اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

تحديات نقابة المحامين: بين الالتزام بالقانون وتأجيل الانتخابات

صيدا اون لاين

في ظلّ التطورات الراهنة والتحديات الكبيرة التي يمر بها لبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، تجد نقابة المحامين في بيروت نفسها أمام اختبار ديمقراطي هام، يتمثل في ضرورة إجراء الانتخابات لاختيار أربعة أعضاء جدد لمجلس النقابة، مع انتهاء ولاية أربعة أعضاء حاليين في 17 تشرين الثاني 2024. هذه الانتخابات تأتي في ظلّ نقاشات وانقسامات بين المحامين حول مدى جدوى تنظيمها في مواعيدها القانونية المقررة أو تأجيلها نظرًا للظروف الطارئة. وبينما يرى البعض ضرورة الالتزام بالموعد المحدد في قانون تنظيم مهنة المحاماة، يستند آخرون إلى سوابق مشابهة من تاريخ النقابة حيث تم تأجيل الانتخابات في أوقات الأزمات.
من خلال استعراض تاريخ انتخابات نقابة المحامين في بيروت، يتضح أن الانتخابات أُجريت مراراً حتى في ظلّ الأزمات، إلا أنه تم تأجيلها في بعض الأحيان بسبب مراسيم تمديد المهل. ورغم كل الظروف، كانت إرادة المحامين في ممارسة حقهم الانتخابي حرصًا على استمرارية النقابة والديمقراطية فيها هي السائدة.
وتجدر الإشارة إلى أن إجراء الانتخابات المحدّدة في قانون تنظيم مهنة المحاماة يحصل في الأحد الأوّل من تشرين الثاني في دورة أولى بنصاب أكثر من نصف المحامين الذين سدّدوا اشتراكاتهم السنوية عن العام 2024 قبل 1/5/2024 ويحق لهم الاشتراك في الجمعية العمومية، وفي حال عدم اكتمال النصاب في الدورة الأولى، تنعقد الجمعية العامة للمحامين حكماً في الأحد الثالث من تشرين الثاني 2024 الموافق فيه 17/11/2024.
وفي لمحة عن تاريخ انتخابات نقابة المحامين في بيروت منذ اندلاع الحوادث عام 1975 وحتى اليوم، يتبيّن ما يلي:
- سنة 1974 انتخب المحامي روجيه شيماني نقيباً مع مجلس النقابة لولاية تنتهي في تشرين الثاني 1976، ولـمّا لم تحصل الانتخابات في موعدها، بسبب الأحداث المحفوفة بالمخاطر "وقد اضطر مجلس النقابة أن يدفع من صناديق النقابة لعناصر اقتحمت قصر العدل لكي تحرسه وتحافظ على ملفاته بدلاً من أن تخرّبه وتنهبه". ( من ص. 106 من كتاب المئوية الأولى لنقابة المحامين )
وحالت هذه الأحداث دون إجراء الإنتخابات في تشرين الثاني 1976 لعدم أكتمال النصاب استناداً إلى المرسوم رقم 42/77 الذي قضى في مادته الثالثة بما يلي:
"إستثناء لكلّ نصّ مخالف، لا تُعتبر الجمعيات العمومية المدعوة كهيئة إنتخابية منعقدة بصورة قانونية إلّا بنصاب يحدّد بالأكثرية المطلقة من الأعضاء العاملين المقيدين في جداولها وذلك في كل من الدورات الإنتخابية المتتالية، ما لم ينصّ نظام الجمعيات على نصاب يفوق الأكثرية المطلقة."
ومُدّدت ولاية المجلس (نقيباً وأعضاء) حتى تشرين الثاني 1981.
- في تشرين الثاني 1981 ، وفي ظلّ المرسوم 42/77، انعقدت الهيئة العامّة للنقابة بحضور 1126 محامياً من أصل 1817 محامٍ مشجّلين، "توافدوا من جميع المناطق والطوائف والأحزاب متخطين كل الحواجز والعوائق، وانتخبوا المحامي عصام خوري نقيباً، في مظاهرة وطنيّة كبيرة كردّ أمثل على أجواء الإرهاب والعنف والقتل السائدة في تلك المرحلة ". (من ص. 141 من كتاب اليوبيل الماسي للنقابة و ص. 187 من كتاب المئوية)
- في تشرين الثاني 1983 انتُخب المحامي عصام كرم نقيباً مع أعضاء المجلس.
