حالة التأهب ترهق العدو: جهود أميركا «الاحتوائية» لا تثمر
تسارعت وتيرة التأهب لدى جيش العدو الإسرائيلي، أمس، بعدما فشلت «الجهود الدبلوماسية المكثّفة» التي تقودها الولايات المتحدة منذ أسبوع، حتى الآن، في انتزاع تعهدات بردود «شكلية» على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، والقائد الشهيد فؤاد شكر في بيروت. ومن جهته، سعى رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى رفع معنويات جنوده ومستوطنيه، بمخاطبته إياهم خلال زيارته قاعدة «تل هشومير» العسكرية، حيث التقى بمجندي سلاح المدرعات وسلاح الهندسة القتالية، متوجهاً إليهم وإلى عموم الجمهور بالقول: «أعلم أن مواطني إسرائيل في حالة تأهب، وأطلب منكم شيئاً واحداً هو التحلي بالصبر ورباطة الجأش». وأضاف: «نحن نواصل التقدم نحو النصر، ومستعدون للدفاع والهجوم، نضرب أعداءنا وعازمون أيضاً على الدفاع عن أنفسنا».وعلى المقلب الأميركي، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، في إفادة صحافية، إنه «من الحماقة أن نفترض أن وكلاء إيران لن يشاركوا في الهجوم إذا قررت طهران تنفيذه، ونحن مستعدون لذلك»، علماً أن الولايات المتحدة عززت منظومتها العسكرية في المنطقة، أخيراً، ونشرت مزيداً من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لحماية حليفتها، إسرائيل، من الرد المرتقب. وفي المقابل، قال القائم بأعمال وزارة الخارجية الإيرانية، علي باقري كني، إن اغتيال هنية «ما كان ليحدث لولا دعم أميركا، وليس لدى طهران خيار سوى استخدام حقها في الدفاع عن نفسها في وجه الانتهاكات الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن طهران بذلت كل ما في وسعها لتجنب المواجهة في المنطقة، والرد سيحدث «في الوقت الصحيح وبالشكل المناسب».
وعلى الرغم من أن اغتيال هنية أدى إلى تقليص احتمالات التوصل إلى صفقة محتملة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة - في الوقت الذي اعتبر فيه العدو أن الاغتيال ربما يحمل المقاومة الفلسطينية على تقديم تنازلات في المفاوضات -، اعتبر كيربي أن الاقتراب من تحقيق الصفقة بات «أكبر من أي وقت مضى»، في ما يشي باستمرار الولايات المتحدة في اتباع سياسة العصا والجزرة، عبر إبقاء باب المحادثات مفتوحاً، وتسليط ضغط مضاد على إيران وحلفائها، في الوقت نفسه. وقال مكتب نتنياهو، رداً على تصريحات كيربي، إن «إسرائيل قدّمت عرضاً واضحاً، وحتى هذه اللحظة لم تتلقّ رداً من حماس»، فيما أشارت «هيئة البث» الإسرائيلية إلى أن المفاوضات «عالقة ولم يتم تحديد موعد لاستئنافها»، ونقلت، في الوقت عينه، عن مسؤولين أميركيين، أن «جولة جديدة ستبدأ بعد أن تهدأ التوترات الإقليمية».
وبعدما فشلت التقديرات السابقة في شأن توقيت الردّ، ومن بينها ما نقلته وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين من توقعهم أن يكون الإثنين أو الثلاثاء الماضي، قال كيربي إنه «لن يتحدث عن تقييمات الاستخبارات» بشأن توقيت أو إمكانية الرد، لافتاً إلى (أننا) «منخرطون في بعض الجهود الدبلوماسية المكثّفة في كل أنحاء المنطقة». وبالتوازي، استمرت التقديرات في الكيان حول هذا الأمر، إذ قالت «القناة 12» إن التقديرات تشير إلى أن «حزب الله سيكون أول من يبدأ الهجوم في الأيام القليلة المقبلة»، فيما ذكرت قناة «كان» أن التقديرات تفيد بأن «حزب الله سيهاجم في الأيام المقبلة ولن ينتظر إيران»، لافتة إلى أنه «تحسباً لرد إيراني وكنوع من ضربة دبلوماسية استباقية»، خاطب الكيان سلسلة من دول العالم بالرسالة الآتية: «سوف ندافع عن أنفسنا، ليس فقط بمفردنا، ولكن أيضاً مع التحالف الإقليمي وحلفائنا»، على غرار «التحالف» الذي دافع عن إسرائيل خلال الرد الإيراني، في نيسان الماضي، على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق. وفي هذا السياق، قال وزير الاتصال الحكومي الأردني، مهند المبيضين، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن بلاده أبلغت طهران بأنها «لن تسمح باستخدام مجالها الجوي لأي غرض».
وفيما كانت صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت أن «الولايات المتحدة طلبت من حكومات أوروبية تحذير إيران من أن شن ضربة كبيرة ضد إسرائيل سيتبعه رد فعل»، استجابت فرنسا للدعوات الأميركية تلك. وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه طلب من نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، «بذل كل ما في وسعه لتجنب تصعيد عسكري جديد لن يكون في مصلحة أي طرف»، معتبراً أنه «على إيران أن تتعهد بمطالبة الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تدعمها بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب اندلاع حرب». كذلك، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن آمالها في أن يضغط أعضاء «منظمة التعاون الإسلامي» على إيران لدفعها إلى عدم التصعيد، علماً أن المنظمة حمّلت أمس، خلال اجتماعها الاستثنائي، إسرائيل، «المسؤولية الكاملة» عن اغتيال هنية، والذي اعتبرته «اعتداءً خطيراً على سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلامتها الإقليمية وأمنها القومي». وعلى هامش الاجتماع، صدر أول تعليق من قِبل السعودية على اغتيال هنية، حيث عدّه نائب وزير الخارجية، وليد الخريجي، «انتهاكاً سافراً»، لافتاً إلى أن بلاده ترفض «أي اعتداء على سيادة الدول أو أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة».