للمرة الأولى منذ 1973... هدفٌ ثمينٌ في جبل الشيخ
أعلن حزب الله منذ أيام استهداف مركز الاستطلاع الفني والإلكتروني في جبل الشيخ بمسيّرات انقضاضية، في أكبر عملية جويّة ينفّذها منذ 8 أكتوبر، موجّهاً رسالة ميدانية عالية السقف.
تكمن أهمية هذه العملية، من حيث الشكل، بأنها استهدفت مركزاً إسرائيلياً استراتيجياً لم يتعرّض لأي قصف منذ العام 1973، ومن حيث المكان، كونه يقع في منطقة الجولان المحتلّ والاستهداف انطلق من لبنان.
"هذا الموقع الموجود في جبل الشيخ هو طبعاً موقع هام"، يقول العميد الركن المتقاعد خالد حمادة، وهو يُستخدَم حالياً للإتصالات وفيه قوات عسكرية لإسرائيل، موضحاً أنه "تعرّض في العام 1973 لمجموعة عمليّات قامت بها القوات السوريّة حينها، وتمكّنت من احتلال الموقع ثمّ تمكّنت إسرائيل من استعادته. وصار هذا الأمر أكثر من مرّة واحدة ذلك العام، وفي ما بعد سيطرت القوات الإسرائيلية عليه وحصل وقفٌ لإطلاق النار".
ويُعتبر استهداف مرصد الاستطلاع في جبل حرمون أكبر عملية للقوات الجوية في حزب الله، لأنه أعلى هدف يتعرض للاستهداف منذ بداية المعارك في الجنوب بعد عملية طوفان الأقصى، حيث يبلغ ارتفاعه 2230 متراً تقريباً.
فلماذا استهدافه الآن؟ يجيب حمادة: "هذا الموقع بحدّ ذاته، له قيمة عسكرية إذا كان سيُستعمل كنقطة يتمّ احتلالها للانطلاق في ما بعد لمُتابعة الهجوم. اليوم هو مُدرَج على لائحة الأهداف ويُقصَف لأسباب تتعلق بالقدرات الرادارية، وهذا هدف ثمين. ولكن في العام 1973 لم يكن الهدف وقتها تدمير القدرات الرادارية وقدرات الاتصال والتشويش، بل كان القصد فقط احتلاله".
هل هذا يعني توسيع دائرة الاستهدافات؟ يعتبر حمادة أن "هناك توسيع ربما لضمّ الجبهة السورية لجبهة لبنان، ولكن ما زلنا في العمق نتكلم بالكيلومترات المحدودة. والأسلحة المستخدمة، هي أسلحة يمتلك حزب الله قدرات أكثر منها، ولكن هناك ضوابط إيرانيّة وأميركيّة لمنع توسّع الاشتباكات ولتبقى تحت السّيطرة".
ما يحصل في الميدان لا يمكن فصله على التوجه السياسي العام في المنطقة، وهنا يستطرد حمادة ليقول: "ما أقرأه من هذا الموضوع أنّ طهران تريد أن توجه رسالة لواشنطن عبر حزب الله مفادها أن إيران قد تُقدم على توجيه ضرباتها إلى أهدافٍ ثمينة في عمق الأراضي المحتلّة لأنّ طهران تعتقد أنه يجب إعادة بناء الثقة بينها وبين الولايات المتحدة وأن تكون طهران جزءاً من منظومة الأمن في الشرق الأوسط المعنيّة بأمن إسرائيل".
ويضيف "هذه هي الرسالة التي يُمكن قراءتها من هذه الاشتباكات المحدودة. أمّا من جهة الرسالة التي تريد الولايات المتحدة الحفاظ عليها وتظهر من خلال إجراءات عدّة تقوم بها، وهي أنّها لا تُزوّد إسرائيل بقذائف 1500 و2000 رطل التي تؤدّي إلى حربٍ مُدمّرة إذا استُخدمت، لأنّه كذلك الولايات المتحدة ربما تريد قبل الانتخابات أن تذهب إلى "ستاتيكو" ما في غزّة بعدها يُبنى على الشيء مقتضاه، وكذلك تريد الولايات المتحدة أن تفرض تطبيق الـ1701 من دون حروب. وبالتالي إذا تعثّر هذا الموضوع وإذا عجزت الولايات المتحدة عن تطبيق الـ1701 وإذا لم تقتنع طهران بأنّ استقرار إسرائيل بعد "طوفان الأقصى" لا يُمكن إعادة إنتاجه وتحقيقه بالوسائل نفسها التي كانت منتجة سابقاً بمعنى أن تكون هناك ميليشيات في منطقة جنوب الليطاني.. هذا يعني أنّنا ذاهبون إلى صدامٍ أكيد".
وفي الختام، يخلص حمادة إلى أن "ما يُمكن أن نسمّيه اليوم "توسعة للأهداف والاشتباكات"، أعتقد أنّه يبقى محدوداً ضمن الحدّين الأميركي والإيراني، اللذين قد يُصبحان غير صالحين للعمل إذا ما اتُخِذ قرار أميركي بأنّه لا تقبل أميركا بأن تكون على حدود إسرائيل ميليشيات مسلّحة، بالتالي سنذهب إلى جولة جديدة من العنف قد تكون أكثر دموية وأكثر عنفاً وتُستخدم فيها وسائل أميركية ووسائل متحالفة مع أميركا، لأنه في هذه الحال يكون الصراع إيرانيًّا أميركيًّا، وليس بين إسرائيل وحزب الله".