- في تشرين الثاني 1985، لم تنعقد الجمعية العمومية بفعل المرسوم 42/77 ومُدّدت ولاية النقيب ومجلس النقابة حتى سنة 1987، علماً أنه في دورة تشرين الثاني 1986، كاد نصاب الأكثرية المطلقة أن يكتمل، إلّا أن الجلسة رُفعت ، مما أدى الى تمديد الولاية حتى 1987.
- في تشرين الثاني 1987، انعقدت الجمعية العامة للمحامين وانتخبت المحامي ريمون عيد نقيباً مع مجلس نقابة لولاية تنتهي في تشرين الثاني 1989، "وكانت البلاد لا تزال غارقة في أزمة أمنية وسياسية تصاعدت وتيرتها باقتراب موعد الإستحقاق الدستوري المتمثّل بانتخاب رئيس للجمهورية في العام 1988". (من ص. 112 من كتاب المئوية الأولى للنقابة و ص. 141 من كتاب اليوبيل الماسي)
- في تشرين الثاني 1989، انعقدت الجمعية العامّة للمحامين وانتخبت المحامي مارسيل سيوفي نقيباً مع أعضاء مجلس نقابة، "في ظلّ أحداث تطوّرت أوائل سنة 1990 واستمرّت وتمادت في المنطقة الشرقية وفي محيط قصر العدل ". ( من ص. 114 من كتاب المئوية الأولى للنقابة )
- يظهر من الفترة ما بين 1975 و 1989، أنّه رغم الأحداث وإن المتقطّعة، لم يتوانَ المحامين عن حضور الجمعيات العامة لممارسة حقّهم بالانتخاب والتصديق على ميزانية نقابتهم، حرصاً على استمراريتها، ورغم أحكام المرسوم 42/77، ولم يتقيّدوا ،في بعض الدورات ، بقانون تمديد المهل ولا بأية ظروف استثنائية تحول دون حقهم في حضورها، معتبرين ان قوانين ومراسيم تمديد المهل لا تتعلّق بالنظام العام، متقيّدين بأحكام قانون تنظيم مهنتهم.
- ما بين سنة 1991 و 2019 انعقدت الجمعيات العامة للمحامين سنوياً دونما أي عائق يُذكر.
- خلال سنة 2019، ومع انتشار وباء كورونا وقرارات التعبئة العامة الصادرة عن مجلس الوزراء، ومن ثمّ اندلاع الثورة في 17 تشرين الأوّل 2019 وما استتبعها من اعتصامات ومظاهرات وإقفال طرق وحوادث أمنية، الأمر الذي حدا بالنقيب آنذاك أندره الشدياق لدعوة مجلس النقابة بأعضائه المنتخبين والحكميين من النقباء السابقون، إلى جلسة عقدت في 13 تشرين الأول 2019، وفيه تمّ اتخاذ القرار بالإجماع بوجوب إجراء الإنتخابات في موعدها بمعزل عن الأحداث السائدة في حينه، ونظراً لعدم صدور قانون لتمديد المجالس النقابية.
وبالفعل، انعقدت الجمعية العامة للمحامين في موعدها بحضور 4400 محامٍ رغم كلّ الظروف والأحداث الأمنية والصحية، وانتخبت المحامي ملحم خلف نقيباً مع أربعة أعضاء لمجلس النقابة.
من مقاربة بسيطة لتواريخ انتخابات نقابة المحامين في بيروت، يتبيّن أنها تعطّلت مرتين بسبب المرسوم 42/77، وانعقدت في ظلّه مرتين دون أن يأخذ مجلس النقابة بأحكامه في التمديد، وبعد إلغاءه، أُعيد العمل بالمادة 38 من قانون تنظيم المهنة لانعقاد الجمعية العامة في موعدها، في دورة أولى بنصاب النصف زائد واحد من المحامين الذين سدّدوا اشتراكاتهم السنوية قبل الأوّل من ايار من السنة الجارية، وفي دورة ثانية بمن حضر.
