لا رئيس في لبنان في حال استمرّت الحرب؟
لم تنجح الدعوات المتكررة من معظم الاطراف اللبنانيين، واكثرية اعضاء اللجنة الخماسية، لفصل موضوع الانتخابات الرئاسية، عن الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزّة، بالرغم من أهمية انتخاب رئيس للجمهورية في هذا الظرف بالذات، لاعادة انتظام الحياة السياسية، والنهوض بالدولة، وتكوين جبهة داخلية متماسكة، لمواجهة تداعيات هذه الحرب، والاشتباكات الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية والمناطق المتقابلة.
ولا تبدو مؤشرات ووقائع انتهاء الحرب على غزّة قريبة، بعدما عطل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، جميع الجهود لوقف هذه الحرب، واخرها مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن، من خلال تدرجه المتواصل في خلق الذرائع التي تعيق التوصل إلى صفقة وقف اطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين والاجانب والمعتقلين الفلسطينيين، ما يعطي انطباعا واضحا، بأن هدف إطالة هذه الحرب، هو بلوغ موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية.
واستنادا لهذا الواقع الظاهر للعيان حتى اليوم، لوحظ بوضوح تراجع الحديث عن استكمال الوساطات لانهاء حرب غزة، بعد فشل كل محاولات التوصل لهذه الصفقة، وعدم صدقية كل التوقعات الذي اعلن عنها الرئيس الاميركي واعضاء ادارته بهذا الخصوص، وفي ظل عجز فاضح من الإدارة الاميركية لممارسة ضغوطها على نتنياهو لارغامه على الموافقة على وقف الحرب. هل هذا يعني بقاء الوضع السياسي في لبنان معلقاً، وانتخاب رئيس للجمهورية معطلا، لما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية؟
يؤشر تصاعد حدة الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، والاستهدف المنظم والتدريجي، في تدمير البلدات والقرى المواجهة للحدود اللبنانية الجنوبية وقتل المدنيين، إلى تكثيف الضربات العسكرية، ضد حزب الله وعلى الدولة اللبنانية، لفرض التوصل إلى اتفاق نهائي بين لبنان وإسرائيل،لاستتباب الامن وارساء الاستقرار في المنطقة الحدودية، بالقوة والضغوطات، بما يتلاءم مع الشروط والمطالب الإسرائيلية.
هذا الوضع المتردي جنوبا، وبالرغم من محاولات استيعابه ومنع توسع المواجهات العسكرية الحالية، قد يبقى على وتيرته الحالية، مع توسع محدود، إذا بقيت الديبلوماسية الاميركية مترددة وغير قادرة على اقناع الطرفين بالتوصل إلى الاتفاق المنشود بين لبنان وإسرائيل، بمعزل عن انتهاء الحرب في غزّة في وقت قريب، مايؤدي حتما الى انتظار مصير الصفقة بين حركة حماس وإسرائيل، الى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية، إذا لم تحدث مفاجأة غير محسوبة في الايام المقبلة.
وتبقى الانظار معلقة بالداخل اللبناني على مساعي اللجنة الخماسية لتحريك ملف الانتخابات الرئاسية، وهل تنجح بالتعاون مع الأطراف السياسيين، بفصل انتخاب الرئيس عن حرب غزّة، وإن كان مثل هذا الهدف، يبدو صعبا في ظل التعقيدات والصعوبات القائمة حتى اليوم؟ وهذا يفرض على اللبنانيين انتظار مصير الحرب على غزّة.