"إقتحام مراكز إسرائيلية" قرب لبنان.. رسائل من "الحزب" غير عادية!
استعادت جبهة الجنوب اللبناني مجدداً الاهتمام السياسي والأمني، إذ تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل على طول الحدود، الأمر الذي يشير إلى دلالات عديدة، خاصة مع زيادة تأثير حزب الله وتطور عملياته العسكرية داخل إسرائيل، بينما توسعت الضربات الإسرائيلية في لبنان.
ويشير منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة في حديثٍ عبر "الجزيرة نت"، إلى أن التصعيد العسكري هدفه ردعي ولدعم غزة والضغط على إسرائيل مع بدء عملية رفح، ولكن الرسالة المقلقة اليوم لإسرائيل مع زيادة وتيرة التصعيد، أن حزب الله جاهزٌ للعودة إلى فترة ما قبل عام 2000، أي بدء عمليات الاقتحام للمراكز العسكرية الإسرائيلية.
ويدلل على حديثه بالعمليات التي نُفذت على الحدود في مراكز راميا والمالكية وغيرهما، بحسب المقاطع المصورة التي تم نشرها ويظهر فيها استخدام المقاومين أسلحة تقليدية، مثل القذائف المضادة للدروع و"بي 7″ وقذائف الهاون عيار 81 مليمترا، ورشاش "بي كيه سي"، و"الكلاشنكوف"، بينما لا تظهر أسلحة دقيقة مثل "صواريخ ألماس"، وهو ما يدل على أن هذه العمليات كانت هجومية وليست لضرب المراكز، بحسب العميد.
رسائل نوعية
يقول العميد شحادة إنه مع وجود العديد من المراكز الإسرائيلية المنتشرة في المناطق الحدودية من الناقورة إلى مزارع شبعا، يمكن للمقاومة تنفيذ عمليات بسهولة، حيث تشير المعلومات الأمنية إلى أنه لا يوجد أكثر من ألف جندي في الحافة الأمامية للحدود، بسبب خوفهم من هجوم عسكري من قبل "حزب الله".
ومع تمكن الحزب من إسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية من طراز "هرمز 900″، فإن ذلك يؤكد -بحسب شحادة- قدرته على امتلاك صواريخ مضادة للطائرات، قادرة على استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز "إف-35″ و"إف-15″ و"إف-16".
ويعتبر العميد شحادة أن إسقاط الطائرة يعد عملاً عسكرياً بأهداف إستراتيجية، حيث يتضمن أولاً إسقاط طائرة تجسس، وثانياً إرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل بأن لدى المقاومة القدرة على استهداف الطائرات الحربية، وهو ما يجعل كل سلاح جو إسرائيلي في وضع خطير.
كذلك، يرى منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية أن هذه العمليات تحمل رسائل ذات حدين لإسرائيل:
- الأولى أن "حزب الله" ظهر على بعد أمتار من الجنود الإسرائيليين رغم حديث وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت المتكرر عن إبعاد عناصر الحزب عن الحدود.
- الثانية أن الحزب في المرة القادمة قادر على إعادة مرحلة ما قبل عام 2000 بقيامه بعمليات اقتحام لمراكز إسرائيلية، وأنه مستعدة للعودة إلى تلك الفترة.
ويشير شحادة إلى أن الحزب قصف قاعدة "برنيت" بصواريخ بركان المدمرة، وعرض مشاهد تُظهر حجم الدمار الهائل الذي تسببت به، مشيراً إلى أنّ أهم ما في الأمر هو قصف قاعدة قيادة اللواء 769، حيث عرضت إسرائيل مقطع فيديو يُظهر مدى الأضرار التي لحقت بها، كما أن نجاح الحزب بقصف معمل حربي في عكا بجبل ميرون باستخدام صواريخ كاتيوشا بأعداد كبيرة يُظهر استعداده وقدرته على الرد بقوة.
جبهة إسناد
من جهته، يقول الخبير بالشؤون الإسرائيلية علي حيدر للجزيرة نت، إن أداء حزب الله العملياتي، بما في ذلك التصعيد الذي تشهده جبهة لبنان، يحكمه في الإطار العام عنوانان رئيسيان، التطورات في جبهة غزة، والاعتداءات الإسرائيلية على الساحة اللبنانية.
ويشير إلى أن تصعيد حزب الله جاء ليخدم هذين الاتجاهين معا، حيث تم رفع مستوى الضغوط الميدانية لتشكل دعامة للجبهة الرئيسية في قطاع غزة، وأيضا جاءت ردا على الاعتداءات التي نفذها الجانب الإسرائيلي في عدة بلدات لبنانية، "ورغم أنها لا تزال تتماشى مع قواعد الاشتباك، إلا أنه من الواضح أنها تتحرك بنسبة معينة".
ورأى الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن من أبرز الرسائل التي تنطوي عليها ضربات حزب الله النوعية والمكثفة، حضورها كعامل مؤثر في حسابات القرار السياسي والأمني الإسرائيلي إزاء تقديره لكلفة مواصلة خيار الحرب على غزة، والإيضاح للقيادات الإسرائيلية أن التصعيد على جبهة لبنان سترتفع وتيرته بشكل تصاعدي باعتبارها جبهة إسناد.
وبحسب حيدر، فإن تصعيد العمليات التي ينفذها حزب الله ردا على التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة أيضا يشكل تعزيزاً لموقع الحزب في قواعد الاشتباك التي تحكم حركة الميدان، وكذلك بهدف إفهام الجانب الإسرائيلي أن تصاعد اعتداءاته على لبنان ستقابل من المقاومة اللبنانية بمسار تصاعدي من العمليات.
بناء على ذلك، يقول الخبير إن الجانب الإسرائيلي سيضطر إلى وضع نفسه أمام خيارين، إما التكيف مع وتيرة وسقف العمل الذي فرضته المقاومة على جبهة لبنان بدعم من غزة، والذي ارتفع إلى مستويات جديدة، أو التحرك نحو مواجهة أوسع قد تتسم بأبعاد أخطر على العمق الإسرائيلي.
عمق أزمة الشمال
ويرى العميد شحادة أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجبهة الشمالية، جاءت لطمأنة المستوطنين بأن الوضع آمن ومستقر، ولكن المعلومات الدقيقة تُظهر أنه عندما وصل إلى الجبهة الشمالية، تمت مواكبته بواسطة 16 طائرة من طراز "إف-15" و"إف-16″، بالإضافة إلى طائرات استطلاع من طراز "هرمز 900″، كما تمركزت بوارج في البحر لمراقبة الوضع، خوفا من ردة فعل من المقاومة.
وكان من اللافت جدا -بحسب شحادة- أن يطلب رئيس البلدية في مستوطنة مارغليوت وبشكل علني من الجيش الإسرائيلي الانسحاب، بعد أن تم استهدافهم من قبل حزب الله، كما دعا مجموعة من رؤساء بلديات المستوطنات في الشمال إلى الانفصال عن إسرائيل وإنشاء دولة الجليل الأعلى.
واعتبر أن هذه الخطوة بالرغم من كونها نظرية وإعلامية، إلا أنها تُظهر مدى الأزمة الكبيرة التي يعاني منها المستوطنون في الشمال، ويُحذرون نتنياهو من عدم اهتمامه بأمورهم، وهذا هو السبب الذي دفع نتنياهو لزيارة هذه الجبهة.