دائرة معارضي الترشّح تتوسع: بايدن أكثر ضعفاً
في أهم «استحقاق» له منذ أدائه المتعثّر في المناظرة الرئاسية الأولى، الشهر الماضي، فشل الرئيس الأميركي، جو بايدن، على ما يبدو، في الحد من «الهجمة» الديموقراطية عليه، أثناء خطابه في ختام قمة «الناتو» الـ75. إذ دعا ثلاثة ديموقراطيين إضافيين، في أعقاب الخطاب، الرئيس، إلى التنحّي عن السباق الرئاسي، فيما أفادت أربعة مصادر مطلعة، شبكة «سي بي أس» الأميركية، الخميس، بأنّ العشرات من الديموقراطيين يستعدون لإصدار بيانات، في الـ48 ساعة القادمة، يدعونه فيها إلى سحب ترشّحه. ويأتي هذا رغم أنّ بعض المراقبين اعتبروا أنّ خطاب بايدن جاء «متماسكاً» في ما يتعلق بشق السياسة الخارجية، رغم ما شابه من تلعثم وصعوبة في الكلام.وكان أكد بايدن، في الخطاب المشار إليه، أن الولايات المتحدة لا يمكنها «التخلي عن دورها الريادي في العالم»، مهاجماً منافسه الجمهوري، دونالد ترامب، باعتبار أن الأخير «غير ملتزم تجاه حلف (الناتو)». كما أشار بايدن إلى أن حلفاء الولايات المتحدة «أخبروه»، في قمّة «حلف شمال الأطلسي»، بأن أي ولاية رئاسية جديدة لترامب ستكون «كارثية»، متابعاً: «لم أسمع أياً من حلفائي الأوروبيين يقولون (جو، لا تترشّح). بل ما أسمعهم يقولونه هو (عليكَ أن تفوز. لا يُمكنكَ السماح لهذا الرجل بالتقدُّم. سيكون ذلك كارثياً)». حتى إنّ بايدن أكّد أنه مستعد للتعامل مع الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، لمدة رئاسية جديدة، مضيفاً أنّه «لا يوجد أيّ زعيم عالمي لستُ مستعداً للتعامل معه». كذلك، تطرق ساكن البيت الأبيض إلى الحرب في غزة، مشيراً إلى أنّ «إدارته تحرز تقدماً إيجابياً نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».
على أن بايدن ارتكب، مرة جديدة، عدداً من الهفوات، التي حظيت بالقسط الأكبر من اهتمام مؤيديه وخصومه على حدّ سواء. إذ قدّم نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على أنّه «الرئيس بوتين»، قائلاً: «والآن، أترك الكلام لرئيس أوكرانيا الذي يتمتّع بقدر كبير من الشجاعة والتصميم. سيّداتي، سادتي، إليكم الرئيس بوتين»، قبل أن يُصحّح خطأه، ويعلّله بأن تركيزه «منصبّ على هزيمة» الرئيس الروسي. كما قدّم بايدن نائبته، كامالا هاريس، خطأً باسم «ترامب». وسرعان ما سخر الأخير من زلة لسان بايدن، قائلاً في منشور على شبكته «تروث سوشال»: «عمل جيد يا جو!».
وعليه، ورغم أن بايدن أكد، في غير محطة أخيراً، أنّه «المرشح الوحيد القادر على هزيمة ترامب»، مشيراً، في خطابه الأحدث، إلى أنّه خضع لـ«ثلاثة فحوص عصبيّة مكثّفة ومتواصلة، أجراها طبيب أعصاب، كان آخرها في شباط، وتُظهر أنني في حالة جيّدة»، وقائلاً: «أنا بخير. قُدراتي العصبيّة يجري اختبارها يومياً عبر القرارات التي أتّخذها كلّ يوم»، فقد توسّعت دائرة معارضي الرئيس لتشمل كبار المقربين له. فإلى جانب ضمّ عدد من الديموقراطيين أصواتهم، أخيراً، إلى «دُعاة» تنحّي بايدن، ومن بينهم عضو مجلس النواب جيم هايمز، الديموقراطي الأعلى مستوى في «لجنة المخابرات» التابعة لمجلس النواب، ليصبح عدد هؤلاء نحو 16 نائباً، إضافة إلى عضو في «مجلس الشيوخ»، فقد كان لافتاً تداول وسائل الإعلام الغربية معلومات تفيد بأنّ دائرة بايدن «الضيقة» أصبحت تبحث طرقاً لإقناعه بالتنحي.
وفي السياق، أوردت صحيفة «نيويورك تايمز»، الخميس، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، معلومات تفيد بأنّ بايدن وجد نفسه «معزولاً بشكل أكبر»، الخميس، بعدما أصبحت مجموعة ضيقة من مساعديه ومستشاريه القدامى مقتنعة بأنّ عليه اتخاذ «قرار مؤلم ولكن حتمي» بالتخلي عن حملته الانتخابية. وأضافت الصحيفة أنّه في الأيام الأخيرة، كانت المجموعة تحاول التوصل إلى أساليب لإقناع بايدن بالتنحي عن الحملة، فيما ما من مؤشرات إلى أنّ بايدن على دراية بهذه المباحثات بعد. وتشمل تلك الأساليب إثبات أنّ بايدن غير قادر على هزيمة ترامب، وأنّ مرشحاً آخر، على غرار نائبته هاريس، قادر على ذلك، إضافة إلى طمأنة الرئيس إلى أنّه في حال تنحيه، فإن عملية اختيار مرشح آخر ستكون منظمة، ولن تتسبب بفوضى داخل الحزب الديموقراطي.
وفي تقرير منفصل، تطرقت الصحيفة نفسها إلى تصريحات صدرت، الأربعاء، عن رئيسة مجلس النواب السابق، نانسي بيلوسي، والتي تعد واحدة من الأشخاص «القلائل» الذين «يهتم الرئيس الديموقراطي برأيهم»، مشيرةً إلى أنّ بيلوسي لجأت إلى «مسار آخر» لإقناع بايدن بالتنحي، عبر التعبير عن «الاحترام بدلاً من الذعر»، معتبرةً أنّ الوقت «ينفد» أمام الرئيس، وداعيةً إياه إلى اتخاذ القرار «الذي يراه مناسباً». وأثارت تعليقات بيلوسي تلك، والتي جاءت في أعقاب إصدار بايدن بياناً، الإثنين، يؤكد فيه أنّه دخل السباق الرئاسي لـ«يفوز به»، صدمة في أوساط عدد من مسؤولي البيت الأبيض. وبدوره، أفاد موقع «أكسيوس» بأنّ زعيم الغالبية في «الشيوخ» الأميركي، تشاك شومر، كان ينقل، في المدة المنصرمة، إشارات إلى المانحين، مفادها بأنه منفتح على لائحة رئاسية ديموقراطية لا يقودها بايدن. ورغم أنّ شومر أصر، في تصريحاته العلنية سابقاً، على أنّه «يدعم جو»، إلا أنّه، طبقاً للموقع، وعلى مدار الأيام الـ12 الماضية، كان «يصغي» إلى أفكار المانحين واقتراحاتهم، حول أفضل طريقة ممكنة لـ«المضي قدماً بالحزب الديموقراطي».