أسهم الحرب والتسوية تتسابق جنوباً
لا تزال جبهة الجنوب على احتدامها، مسيّرات "حزب الله" وصواريخه ترد باستمرار على القصف الإسرائيلي والاستهدافات الجنوبية، وكانت حصيلة أمس استشهاد ثلاثة عناصر للحزب مقابل جرح عدد كبير من جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وإذا كان لم يُتخذ بعد قرار الحرب الواسعة في إسرائيل، وهذا ما عكسته بوضوح تصاريح وزيري الحرب والخارجية يواف غالانت ويسرائيل كاتس، اللذين قالا إن "إسرائيل تقترب من الحسم"، لكن من الواضح ألا قرار بعد، فإنه بالتوازي ثمّة انتظار لآخر مساعي السياسة والديبلوماسية قبل خوض حرب مدمرة.
لكن الوقت بدأ ينفد، وحسب تصريحات رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن عملية رفح ستنتهي خلال أيام قليلة، وبالتالي وحسب ما هو متوقع، فإن بعد ذلك ستتجه الأنظار حكماً الى جبهة لبنان.
ويرى مراقبون أن أسهم توسيع الحرب وأسهم التسوية متعادلة، فالحكومة الإسرائيلية التي تُبدي استعدادها الدائم للحرب وفرض واقع أمني جديد يُعيد المستوطنين إلى الشمال، ورفض "حزب الله" الانسحاب إلى شمال الليطاني واشتراطه تراجعاً إسرائيلياً مُشابهاً لتراجعه المحتمل، يعنيان أن الأمور معقّدة.
لكن في الوقت نفسه، فإن تكلفة الحرب ستكون عالية جداً على إسرائيل وليس فقط على لبنان، وبحسب المراقبين، فالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أعلن جهاراً أنّه لا يُريد توسيع الحرب، وعلى المقلب الآخر، نتنياهو يُشير إلى أن حكومته جاهزة للتسوية في حال كانت مناسبة لشروطه.
وفي هذا السياق، فإن الحرب النفسية والاستطلاع بالنار على أشدهما، فالحشود العسكرية الإسرائيلية مستمرّة بالتجمّع شمالاً بعدما انتهت أدوارها في غزّة، مع تجهيز لمستشفيات ومرافق استعداداً لتوسيع الحرب عبر المناورات، في حين أن الطيران الحربي لا يُغادر الأجواء ويزيد من خرقه لجدار الصوت الذي يحمل رسائل متعدّدة.
ليل السبت الأحد، خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت بشكل واسع فوق مختلف الأجواء اللبنانية، وفي ذلك رسالة مفادها أن سلاح الجو قادر على التحرّك بحرية، وقد يحمل الخرق في طياته هدف استطلاع قدرات "حزب الله" الصاروخية الجوية وقدرتها على إصابة المقاتلات، وهذا ما يُسمّى الاستطلاع بالنار.
وبعيداً عن المشهد اللبناني، فإن الأنظار عالمياً تتجه إلى فرنسا ونتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التي تشهد تقدماً كبيراً لليمين المتطرف وخسارة لائتلاف الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، وحسب ما تشي المشهدية، فإن اليمين المتطرف سيحقق الفوز في الانتخابات ويتجه نحو الحكومة.
الانتخابات وُصفت بـ"التاريخية"، فإلى جانب النتائج غير المسبوقة المرتقبة مع فوز اليمين ووصوله إلى الحكم، فإن الانتخابات شهدت مشاركة قياسية، وتوقع معهد "إيبسوس" لاستطلاعات الرأي أن تناهز نسبة المشاركة 67.5%، وهي النسبة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات 1978 التشريعية، باستثناء اقتراع 1986 الذي جرى حسب النظام النسبي وعلى دورة واحدة.
إذاً، من اليمين الإسرائيلي إلى اليمين الفرنسي مروراً باليمين الأميركي، يبدو أن النزعات اليمينية المتطرفة تتنامى عالمياً، وهو ما يُشكل تهديداً حقيقياً على قضايا حقوق الإنسان وشعوب دول العالم الثالث، ولبنان لن يكون بمنأى عن تبعات السياسات اليمينية الإقليمية والدولية.