية أنقذته، فالأنقاض لم تطل رأسه وكان جسده مصابا بجروح طفيفة، وقد نقلناه فورا إلى مستشفى الياس الهراوي الحكومي".
بالنسبة لشقية، فإن اللحظة التي عاشها ارتبطت بتحدّ كبير لإنقاذ الطفل، وأضاف: "قرارنا في الميدان هو إنقاذ الإنسان.. فعلنا كل ما بوسعنا لانتشال أي جريح مهما طال الوقت ومهما صعبت الظروف"