العدوّ يضاعف تشدّده الإعلامي: تساؤلات حول الفشل في اكتشاف مُسيّرات حزب الله
يسود التعتيم والتكتم الشديدان المشهدَ الإسرائيلي، مع رفْع الرقابة العسكرية في جيش العدو من مستوى التشدد، خصوصاً حول ما يتعلّق بخسائره ودقة الإصابات التي تسجّلها صواريخ حزب الله ومُسيّراته. وعليه، يمنع جيش العدو أي مستوطن أو صحافي، بموجب قانون الطوارئ، من الاقتراب من مواقع عسكرية، فيما يؤكد عدد من المراسلين المحليين والأجانب أن صواريخ حزب الله ومُسيّراته تصيب هذه القواعد. ويقول صحافيون أجانب إن العدو عمد قبل أسبوعين إلى إخلاء قوات الموساد والوحدة 8200 في غليلوت، كما عمد إلى توفير عمليات تمويه لمواقع تخص القبة الحديدية بعدما تبيّن أن مُسيّرات حزب الله أصابتها في أكثر من منطقة. كذلك، يجري العمل مع المستشفيات لعدم تزويد الصحافيين بأي معلومات مفصّلة عن الإصابات، والإجابة فقط حول الأسئلة عن الإصابات في صفوف المستوطنين.
لكنّ الهجمات بالمُسيّرات التي نفّذها حزب الله أمس الثلاثاء، على أهداف في فلسطين المحتلة، وعجز المنظومات الدفاعية الإسرائيلية عن اكتشافها فضلاً عن تتبّعها، لخّصت المشهد الخاص بالمواجهة الجوية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وسلاح المُسيّرات الخاص بحزب الله، منذ نحو عام حتى اليوم، وامتداداً إلى المرحلة المقبلة من هذه الحرب.
ومنذ أن تحدّثت إذاعة جيش العدو عن رصد تسلل طائرات مُسيّرة نحو الجليل وحيفا والكرمل، وقالت إن جيش الاحتلال يبذل جهوداً لتتبّعها واعتراضها، إلى أن أعلنت عن «انتهاء الحدث»، تسبّبت 3 طائرات بدون طيار أُطلقت من لبنان في بقاء مليون إسرائيلي في الملاجئ لنحو ساعة بينما كانت طائرات سلاح الجو تحاول اكتشاف المُسيّرات وملاحقتها.
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن انفجار مُسيّرة داخل قاعدة عسكرية إسرائيلية شمال شرق الخضيرة، مرجّحة أن تكون مُسيّرة أخرى انفجرت في منطقة تل أبيب. وقالت إن «عدد الطائرات التي أحضرتها القوات الجوية الإسرائيلية للبحث عن مُسيّرة واحدة أمر غير مسبوق ويظهر مدى عدم استعداد القوات الجوية للحرب في ما يتعلق بتهديد الطائرات بدون طيار». فيما اعتبر المراسل العسكري الإسرائيلي، نوعم أمير، أن «طائرة حزب الله أثبتت أن سلاح الجو لدينا غير جاهز للحرب وخاصة لتهديد الطائرات المُسيّرة»، لافتاً إلى أنه «من غير المسبوق أن يتم إحضار هذا العدد من الطائرات القتالية للبحث عن مُسيّرة واحدة».
وفي حدث مرتبط بالمُسيّرات وخطرها، نقلت إذاعة جيش العدو عن مصدر في الشاباك، أنه تمّ تكثيف إجراءات الحراسة حول كبار الشخصيات بعد استهداف منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وفي الوقت الذي انشغلت فيه إسرائيل بتتبّع مُسيّرات حزب الله، أظهرت صور سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشرها لمنزل نتنياهو، أمس، تضرر نافذة غرفة نوم أصابتها واحدة من ثلاث مُسيّرات أطلقها حزب الله واستهدفته السبت الماضي.
ونشرت «القناة الـ12» الإسرائيلية صورتين لنافذة متضررة في منزل نتنياهو في قيسارية، وقالت إن «إحدى المُسيّرات التي أطلقها (حزب الله) أصابت بشكل مباشر منزل رئيس الوزراء الخاص وألحقت أضراراً خارجية». وأوضحت أن المُسيّرة «أصابت نافذة غرفة نوم في منزل نتنياهو، ولم تخترق المنزل بسبب التحصينات، وتسببت بأضرار خارجية فقط».
وأشارت إلى أن تحليل الصور كشف أن المُسيّرة تشبه تلك التي ضربت قاعدة التجنيد التابعة للواء غولاني، الأسبوع الماضي، وقتلت أربعة جنود وأصابت العشرات «وبسبب هيكلها وطيرانها على ارتفاعات عالية، يصعب اكتشافها واعتراضها». وتعليقاً على الخبر، قالت «يديعوت أحرونوت»، إن جيران نتنياهو يخشون من البقاء قرب منزله بسبب إمكانية تكرار الهجوم مستقبلاً. وتحدثت عن أنه سيغيّر أماكن إقامته بعد الهجوم على منزله في قيسارية.
