مفاوضات جديدة بمشاركة إسرائيل... اشنطن لتل أبيب: حان وقت الصفقة
عقب وصول ردّ حركة «حماس» على مقترح الصفقة الإسرائيلي - الأميركي، أول من أمس، انطلقت نقاشات بين مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمستوى السياسي لصياغة موقف إسرائيل النهائي، أفضت إلى اتّخاذ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قراراً بإرسال وفد التفاوض برئاسة رئيس «الموساد»، ديدي برنياع، إلى الدوحة. وعليه، غادر الوفد تل أبيب مساء أمس، على أن يلتقي رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قبل انطلاق أولى جولات المفاوضات اليوم.وعقب اتّخاذ نتنياهو قراره، بعد مداولات مع الأجهزة الأمنية، تلقّى رئيس الحكومة، اتصالاً من الرئيس الأميركي، جو بايدن، ركّز فيه الرجلان على «تفاصيل مفاوضات الإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار»، كما ناقشا «القضايا العالقة التي يرتبط معظمها على وجه التحديد بكيفية تنفيذ الاتفاق»، بحسب مصدر كبير في الإدارة الأميركية، أضاف أن بايدن قال لنتنياهو في المحادثة التي استمرت 30 دقيقة: «حان الوقت لإبرام الصفقة». وقال بايدن، في وقت لاحق: «تحدّثت مع نتنياهو لمناقشة جهود وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن».
وبحسب مسؤول في الإدارة الأميركية، فإن «بايدن وفريقه قاما بدراسة رد حماس، ومن الواضح أن الرد يحرّك العملية إلى الأمام ويمكن أن يوفّر الأساس لاتفاق». وأضاف المسؤول: «رسالتنا هي أن الوقت حان لإتمام الاتفاق، وبايدن ونتنياهو يدركان أين توجد الفجوات، وسنبذل ما بوسعنا لإنجاز الأمر». كما شارك في المحادثة، كل من مدير المخابرات المركزية ومستشار الأمن القومي الأميركييْن، بحسب «هيئة البث» الإسرائيلية، في حين أشار مكتب نتنياهو، في بيان، إلى أن الأخير «أكّد لبايدن التزام إسرائيل بإنهاء الحرب، فقط بعد تحقيق كل أهدافها».
وفي أعقاب وصول ردّ «حماس»، فُتحت جبهة «مواجهة» إضافية بين الجيش والأجهزة الأمنية من جهة، وبين مكتب نتنياهو من جهة أخرى، وذلك بعد توترات سابقة دفع إليها موقف هيئة الأركان، والذي بات مؤيداً لوقف الحرب بشكلها الحالي، حتّى لو أدى هذا الخيار إلى بقاء «حماس» بشكل مؤقت في السلطة، كونه سيتيح في المقابل فترة هدوء وراحة يتمكّن خلالها الجيش من استعادة طاقته التي استُنزفت، ويُستعاد فيها الأسرى. وخلال اليومين الماضيين، أكّدت المؤسسة الأمنية، في غير تصريح وتسريب، أن موقف «حماس» إيجابي، ومن خلاله بالإمكان الانطلاق نحو المفاوضات بهدف التوصل إلى صفقة، وهو ما قاله أيضاً وزير الأمن، يوآف غالانت، لعائلات الأسرى. ويعاون المستوى الأمني، الأميركيون، الذين يرون، بحسب مسؤول أميركي رفيع، أن «ردّ حماس يدفع عملية التفاوض إلى الأمام، وقد يوفّر الأساس لإبرام صفقة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي».
وتتضارب التقديرات في الكيان حول ما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات، إذ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن مصدر مطّلع، قوله إنه «يمكن التوصل إلى صفقة تبادل خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع»، بعدما «أصبحت القضايا الأساسية خلفنا، والمفاوضات ستدور حول التفاصيل وليس المبادئ العريضة». كما نقلت «القناة 13» عن مصادر في الوفد المفاوض، قولها إنه «من ناحيتنا يمكن التوصل إلى اتفاق لكن كل شيء متعلق بنتنياهو»، مشيرة إلى أن «رد حركة حماس يتضمّن اختراقاً كبيراً جداً». أما «القناة 12» فنقلت عن مصدر سياسي قوله إن «نتنياهو يؤكّد أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها»، فيما أشارت «القناة 13»، الى أن «نتنياهو يطلق تصريحات إعلامية تحت مسمى مصدر سياسي عن قبوله إرسال وفد لاستئناف التفاوض».
وفي غضون ذلك، وبينما يبدي الوسطاء في الدوحة والقاهرة حماسةً لاستئناف المفاوضات، لا تبدّد التطورات الأخيرة «المخاوف» إزاء موقف الحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً نتنياهو. وبحسب مصادر مصرية مطّلعة، فإن الوسطاء يخشون من أن «تكون المبادرة الإسرائيلية بالحديث الإيجابي عن الردّ المعدّل لحماس على المقترح الأميركي - الإسرائيلي، مناورة جديدة من حكومة نتنياهو، في ظلّ عدم الرغبة في إيقاف الحرب بشكل كامل». لكن في الوقت عينه «ترى القاهرة أن المناورة هذه المرة لن تكون في صالح نتنياهو الذي يستعدّ للتوجّه إلى البيت الأبيض بعد أسابيع»، وتتوقّع أن «يكون التوصل إلى التهدئة قبل زيارته لواشنطن، الهدية التي سيحملها معه إلى هناك، لكسب الدعم السياسي الأكبر».