بعد أحداث سوريا... تحذيرٌ من رعد
علق رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائب محمد رعد، في مقال نشرته صحيفة "الأخبار" اليوم الاثنين، على التطورات المتسارعة في سوريا في ضوء التحولات السياسية التي يشهدها البلد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأشار، إلى أن ما يحدث في سوريا حالياً ليس حدثاً مفاجئاً بل هو نتيجة لتقاطع مصالح أطراف إقليمية ودولية، وهو ما أدى إلى التغيير في السلطة هناك، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة الأخبار.
وأضاف رعد في مقاله أن هذا التغيير قد يكون في مصلحة بعض الأطراف الخارجية، لكنه أكد أن الشعب السوري سيكون هو الأكثر تحملًا لنتائج هذا التحول، خاصة في ظل التنافسات والاختلافات بين القوى التي سعت إلى تنفيذ برنامج سياسي جديد في سوريا.
وأكد رعد أن التغيير الذي شهدته سوريا لم يكن مفاجئاً، بل هو نتيجة مخططات إقليمية ودولية تلتقي مصالحها على تغيير النظام السوري. وأضاف أن تلك التغييرات قد تعود بفوائد على الشعب السوري، إلا أن هذا الأخير سيكون هو الأكثر تضررًا من التنافسات بين الأطراف التي تسعى لتغيير السلطة.
في سياق متصل، شدد رعد على أن العدوان الإسرائيلي على سوريا، بما في ذلك الهجمات الجوية التي استهدفت القوات السورية ومراكزها الاستراتيجية، يعكس رغبة إسرائيل في التدخل في صيغة توزيع "الغنائم" في سوريا بعد التغيير السياسي. وأكد أن هذه الهجمات نقضت اتفاقية فك الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، مشيراً إلى أن إسرائيل تهدف إلى إضعاف سوريا وتعزيز مصالحها الأمنية.
وانتقد رعد المواقف الأميركية تجاه الوضع في سوريا، ووصفها بأنها نفاق واضح. وقال إن الإدارة الأميركية حاولت أن تظهر وكأنها فوجئت بما حدث في سوريا، بينما هي في الواقع كانت تدعم التغيير من وراء الستار. واعتبر أن المواقف الأميركية المتضاربة، التي تتحدث عن دعم وحدة سوريا وفي ذات الوقت تتغاضى عن الاعتداءات الإسرائيلية، هي محاولة للتغطية على حقيقة دعمها للعدوان.
ورأى أن التحركات العسكرية التركية في سوريا، مثل الهجوم على إدلب وحلب وحماة، تم تنسيقها في توقيت حساس بعد وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، بهدف تجنب أي اتهام بأن تلك العمليات العسكرية كانت في صالح إسرائيل. وأضاف أنه رغم التأخير في تنفيذ الهجوم العسكري، فإن الموقف السياسي والإعلامي لم يظهر أي استنكار للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.
وفيما يتعلق بمستقبل سوريا، أكد رعد أن المقاومة الإسلامية في لبنان تؤكد على حق الشعب السوري في تقرير مصيره. وأوضح أن التغيير في سوريا يجب أن يعكس إرادة الشعب السوري بكافة مكوناته، مشدداً على أهمية وحدة سوريا وعدم السماح لأي قوى خارجية بالتدخل في تحديد مصير البلاد. وأكد أن المقاومة تقف إلى جانب سوريا في هذا الحق وتدعم السيادة السورية.
ولفت رعد إلى أن أي تغيير في النظام السوري يجب أن يضمن الحفاظ على سيادة البلاد وعدم خضوعها لأي ضغوط من القوى الإقليمية أو الدولية. وأضاف أنه لا يمكن لسوريا أن تصبح مرتهنة لأي طرف خارجي، خاصةً إذا كان هذا الطرف يسعى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو الضغط على سوريا من أجل الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني.
ودعا رعد إلى تحقيق حرية سياسية وعدالة اجتماعية لا تكون مجتزأة أو استنسابية. وأكد أن الحرية الحقيقية تتحقق عندما تكون شاملة وعادلة لجميع مكونات المجتمع السوري، وأن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا عندما لا يتم التلاعب بالشعارات لتحقيق مصالح خاصة أو أجندات سياسية ضيقة.
وفي إطار سياق الأحداث الإقليمية، أشار رعد إلى الدور الذي لعبته المقاومة الإسلامية في لبنان في دعم غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير. وقال إن الدعم الذي قدمته المقاومة في لبنان ساهم في تعقيد حسابات العدوان الإسرائيلي، مما دفع الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل لوقف العدوان. وأضاف أن المقاومة ساعدت في صمود غزة ومنعت إسرائيل من تحقيق أهدافها بسهولة.
كما أضاف رعد أن المشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة يسعى إلى تدمير بنية المقاومة في لبنان وغزة، ويهدف إلى القضاء على أي قوة تعارض هيمنة الولايات المتحدة والغرب على المنطقة. وقال إن الغرب قد يتغاضى عن الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا وغزة طالما أن هدفها هو إضعاف المقاومة وحركات التحرر.
وفيما يتعلق بتوجهات السلطة الجديدة في سوريا، أكد رعد أن الحكومة السورية المقبلة يجب أن تكون ملتزمة بالثوابت الوطنية وتلتزم بمبادئ سيادة سوريا واستقلالها. وأشار إلى أن سوريا الجديدة يجب أن تكون قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية دون الخضوع للضغوط الخارجية.
وفي الختام، دعا رعد إلى ضرورة وجود برنامج إصلاحي شامل يعبر عن آمال الشعب السوري في الحرية والعدالة، ويعمل على بناء سوريا جديدة تكون قوية وموحدة. وقال إن هذا البرنامج يجب أن يتناول كافة القضايا السياسية والاجتماعية، ويضع مصلحة الشعب السوري في المقام الأول، مع التأكيد على وحدة البلاد ومواقفها الثابتة في القضايا الإقليمية والدولية.