اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

"التيار العوني" في مواجهة تحالف ثلاثي في بلدية جزين؟

صيدا اون لاين

لم تكن الانتخابات البلدية في لبنان يوماً مجرّد استحقاق إداري يُختصر باختيار رؤساء وأعضاء مجالس محلية، بل لطالما شكّلت مختبراً للتحالفات السياسية، ومرآة تعكس موازين القوى في البلاد. جزين، المدينة والقضاء، ليست استثناءً. هنا، تتداخل الحسابات المحلية بالحسابات الوطنية، ويصبح التنافس البلدي امتداداً للصراعات السياسية التي تعيد رسم النفوذ وترتيب الاصطفافات.

محاولات التوافق
منذ آخر انتخابات بلدية عام 2016، تغيّرت معادلات كثيرة في لبنان ولها انعكاساتها في جزين. فالتيار الوطني الحر يخوض واحدة من أكثر معاركه الانتخابية تعقيداً في جزين، وهو خارج السلطة، مثقلاً بالانقسامات الداخلية التي أضعفت حضوره وشتّتت قاعدته. يحاول "التيار" إعادة ترتيب صفوفه، لكنه يواجه صعوبة في عقد تحالفات متينة. وقد جرت محاولة قام بها أحد رجال الدين لإبعاد جزين عن معركة طاحنة للتوافق بين "التيار" والقوات اللبنانية لكنها باءت بالفشل.

في العلن الجميع يريد إظهار محاولات التقارب والتوافق، لكن في ظل التباينات السياسة والتغيرات التي طرأت على الساحة المسيحية، سيضطر "التيار" إلى خوض الانتخابات منفرداً، مقابل الحديث عن تحالف قد يجمع النائب السابق "المطرود" من التيار زياد أسود والنائب السابق إبراهيم عازار والقوات اللبنانية.

يؤكد رئيس بلدية جزين الحالي ورئيس اتحاد بلدياتها، خليل حرفوش في حديثه لـ"المدن"، أن الجهود لا تزال تُبذل للوصول إلى توافق يشمل مختلف الأطراف. ويقول "يتم العمل على تحقيق وفاق مع الجميع، ضمن معايير محددة سقفها الكفاءة، ونظافة الكف، وإنماء جزين، المدينة والقضاء". ويضيف أنه "إذا نجح الأمر فخير، وإن لم ينجح فسنخوض المعركة"، من دون أي تأكيد إذا ما كان سيترشح هو شخصياً. وشدد في على أن "التيار" لا يزال الأقوى في منطقة جزين، نافياً ما يتم تناقله في المنطقة عن ضعف كبير لحق بشعبيته.

تراجع شعبية "التيار"؟
أما النائب السابق زياد أسود فيؤكد أن التيار لا يملك الأرضية التي تخوله فرض شروطه، وأنه يستخدم خطاب التوافق كغطاء لا أكثر. ويقول: "لم يكن التيار جاداً في التفاهمات، بل سعى منذ البداية إلى فرض أسماء حزبية خالصة مثل غازي الحلو وسعيد الحلو، فيما كان الجو العام يتجه نحو البحث عن شخصيات توافقية".

ويرى أسود أن الأرقام الحقيقية على الأرض لا تعكس تفوق التيار كما يدّعي، بل هي تُظهر تراجع حضوره. ورغم ذلك يصرّ على الاحتفاظ برئاسة البلدية عبر مرشحين يدورون في فلكه منهم الرئيس الحالي خليل حرفوش، الذي يعتبره أسود "الاسم الخفي" الذي يحاول التيار تسويقه، رغم أنه، بحسب وصفه، "ورقة محروقة" في جزين، نتيجة تراكم الدعاوى القضائية بحقه.

التباينات بين الطرفين المسيحيين (تيار وقوات) تجعل التفاهم بينهما مستحيلاً. لكن هل يمكن عقد تحالف بين باقي الأطراف مع القوات اللبنانية؟ وفق أسود هناك محاولات للتوافق على مرشح توافقي بينه وبين القوات اللبنانية وإبراهيم عازار هو دافيد الحلو، لكن مع إمكانية البحث في أسماء أخرى إذا اقتضت الحاجة.

القوات والهيمنة على جزين
النائب السابق عازار أكد أنه ضد الإصطفافات مع أي طرف، لافتاً إلى أنه يسعى إلى التوافق مع الجميع، وهناك حوار مع "التيار" ومع باقي القوى السياسية في سبيل التوافق. وفي حال عدم التوصل إلى إتفاق سيكون خارج أي تحالف مع أي طرف.

بدوره أكد نائب القوات سعيد الأسمر وجود مساعي للتوافق تبذل حالياً مع أسود وعازار. ولفت إلى أن محاولة عقد توافق مع "التيار" باءت بالفشل، متمنياً أن تنجح المحاولة مع أسود وعازار للتوافق على الحلو، أو غيره من المرشحين.

محاولات حشر "التيار" في جزين يقابلها تحرك للقوات اللبنانية بفعالية على امتداد القضاء، واضعة نصب أعينها السيطرة على البلديات، تمهيداً لفرض هيمنتها على رئاسة اتحاد بلديات جزين. ولعل أكثر ما يعكس حدة المعركة، التسجيل الصوتي الذي انتشر لمسؤول القوات في أنان، ريمون متري، حيث أعلن صراحة أن البلدية ستكون من نصيب القوات. وأكد أن أمل بو زيد "لن يصل"، وأن "البلدية لنا"، معتبراً أن الفوز بها هو "الباب الأول" لترسيخ الحضور "القواتي" في المنطقة.

هذه النبرة التصعيدية من منسق القوات لم تكن عفوية، بل تأتي في سياق نهج واضح اعتمدته القوات اللبنانية، إذ بدأت عملياً بتكثيف اتصالاتها وتحركاتها الميدانية لحسم النتائج مسبقاً، عبر الدفع برؤساء بلديات محسوبين عليها، ما يضمن لها لاحقاً السيطرة على الاتحاد البلدي. ووفق ما هو متداول في الكواليس "الجزينية" تطمح القوات للسيطرة على القضاء كله. وقد عبر عن هذه الاستراتيجية النائب القواتي سعيد الأسمر، خلال جولاته على القرى والبلدات معلناً بلا مواربة أن "القوات تريد الاتحاد"، في إشارة إلى أن المعركة تتجاوز المنافسة البلدية التقليدية. وتعتبر المصادر أن المعركة تتخذ طابعاً سياسياً أشمل لاختبار موازين القوى ومدى قدرة كل طرف على فرض معادلاته في قضاء يُعدّ أحد معاقل الصراع المسيحي التقليدي في الانتخابات البلدية والنيابية على حدّ سواء.

تم نسخ الرابط