اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

ما مصير أموال السوريّين في المصارف اللبنانيّة؟

صيدا اون لاين

تحت مسمّى "الإيجابية التي يمكن أن تسهم في فتح صفحة جديدة في علاقات التعاون بين البلدين خلال المرحلة القادمة"، ساد الانطباع حول المباحثات التي عقدت في دمشق منذ ثلاثة أيام بين الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الحكومة نواف سلام.

قد تكون هالة الإيجابية حقيقية إلا أنها تبقى في دائرة الترقب لأنها لم تتضمن أياً من الترجمة العملية لأي من النقاط التي حملها معه سلام والوفد الوزاري المرافق كبرنامج مباحثات، وتضمن مسألة النازحين السوريين في لبنان، والمفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والسجناء السوريين في لبنان. لكن ما لم يؤتَ على ذكره مسألة الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية منذ العام 2019 والتي ذكر في حينه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد  إنها تُقدر بحوالى 50 مليار دولار!.

عملية إسقاط الأرقام ليست بجديدة، لكن المؤكد أن ثمة تضخيماً بشهادة مودعين سوريين والهدف "تبرير الأزمة الاقتصادية والمالية والانهيار الاقتصادي الحاصل في عهده". واستكمالا لاعترافات مودعين، فإن المصارف اللبنانية رفضت إيداع أموال السوريين بعد اندلاع الثورة في بلدهم، لأسباب تتعلق بالرقابة الأميركية على هذه الأموال، خصوصاً إذا كان أصحابها من المقرّبين من الرئيس السوري السابق بشار الأسد".

وعلى خلفية تداول أخبار حول أرقام ودائع السوريين في لبنان صرح حاكم مصرف لبنان بالإنابة السابق وسيم منصوري "أن مصرف لبنان لا يقوم بإحصاءات لتبيان حجم ودائع الأجانب، وذلك التزاماً بمبدأ السرية المصرفية، كما أن الدستور اللبناني لا يُميّز بين لبناني وأجنبي في حق الملكية، وبالتالي لا تمييز بين حق المودعين بغضّ النظر عن جنسيتهم ومكان إقامتهم".

وإذ أشار إلى "أن الحصّة الأكبر من الودائع تعود للبنانيين، عاد ليؤكد بأن أي حلّ لأزمة الودائع سيشمل كل المودعين من دون تمييز".

المنسق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة مارون الخولي يستغرب كيفية البحث في أموال مودعين سوريين بين الرئيسين أحمد الشرع ونواف سلام "فهذه الأموال تعود إلى رأسماليين من الجنسية السورية وهي موجودة كودائع في المصارف اللبنانية منذ الخمسينيات والستينيات، إضافة إلى أموال لكبار التجار وأصحاب مؤسسات نظرا إلى قانون السرية المصرفية. ومع انطلاق الثورة السورية عام 2011 انخفضت نسبة المودعين السوريين وصارت تقتصر على طبقة إجتماعية معينة نظرا إلى ما يتطلبه فتح حساب مصرفي لأجنبي من وثائق ومستندات. وقد استفادت هذه الفئة من الفوائد المرتفعة على الحسابات المصرفية".

في خطاب القسم وعد الرئيس جوزف عون اللبنانيين باستعادة ودائعهم، وبعد تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي يترقب اللبنانيون ما ستؤول إليه السياسة النقدية الجديدة في لبنان. لكن المفاجأة كانت في "القنبلة الدخانية" التي فجرها الشرع في 11 كانون الثاني 2025، خلال استقباله رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، حيث شدّد على "ضرورة إعادة الودائع، وربط قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، بقضية الإفراج عن ودائع السوريين العالقة في المصارف اللبنانية، منذ بدء الأزمة المصرفية في لبنان في تشرين الأول 2019 وإعادتها". وقبل أن يودع ميقاتي كرر الشرع أمامه "أن قضية الودائع من أولويات الإدارة السورية الجديدة"، مطالبا بضرورة حلّها لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما دعا "إلى تشكيل لجان مشتركة لدراسة الملف بشكل مفصل، واقتراح حلول عملية لاستعادة هذه الأموال، علماً أنه لا توجد أرقام رسمية منشورة لقيمة ودائع السوريين في لبنان".

قيمة الودائع التي حددها الشرع خلال استقباله ميقاتي بلغت 50 مليار دولار دولار أميركي "لكنها لا تناهز الـ 3 أو 4 مليارات دولار كحد أقصى يقول الخولي وهي تشمل ودائع قديمة تعود إلى الستينيات حين لم يكن لسوريا نظام مصرفي متكامل وودائع حديثة بعد العام 2002 نتيجة انعدام الثقة بالمصارف السورية.

وإذ ينفي وجود ودائع مصرفية لرجالات وقيادات سورية تابعة للنظام، باعتبار أن "أموال هؤلاء تحولت إلى استثمارات في كل من روسيا والإمارات وبالتالي لا أموال سورية رسمية يمكن المطالبة بها وما قام به الشرع خلال لقائه ميقاتي هو خطأ بروتوكولي وقانوني وأتمنى أن لا يكون تكرر مع الرئيس سلام"، يسأل بالتوازي" بعيدا من السرية المصرفية هل فوّض المودعون السوريون في المصارف اللبنانية أحمد الشرع للمطالبة بأموالهم؟ إذا لا فهو بمطالبته استرداد أموال المودعين السوريين يخرق القوانين المرعية الإجراء لأن هذه الودائع تخضع للسرية المصرفية، وبالتالي لا أعتقد أن أيا من المودعين قد وقع على تنازل في شأن التخلي عن السرية المصرفية في أي من المصارف اللبنانية".

إذا لا تفويض من قبل المودعين، والأموال غير حكومية وتخص أفرادا سوريين ليسوا من فلول النظام السوري السابق ووضع موضوع اموال السوريين في المصارف اللبنانية على جدول مباحثات الشرع مع أي شخصية سياسية هو خروج عن البروتوكول.

في غياب هذه الثلاثية بات السؤال عن جدوى إصرار الشرع على وضع مسألة استرداد أموال السوريين من المصارف اللبنانية في الأولويات وهو يعلم تماما أنه عندما صرّح بشار الأسد عام 2020، بأن عمق الأزمة السورية، ينبع من احتجاز المصارف اللبنانية ودائع السوريين، مقدّراً قيمتها بين 20 و42 مليار دولار أميركي إنما أراد أن يبرر نفسه أمام الشعب السوري والقول بأن انهيار العملة السورية هو نتيجة للأزمة المصرفية في لبنان. لكن حتى السوري نفسه كان يعلم جيداً أن هناك تضخيماً وتحايلاً وإنكاراً وأن زمن هذه الثلاثية الخشبية قد ولّى.

تم نسخ الرابط