العدو في دائرة مفرغة: شمال غزة عصيّ على الخضوع
كثّف جيش الاحتلال من ضغطه على الأهالي والمؤسسات الطبية في محافظة شمال قطاع غزة، غداة اقتحامه مستشفى «كمال عدوان» في مشروع بيت لاهيا، حيث أخضع المئات من المرضى والأطباء ومرافقي المرضى والنازحين، للتحقيق، قبل أن يعتقل عدداً منهم، ويخلي المئات عبر طريق صلاح الدين إلى مدينة غزة. كذلك، هاجم جيش العدو سبعة مراكز إيواء تضم عشرات الآلاف من النازحين، وأجبرهم على إخلاء وسط بيت لاهيا في اتجاه الغرب، فضلاً عما حفلت به ساعات الليل من مجازر جماعية كبرى، راح ضحيتها أكثر من 200 مواطن قضوا بين شهيد وجريح.
إذ قصف العدو مربعاً سكنياً مكوناً من 11 منزلاً في شارع الهوجا في مخيم جباليا، من دون أن تستطيع الطواقم الطبية والخدماتية التي طردها جيش الاحتلال، الوصول إلى الشهداء والجرحى الذين تُركوا ينزفون حتى الموت. أيضاً، قصف العدو ثلاثة منازل في جباليا قضى فيها أكثر من 25 شهيداً، فيما نفذت الطائرات الحربية والمسيّرة ووسائط المدفعية المئات من الغارات التي استهدفت منازل المواطنين وتجمعاتهم في المخيم ومشروع بيت لاهيا ومدينة بيت حانون. ووفقاً لبيانات المتحدث باسم جيش الاحتلال، فقد أنجز الأخير مهمة إخلاء 45 ألفاً من أهالي شمال القطاع، فيما تشير المصادر العبرية إلى أن نسبة الذين غادروا الشمال إلى الجنوب لم تتجاوز الـ1%، حيث يحافظ عشرات الآلاف من المواطنين على وجودهم في محافظة شمال غزة، ويرفضون أوامر الإخلاء رغم ضراوة القصف المستمر والمجازر الجماعية وانعدام الخدمات الطبية.
أما ما يحكيه الميدان عن المقاومة، فمغاير تماماً لمزاعم العدو وافتراضاته. إذ واصلت الأذرع العسكرية للفصائل عمليات التصدّي المكلفة بشرياً لجيش الاحتلال، والذي أقر، مساء أمس، بمقتل ثلاثة جنود وإصابة آخر في تفجير آليتهم في محيط مستشفى «كمال عدوان». وأعلنت «كتائب القسام» تمكّن مقاوميها من قنص جندي في منطقة الرزان شمال مخيم جباليا، وتنفيذ كمين مركّب استهدف ناقلتي جند بقذيفتي «الياسين 105» و«تاندوم»، وجرافة عسكرية من نوع «دي ناين» بعوة ناسفة، قرب مسجد الشهيد عماد عقل في مخيم جباليا. كما تحدّثت الكتائب عن استهداف آلية عسكرية بعبوة «شواظ» في حي القصاصيب وسط المخيم. وبدورها، أعلنت «سرايا القدس» عن تفجير آلية عسكرية بعبوتين ناسفتين من نوع «ثاقب» بالقرب من محطة البراوي في مشروع بيت لاهيا، وأشارت أيضاً إلى استهداف جرافة عسكرية من نوع «دي ناين» بقذيفة «آر بي جي» في شارع السكة شرق مخيم جباليا. كذلك، أفادت السرايا بتفجير آلية عسكرية في محيط مستشفى «الإندونيسي» بعبوة «ثاقب»، وقنص جندي في محيط موقع الإدارة المدنية شرق المخيم، فضلاً عن قصف آليات العدو وتحشّداته في حي القصاصيب بقذائف الهاون النظامية من عيار 60 ملم.
هذا الضغط الميداني في اليوم الـ 22 من أكبر الحملات البرية منذ بداية الحرب، والتي تتركّز في حيّز جغرافي محاصر، لا يشير فقط إلى قدرة المقاومة على التعافي المستمر وحرمان العدو من الوصول إلى حالة السبات الدفاعي المقاوم، إنما أيضاً إلى الدائرة المفرغة التي يدور فيها الجيش منذ أكثر من عام كامل، وهو ما دفع الخبير العسكري الإسرائيلي، إسحاق بريك، إلى المطالبة بإنهاء الحرب، لأن عمليات الجيش وخسائره بعد 6 أشهر قادمة من القتال أو حتى عام كامل، لن تغير من واقع الأمر شيئاً.