لا أفق واضحاً لـ«جولة الخميس»... غالانت يحرج نتنياهو: فلْتكن صفقة
لا تزال إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، وحلفاء في الغرب والشرق، يعيشون على وقع «بورصة» المؤشرات الدالّة على اقتراب وقوع ردّ إيران و«حزب الله» وحلفائهما، على الاغتيالين اللذين نفّذهما العدو في طهران وبيروت قبل نحو أسبوعين. وخلال اليومين الماضيين، ارتفعت المؤشرات حول هجمات وشيكة قد تتعرّض لها إسرائيل، ما أثار حالة من الهلع والتوتر داخل الكيان وفي الإقليم والعالم، رغم حشد الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والمنطقة، للدفاع عن دولة الاحتلال التي وجدت نفسها في مرمى تهديدات قوى «محور المقاومة»، من إيران إلى لبنان، وهي الغارقة في حرب لا أفق لها في قطاع غزة، ولأهداف لم تتحقّق بعد، ولو جزئياً.ولم تمنع مخاطر اندلاع حرب واسعة في المنطقة على الكيان، أقطاب الحكومة الإسرائيلية من توجيه الاتهامات إلى بعضهم، وتقاذف تحميل المسؤوليات عن الفشل. ولكن أخطر ما في الأمر، هو أن الخلاف المحتدم حالياً، هو بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، أي الرجلين اللذين يقودان الحرب بشكلها الحالي، وسيستمران في قيادتها في حال توسّعها. وتجلّى آخر فصول هذا الخلاف، في جلسة عقدها غالانت، أمس، مع «لجنة الخارجية والأمن» في «الكنيست»، حيث اعتبر أن «إسرائيل في مفترق طرق، فإما التسوية وصفقة تبادل، أو التصعيد»، مشيراً إلى أن موقفه هو والأجهزة الأمنية «هو الذهاب نحو تسوية وصفقة تبادل»، معتبراً أن «واجبنا هو تهيئة الظروف لإعادة المحتجزين من خلال ضغط عسكري وصفقة حتى لو كانت على أكثر من مرحلة». وقال غالانت لأعضاء اللجنة، إنه «فقط ما بين 20 و35 أسيراً إسرائيلياً في قطاع غزة، هم من الأحياء». وفي ما يتعلّق بالتهديدات من إيران و«حزب الله»، أشار غالانت إلى «أننا عزّزنا دفاعاتنا في الأيام الأخيرة عقب تهديدات إيران وحزب الله»، مضيفاً أنه كان قد أراد في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مهاجمة لبنان «لكن الكابينت لم يصدّق على الطلب، والآن لا أنصح بهذه المغامرة (...) فالظروف اليوم هي عكس ما كانت عليه في بداية الحرب». وعلّق ساخراً: «أسمعُ كل الأبطال يقرعون طبول النصر المطلق وهذا الهراء. رأيت الشجاعة عندما طُرح الموضوع للنقاش».
وعلى الفور، ردّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على تصريحات غالانت، وقال إن «النصر الكامل يتطلّب شجاعة أيضاً»، معتبراً أنه «عندما يتبنّى غالانت الرواية المعادية لإسرائيل، فإنه يضرّ بفرص التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى». وأضاف المكتب: «أمام إسرائيل خيار واحد فقط: تحقيق نصر كامل، وهو ما يعني القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وإطلاق سراح أسرانا، وهذا النصر سيتحقّق». وختم بالقول: «هذا هو التوجيه الواضح لرئيس الوزراء نتنياهو ومجلس الوزراء، وهو ملزم للجميع، بمن في ذلك غالانت». وعلّق المحلل السياسي في «القناة 12» الإسرائيلية، عميت سيجل، على ذلك باعتبار «العلاقة بين نتنياهو وغالانت خطراً على أمن إسرائيل، خاصة عشية التاسع من آب/ أغسطس (ذكرى خراب الهيكل) وترقّب ضربة خارجية». وأشار إلى أن «غالانت يرى أن نتنياهو يُضلّل الجمهور، ونتنياهو يرى أن غالانت جاسوس أميركي».
من جهة أخرى، تواصل الولايات المتحدة حشد القوة العسكرية والدبلوماسية للحؤول دون الردّ الإيراني وردّ «حزب الله»، أو تخفيف تأثيرهما إلى الحد الأدنى، بما يضمن عدم تضرّر إسرائيل بشكل حاد، ويجنّبها خوض حرب أوسع. وذكرت «فوكس نيوز» و«وول ستريت جورنال» الأميركيّتان أنه، بحسب التقديرات، فإن «الهجوم سيحدث في الأيام التالية». ونقل مراسل موقع «واللا»، باراك رافيد، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبار، قولهم إن «إيران اتّخذت خطوات تحضيرية مهمّة في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيّار، مماثلة لتلك التي اتخذتها قبل الهجوم على إسرائيل في نيسان/ أبريل، لكن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعرفان التوقيت الدقيق للهجوم»، في حين نقلت «أي بي سي» عن مسؤولين في الخارجية الأميركية، قولهم: «ما زلنا متفائلين بحذر بأن إيران ستحدّ من نطاق ردّها على إسرائيل»، مشيرين إلى توقّعهم المتزايد بأن تهاجم إيران إسرائيل «قبل يوم الخميس».
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم «البيت الأبيض»، جون كيربي، إن «نظراءنا الإسرائيليين يعتقدون بأن إيران أو وكلاءها سيشنّون هجوماً في الأيام المقبلة»، لافتاً إلى «تعديلات على وضع قواتنا في المنطقة» بسبب ذلك. وقال كيربي: «نتشارك التوقعات والقلق ذاته مع نظرائنا الإسرائيليين بأن هجوم إيران قد يحدث هذا الأسبوع». وفي الوقت عينه، عبّر كيربي عن «تشبّث» واشنطن «بمحادثات الخميس في محاولة لسدّ الثغرات ضمن اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة»، معتبراً أن «على قادة حماس أن يشاركوا في محادثات الخميس». وفي محاولة ممجوجة للضغط على طهران وحلفائها، في ربع الساعة الأخير، دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، إيران إلى «التراجع» عن تهديداتها بشن هجوم على إسرائيل. وقال القادة، في بيان مشترك بعدما تحدّثوا هاتفياً: «دعونا إيران إلى التراجع عن تهديداتها المتواصلة بشن هجوم عسكري على إسرائيل وبحثنا العواقب الخطيرة على الأمن الإقليمي في حال تنفيذ هجوم من هذا النوع». كما عبّر هؤلاء القادة عن التزامهم بـ«أمن إسرائيل» في وجه «تهديدات إيران وحلفائها الإرهابيين». ويأتي ذلك فيما من المتوقّع أن تصل إلى المنطقة، ابتداءً من اليوم، مجموعة من المسؤولين الأميركيين، الدبلوماسيين والعسكريين، للوقوف على التطورات المتسارعة، ومحاولة ردع «محور المقاومة»، أو تقليص تأثير ردوده على إسرائيل.