وهنا، لا بدّ من التذكير بأن الجمعية العامة للمحامين انعقدت بصورة غير عادية للتصويت على اقتراح مجلس النقابة بتحديد بدلي الإشتراك السنوي في صندوقي النقابة والتقاعد بعد عدم مصادق الجمعية العامة في تشرين الثاني 2023 على حسابات السنة المالية السابقة كما ومشروع الموازنة، بحضور 570 محامٍ من أصل ما يزيد عن 7000 محامً ممن يحق لهم الإشتراك في الجمعية، صادقوا على اقتراح مجلس النقابة بتحديد مبلغ 50 د.أ. كاشتراك سنوي لصندوق النقابة و 150 د.أ. لصندوق التقاعد، مما يؤكّد على إلتزام مجلس النقابة بنصاب الجمعية العامة للمحامين في الدورة الثانية على أنه بمن حضر عملاً بالمادة 38 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.
كان لا بدّ من هذه المقدّمة، لاستخلاص العبر الآتية:
1- إن مجالس النقابة المتعاقبة التزموا بأحكام المادة 38 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي تحّدد النصاب القانوني للجمعية العامة للمحامين في دورة تشرين الثاني من كلّ عام بأكثرية النصف زائد واحد في الدورة الأولى وبمن حضر منهم في الدورة الثانية.
2- إن مجالس النقابة التزاموا بدعوة الجمعية العامة للمحامين إلى الإنعقاد في الأحد الأول من تشرين الثاني من كلّ سنة في دورة أولى وفي الأحد الثالث منه في الدورة الثانية.
3- إن مجالس النقابة التزاموا بأحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة بمعزل عن قوانين ومراسيم تمديد المهل غير المفروضة عليه لعدم تعلّقها بالإنتظام العام.
4- إن مجالس النقابة التزاموا بانعقاد الجمعية العامة للمحامين في مواعيدها المحدّدة في قانونها بمعزل عن أية ظروف استثنائية، إلّا في حال صدور قانون لتمديد المجالس النقابية ،بإمكانهم، حتى في حال صدور مثل هذا القانون، الدعوة إلى انعقاد الجمعية العامة للمحامين كما حصل سنة 1981 ، ما يدّل على تمسّك المحامين بقانون تنظيم مهنتهم وبالديمقراطية ومبدأ تداول السلطة في النقابة.
5- باستثناء قانون يصدر عن مجلس النواب بتمديد المهل، ليس من صلاحية واختصاص مجلس النقابة تأجيل إنعقاد الجمعية العامة للمحامين أو تمديد ولاية الأعضاء المنتهية ولايتهم في تشرين الثاني 2024 وإلّا يكون المجلس قد تخطّى صلاحياته وتجاوز الأحكام الإلزامية الواردة في قانون تنظيم مهنة المحاماة، ولا يمكن للمجلس، في أي حال من الأحوال، الحلول محلّ مجلس النواب في التشريع والتمديد لنفسه.
وفي حال، لا سمح الله، وتعذّر انعقاد الجمعية العامة للمحامين في موعدها القانوني الحكمي لسبب ناتج عن حرب يؤدي مثلاً الى تدمير قصر العدل ومركز النقابة، فإن مجلس النقابة يستمر بأعضائه الثمانية الباقين دونما أي عائق ودون مخالفة قانون تنظيم المهنة، ودون تجاوز حق مجلس النواب في التشريع.
إن هذا الملخّص مبني على معلومات مستقاة من الكتاب الماسي لنقابة المحامين الصادر سنة 1994، ومن كتاب المئوية الأولى للنقابة الصادر سنة 2021، ومن بعض المراجع النقابية ومن آراء بعض المحامين والقانونيين، علّه يأتي بالفائدة على السادة المحامين في استخلاص نتيجة حول موضوع إنعقاد جمعيتهم العامة لدورة تشرين الثاني 2024.

تم نسخ الرابط