مخاوف لبنانية من تمادي اسرائيل بحرب الاستنزاف رغم استبعاد "الغزو البري"
رصد المسؤولون اللبنانيون امس المعلومات المسربة عن لقاءات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في إسرائيل لمعرفة النتائج والمناخات التي وجدها لدى المسؤولين الإسرائيليين حيال "الجبهة الشمالية"، علماً ان توجساً لبنانياً واسعاً برز حيال المعطيات التي تحدثت عن خلافات وتخبط داخل الحكومة الإسرائيلية في شأن لبنان فيما كانت تبرز تهديدات جديدة بعملية غزو لشريط بري محدود لجنوب لبنان كما لو ان الامر يعكس توزيع أدوار.
وكتبت" النهار" : مع ان المعطيات التي طبعت مناخات المراجع اللبنانية الرسمية، السياسية والعسكرية، بدت متقاطعة مع معطيات"حزب الله" في استبعاد جدية التهويل الإسرائيلي بعملية برية انطلاقاً من اقتناع هؤلاء بان معرفة إسرائيل لضخامة الكلفة التي ترتبها عليها أي مغامرة كهذه ترجح طابع الحرب الدعائية النفسية على هذا التهديد، فان ذلك لم يقلل في المقابل من قتامة الانطباعات لدى المعنيين في لبنان الذين ازداد توجسهم من المعالم التصعيدية الاخذة في الاتساع على الجبهة الجنوبية ويخشون، حتى في حال استبعادهم حرباً واسعة، من استشراس حرب الاستنزاف وتماديها لوقت طويل لتحويل المناطق الحدودية الامامية الى ارض محروقة.
وتعززت هذه المعطيات في ظل ما تردد عن ان هوكشتاين اُبلغ في إسرائيل موقفاً جامعاً على الاتجاه الى توسيع العمليات العسكرية في لبنان. وتكشف مصادر معنية بان الحركة الديبلوماسية الغربية او الدولية الأخيرة حيال لبنان، سواء في ما يتصل بالوضع الخطير على الجبهة الجنوبية او في ما يتعلق بملف الازمة الرئاسية اظهر تعاظم القلق الدولي بقوة على لبنان في الفترة المقبلة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بما أوحى ان الأسابيع المقبلة ستشكل مرحلة محفوفة بخطورة عالية خصوصا اذا تبين ان "التمرد" الإسرائيلي على الإدارة الأميركية الضاغطة من اجل منع حرب واسعة في لبنان سيترجم بأشكال تصعيدية مختلفة في لبنان. وبرزت هذه المخاوف من طغيان الوضع الميداني في الجنوب على الاجتماع الأخير للجنة سفراء المجموعة الخماسية كما في لقاءات السفراء منفردين مع مراجع وشخصيات لبنانية، وكان اخرها لقاء السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ولقاء السفير السعودي وليد البخاري امس مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. حتى ان المصادر نفسها اشارت الى ان الزيارة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت قبل نهاية الشهر الحالي، قد تصبح رهن الأجواء والمعطيات التي ستتكشف بعد زيارة هوكشتاين لإسرائيل ولبنان، بما يعني الربط القسري بين الوضع الميداني في الجنوب وملف الازمة الرئاسية.
وكان وصل امس كبير مستشاري الرئيس جو بايدن اموس هوكشتاين إلى إسرائيل لمناقشة الوضع في لبنان، بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين. وقالت مصادر لهيئة البث الإسرائيلية إن هوكشتاين سيقترح خلال زيارته خططاً لإعادة رسم الحدود بين إسرائيل ولبنان. وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قال لقناة "الحدث" إن زيارة هوكشتاين إلى إسرائيل تهدف إلى منع فتح جبهة ثانية في الشمال.
واجتمع هوكشتاين مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت فيما كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تضج بمعلومات عن اتجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى اقالة غالانت بسبب معارضته توسيع العمل العسكري في الشمال . ولكن وسائل الإعلام نفسها نقلت عن غالانت قوله لدى اجتماعه بالموفد الأميركي ان "السبيل الوحيد المتبقي لإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم هو العمل العسكري" وان "احتمال التوصل إلى اتفاق دبلوماسي يتلاشى مع استمرار حزب الله في ربط جبهة لبنان بغزة".
وفي المقابل بثت القناة 12 الإسرائيلية ان هوكشتاين قال لغالانت إن معركة واسعة ضد لبنان لن تعيد الأسرى وستعرض إسرائيل للخطر مشيرا الى ان واشنطن ملتزمة بحل ديبلوماسي في الشمال .
والتقى هوكشتاين لاحقا نتنياهو الذي صرح على الأثر "سنقوم بما يلزم لحماية امننا وإعادة سكان الشمال" . وأوضح مكتب نتنياهو ان الأخير ابلغ هوكشتاين انه لا يمكن إعادة السكان الى الشمال دون تغيير جذري في الوضع الأمني .