وعن التصوّرات الإسرائيلية لشروط وقف إطلاق النار في لبنان وأهدافه، كتب يونتان ليس في «هآرتس»، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو «يفحص في الفترة الأخيرة الدفع قدماً بخطة لوقف النار في لبنان، تتضمن حرية عمل عسكرية لإسرائيل أمام التهديدات قرب الحدود». ونقل الكاتب عن مصادر وصفها بالمطّلعة، أن إسرائيل «تفحص اشتراط إنهاء العمليات البرية بتعيين رئيس جديد معتدل في لبنان»، في الوقت الذي يحاول فيه «المجتمع الدولي اقتراح وضع على طول الحدود مع لبنان قوات دولية مع تفويض أوسع مما يوجد لقوة اليونيفل اليوم».
وعن فائدة «الرئيس المعتدل» بالنسبة إلى إسرائيل، ينقل الكاتب عن المصادر المطّلعة على تفاصيل النقاشات الأخيرة، أنه «في إسرائيل يعتقدون بأن تعيين رئيس جديد معتدل في لبنان يمكن أن يساهم في إبعاد حزب الله عن مراكز القوة في الدولة، وتعزيز قدرة النظام على تطبيق القرارات على حزب الله».
ميدانياً، أُعلن في إسرائيل أمس عن مقتل 3 خلال المعارك في جنوب لبنان بينهم نائب قائد الكتيبة 9308 في لواء ألون، الرائد (احتياط) أفيرام هريف. بدوره، أعلن مستشفى زيف في صفد أنه استقبل أمس 14 جندياً إسرائيلياً بجروح متفاوتة جراء القتال في القطاع الشمالي.
وواصل حزب الله سلسلة عملياته المتنوعة، فضمن سلسلة «عمليات خيبر» استهدف بصواريخ «نوعية» قبة نيريت، وقاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200، وشركة «تاع» للصناعات العسكرية في ضواحي تل أبيب، وقاعدة «ستيلا ماريس» البحرية شمال غرب حيفا. كما شنّ هجوماً جوياً بسرب من المُسيّرات الانقضاضية على قاعدة «إلياكيم» جنوب حيفا أصابت أهدافها بدقة.
وأسقط حزب الله مُسيّرة «هرمز 450» فوق بلدة جبشيت بصاروخ أرض - جو وشوهدت تحترق، كما تصدى لمُسيّرة «هرمز 450» فوق منطقة إقليم التفاح في الجنوب بصاروخ أرض - جو وأجبرها على مغادرة الأجواء اللبنانية. ودمّر الحزب أمس 6 دبابات «ميركافا» في تلة العقبة في رب ثلاثين، وبين رب ثلاثين والطيبة، وعند أطراف بلدة العديسة، وفي مسكفعام بواسطة صواريخ موجّهة، ما أدّى إلى احتراقها ومقتل طاقمها.
واشتبك مقاومو الحزب مع قوة من جنود العدو أثناء تسللها باتجاه أطراف بلدة الطيبة، وأوقعوا فيها إصابات مباشرة، وعند استقدام العدو مدرعات لمساندة القوة المشتبكة تصدى لها المقاومون مجدداً وأجبروها على التراجع، وقصفوا القوة المتراجعة في منطقة التجمع بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيها إصابات مباشرة.
وأثناء تقدم قوة لجنود العدو باتجاه دبابة الميركافا المستهدفة في أطراف بلدة الطيبة، استهدفها المقاومون بصاروخ موجّه وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة بين قتيل جريح. كما استهدفوا قوة مشاة معادية بين العديسة والطيبة بصاروخ موجّه وأصابوها إصابة مباشرة.
واستهدف حزب الله تجمعات جنود العدو في مستعمرة مسكفعام وعند أطراف بلدة العديسة وموقعي المرج والبغدادي ومستعمرة المنارة وخلة العساكر غرب بلدة العديسة، وشرقي عيتا الشعب وعند مثلث زرعيت – عيتا الشعب – خلة وردة، وفي أطراف بلدة مركبا وعند الأطراف الشرقية لبلدة الطيبة وفي المالكية. كما استهدف الحزب مستعمرات «كريات شمونة» و«حتسور» و«بيت هعميك» و«شآر يشوف» و«كرمئيل».
بدوره، شنّ العدو الإسرائيلي مساء أمس سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت حارة حريك وبرج البراجنة والليلكي. كما دمّر خلال ساعات الظهيرة مبنى سكنياً في محيط الطيونة. وفي الجنوب، نفّذ العدو سلسلة غارات استهدفت حي آل معتوق، وهو امتداد لحي كسار زعتر عند المدخل الغربي لمدينة النبطية. وأدّت الغارات إلى تدمير عدد من المباني السكنية والتجارية بشكل كامل. وأسفرت عن استشهاد 5 أشخاص وإصابة 21 آخرين، فيما تمّ رفع أشلاء من المكان. كما استشهد 5 أشخاص وأصيب 10 آخرون في غارة على مدينة الهرمل وجُرح 10 آخرون.