حرب شاملة على مظاهر الحياة: العدو يكرّر سيناريو «الشفاء»
لليوم السادس عشر على التوالي، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر في الأحياء المأهولة بالسكان الصامدين في مخيم جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا شمالي قطاع غزة، حاصدةً أرواح أكثر من 450 من أولئك السكان الذين يفوق عددهم ربع المليون. ويأتي ذلك وسط حصار مطبق يحول دون وصول الغذاء والمياه والوقود والإمدادات الطبية إلى تلك المناطق، فضلاً عن قطع الاتصالات والإنترنت، والذي لجأت إليه سلطات الاحتلال 11 مرة خلال عام الحرب بهدف عزل القطاع عن العالم الخارجي. وفيما يهدف العدو، من وراء هذه السياسة، إلى منع المواطنين من التواصل مع الدفاع المدني والطواقم الطبية، والحيلولة دون التغطية الإعلامية للمجازر الجارية، فهو يواصل بشكل منهجي، في الوقت نفسه، إخراج ما تبقّى من المنظومة الصحية في الشمال من العمل بالكامل، رغم أنها تعمل أصلاً بشق الأنفس.
وعلاوةً على منع إمداد المستشفيات بالمستلزمات الطبية، استهدفت قوات الاحتلال، خلال اليومين الماضيين، مستشفيات «الإندونيسي» و»كمال عدوان» و»العودة» ومرافقها - علماً أنها الوحيدة العاملة في شمال القطاع، والتي يتواجد فيها مئات المرضى والكوادر الطبية -، في مسعى لإخراجها من الخدمة بشكل نهائي. وتعرّضت مباني «العودة»، أمس، للقصف المباشر، ما أدّى إلى إصابة عدد من الكوادر العاملة في المستشفى. وأتى ذلك بعد قصف مماثل لـ»الإندونيسي» و»كمال عدوان»، أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين، فضلاً عن اقتحام دبابات الاحتلال «الإندونيسي»، وتدمير سوره الخارجي، وإطلاق قذائف مدفعية تجاه طبقاته العلوية، وقطع الكهرباء عنه. كما استهدفت قوات العدو سيارة إسعاف تابعة لـ»العودة»، ما أسفر عن وقوع 4 إصابات. وفي هذا السياق، قال المدير العام لوزارة الصحة في القطاع، منير البرش، إنه «وصلت جثامين أكثر من 450 شهيداً» إلى مستشفيات الشمال، مطالباً بـ»حماية» هذه الأخيرة، لافتاً إلى أن «الوضع كارثي فيها».
وإلى جانب البيوت التي قصفتها طائرات ومدفعية الاحتلال على رؤوس ساكنيها، تجدّد العدوان على مدرسة «أبو حسين»، التي تؤوي نازحين في مخيم جباليا، بالقصف المدفعي العشوائي، بعد يومين من ارتكاب مجزرة فيها. كما قُصفت مدرسة «أسماء بنت أبي بكر» في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، والتي تؤؤي نازحين، ما أودى بحياة 7 مواطنين، في وقت حوصرت فيه 4 مراكز إيواء في المدارس القريبة من «الإندونيسي». كذلك، واصلت مدفعية الاحتلال وطائراته إطلاق النار تجاه الأنحاء الجنوبية للمناطق المحاصرة (الصفطاوي، جباليا النزلة، والمناطق القريبة منها)، واستهدفت كل من يقترب منها، فيما لا تزال تحاصر مواطنين في منازلهم في مناطق الفالوجا وتل الزعتر، حيث نفد الطعام والمياه بشكل كامل.
وفي غضون ذلك، يتابع الاحتلال سياسة التضليل الإعلامي حول دخول المساعدات إلى شمال قطاع غزة، وهو ما جدّدت حركة «حماس» التنبيه إليه، داعية، على لسان القيادي فيها، سامي أبو زهري، «جماهير أمَّتنا إلى الخروج في تظاهرات ومسيرات حاشدة في كل العواصم والساحات انتصاراً لشعبنا». كما جدّدت التأكيد أنَّ «خيار شعبنا ومقاومتنا الأوحد الثبات على الأرض والصمود والمقاومة»، «وإحباط مخططات التهجير»
ميدانياً، استطاعت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة تنفيذ سلسلة من المهمات القتالية في مخيم جباليا. وأعلنت «كتائب القسام»، صباح أمس، استهداف جرافة «D9» عسكرية بقذيفة «تاندوم»، بالقرب من محطة سرداح غرب المخيم، فضلاً عن تفجير عبوة «شواظ» بدبابة «ميركافا» أثناء سحبها للجرافة المستهدفة. وفي محيط المكان نفسه، تمكّن مجاهدو «القسام» من تفجير عبوة مضادة للأفراد بقوة إسرائيلية راجلة، والاشتباك معها بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح. وفي منطقة الفالوجا، غرب معسكر جباليا، تمكنّت «القسام» من استهداف دبابة «ميركافا» وجرافة «D9» بقذائف «الياسين 105».
أما في منطقة تل الزعتر، شرقي مخيم جباليا، فاستهدفت «القسام» دبابتي «ميركافا» بعبوة «شواظ» وعبوة شديدة الانفجار. وفي محيط مسجد الزاوية في تل الزعتر، استطاعت «سرايا القدس»، بدورها، تدمير آلية «ميركافا» بتفجير عبوة «ثاقب - برميلية» شديدة الانفجار كانت مزروعة مسبقاً، بها. كما عرضت «السرايا» مشاهد تظهر استهداف مجاهديها لدبابتي «ميركافا» بقذائف الـ»RPG» في منطقة التوغل في حي القصاصيب، وسط مخيم جباليا. كما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى» تنفيذها «عملية مركبة بتفخيخ ممر منزل وسط مخيم جباليا واستدراج قوة راجلة وتفجير المكان»، لافتة إلى أنه «فور تقدم قوة النجدة لإخلاء القتلى والجرحى، تمّ تنفيذ عملية قنص ودكّ القوة بقذائف الهاون». أيضاً، أفادت «سرايا القدس» بأن مجاهديها تمكّنوا من تفجير آليتين عسكريتين بعبوتين من نوع «ثاقب» أثناء توغلهما في محيط مسجد مصعب بن عمير شرق حي الزيتون في مدينة غزة، مؤكدة كذلك إسقاط مُسيّرة إسرائيلية من نوع «كواد كابتر»، والسيطرة عليها خلال تنفيذها مهامّ استخبارية في سماء المدينة.