وكتبت" الاخبار": «نقدّر الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة، لكننا سنقوم بكل ما هو ضروري لإعادة مواطنينا إلى بيوتهم بأمان في شمال إسرائيل». بهذه العبارات استقبل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين الذي حمل رسالة من البيت الأبيض تدعو إسرائيل إلى عدم شن حرب على لبنان.ووصل هوكشتين إلى تل أبيب أمس في زيارة تهدف إلى خفض التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، وتجنّب حرب قد تنزلق إلى صراع إقليمي واسع وطويل الأمد. وعقد الموفد الأميركي سلسلة لقاءات شملت نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الحرب يؤاف غالانت وزعيم المعارضة يائير لابيد.
الزيارة جاءت بعد ارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية بعملية عسكرية واسعة على الحدود الشمالية مع لبنان، استمرت بعد وصوله واجتماعه مع نتنياهو الذي اعتبر أن «عودة سكان الشمال مرهونة بتغيير جذري في الوضع الأمني»، فيما أبلغ غالانت الزائر الأميركي أن «فرص التوصّل إلى اتفاق دبلوماسي تنفد»، وأن «العمل العسكري هو السبيل لإعادة سكان الشمال». في المقابل، اعتبر المبعوث الأميركي أن «المعركة الواسعة ضد
لبنان لن تعيد الأسرى بل ستعرّض إسرائيل للخطر»، محذّراً من أن «صراعاً أوسع في لبنان يمكن أن يتطوّر إلى صراع إقليمي أوسع وأطول بكثير»، ومن أن «العملية العسكرية وحدها لن تعيد سكان الشمال إلى منازلهم».
وقالت مصادر مطّلعة في بيروت إن ««كل هذه الطروحات والأفكار التي تحدّث عنها هوكشتين في زيارات سابقة، كانت تستند إلى تقديرات أميركية خاطئة بقرب التوصّل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار في غزة، وكان هوكشتين يسعى إلى تحضير الأرضية على الجبهة الجنوبية لمواكبة وقف الحرب بترتيب عسكري أمني في الجنوب وهذا ما لم يحصل». واستغربت المصادر وصف الزيارة باعتبارها الفرصة الأخيرة قبل التصعيد، لأن «مخاطر هذا الخيار يعرفها جيداً الإسرائيليون والإدارة الأميركية التي لن تسمح لهم بذلك مهما حاولوا ابتزازها، رغم أن كل الخيارات قائمة في ظل حكم المجانين في الكيان».
وكتبت " اللواء": تكاد مهمة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين التي ينظر اليها كفرصة لإقناع الرؤوس الحامية في اسرائيل من مخاطر اية مغامرة عسكرية، باتجاه توسيع الحرب مع لبنان، على خلفية اعادة سكان المستعمرات الشمالية، قبل انطلاق موسم المدارس، وكهدف من اهداف الحرب.
على ان السؤال، وسط توسع المواجهة من القطاع الغربي الى القطاع الشرقي، باستخدام اسلحة جديدة وبغزارة نيران صاروخية غير مسبوقة، هل تُبقي مهمة هوكشتاين محصورة بالمهمة الاساس: اي تحريض اسرائيل على عدم الحرب، ام فك الاشتباك بين مكونات «كابينت الحرب» الاسرائيلي، لا سيما بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يطالب باجراء حسابات للحرب الموسعة والمتفلتة وسط كلام خرج الى العلن عن نية نتنياهو اقالة غالانت واستبداله بوزير الداخلية ساعور الاشد تطرفاً، والمدعوم من سارة زوجة نتنياهو.
وحسب ما رشح عن اجتماع هوكشتاين مع غالانت، فإن الاخير اعتبر ان ربط حزب الله وضعه «بحماس» فهذا يعني تضاؤل فرص التوصل الى حلّ دبلوماسي، ويُبقي العمل العسكري هو الحل المتاح لاعادة سكان الشمال، وفقاً لاعتقاده.
وفي خلفية تحرك هوكشتاين ان لا امكانية لحدوث تقدم في مهمته في اسرائيل، وصولاً الى لبنان خارج تحقيق هدنة في غزة، توقف اطلاق النار وتؤدي الى صفقة تبادل للأسرى والمتحجزين من اسرائيليين وجنسيات متعددة، وفلسطينيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية.
وابلغ هوكشتاين نتنياهو وغالانت ان معركة واسعة ضد لبنان لن تعيد الاسرى وستعرض اسرائيل للخطر.
ويتضح مما يحمله هوكشتاين، ان ذلك مرتبط باليوم التالي لجهة التفاهم على اعادة ترسيم الحدود البرية مع لبنان، بما يشمل قرية الغجر ومزارع شبعا.
ويتضمن المقترح تمرير الحدود عند موقع خيمة وضعها حزب الله داخل الاراضي المحتلة، وقد رفضت حكومة نتنياهو هذا المقترح معتبرة اياه استفزازاً.
وحسب مسؤولين اسرائيليين فإن فرص التوصل الى اتفاق منخفضة، متوقعين تصعيداً في الشمال.
ويتماهى قائد لواء الشمال في الجيش الاسرائيلي مع نتنياهو، وهو يعلن بأن جيشه جاهز لاحتلال شريط امني عند الحدود مع لبنان.
يشار الى ان قائد المنطقة الشمالية ناقش عملية رفع الجهوزية للقتال في لبنان مع قائد سلاح الجو.