الاعتراف الأوروبي الثلاثي بفلسطين يدخل «حيز التنفيذ»
دخل، أمس، قرار كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطينية، حيز التنفيذ، إذ أعلن رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، اعتراف بلاده «رسمياً» بالدولة الفلسطينية، قبل أن يتبعه، في اليوم نفسه، اعتراف مماثل من قبل إيرلندا بإقامة «علاقات ديبلوماسية كاملة بين دبلن ورام الله»، وتعيين سفير فلسطيني لدى الأخيرة. وفي وقت لاحق، أعلن وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، اعتراف حكومة بلاده بفلسطين، مشيراً إلى أنّه «منذ أكثر من 30 عاماً، كانت النرويج واحدة من أقوى المدافعين عن إنشاء دولة فلسطينية»، وأنّ الاعتراف النرويجي الرسمي اليوم «يعدّ علامة فارقة في العلاقة بين النرويج وفلسطين». كذلك، أعلنت إيرلندا، في بيان صادر عن الحكومة، أنّه «بطلب رسمي من السلطات الفلسطينية، سترفع الحكومة الإيرلندية وضع البعثة الفلسطينية في إيرلندا إلى مستوى السفارة، وتسمح بتعيين سفير من دولة فلسطين في إيرلندا»، بالإضافة إلى تعيين سفير للبلاد في فلسطين، في إطار سفارة «كاملة» في رام الله. وأردف البيان أنّ «الاعتراف بفلسطين ليس النهاية بل البداية»، وأن دبلن «ستواصل العمل من كثب مع السلطة الفلسطينية».وفي أعقاب إعلان القرار، دعا رئيس الوزراء الإيرلندي، سيمون هاريس، رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، «مرة جديدة، إلى الإصغاء إلى العالم، ووقف الكارثة الإنسانية التي نشهدها في غزة». أمّا سانشيز، فاعتبر، من جهته، قرار مدريد «خطوة تاريخية»، ستتيح التوصل إلى «حل الدولتين» «وتحقيق السلام»، لافتاً إلى أنّ إسبانيا «ستنضم إلى أكثر من 140 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية»، والتي تعدّ «حقاً مشروعاً للشعب الفلسطيني». وطبقاً لسانشيز، فلن يتم «الاعتراف» بأي تغييرات على حدود الـ1967، من دون أن يتم التوصل إلى اتفاق حولها من قبل «جميع الأطراف». وبحسب وسائل إعلام إسبانية، سيلتقي سانشيز، اليوم، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد مصطفى، بالإضافة إلى وزراء خارجية عدد من الدول العربية، لـ«بحث الأوضاع»، بعد اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية.
وكان لا بدّ من أن تقابل خطوات الدول الثلاث بتنديد قوي من الجانب الإسرائيلي، إذ سرعان ما استدعت إسرائيل مبعوثيها إلى إيرلندا والنرويج، لإجراء «مشاورات عاجلة»، مهددةً أيضاً «بسحب السفير الإسرائيلي من إسبانيا». كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، رداً على تصريحات سانشيز، إن الأخير «متواطئ في التحريض على قتل الشعب اليهودي، عبر اعترافه بدولة فلسطينية». ودفع «الهجوم الإسرائيلي» على الدول الأوروبية الثلاث وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إلى التأكيد، في حديث أمام الصحافيين أمس، أن إسبانيا سترد رداً «حازماً وهادئاً» على أي «هجمات» ديبلوماسية أو استفزازات من قبل إسرائيل، وذلك بـ«التنسيق مع النروج وإيرلندا، اللتين تتعرضان للنوع نفسه من التضليل الإعلامي الدنيء والهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي»، على حدّ قوله.
على أنّ «الحراك» الغربي نحو الاعتراف بدولة فلسطينية لم يقتصر على الدول المشار إليها فحسب، إذ أعلنت مجموعة من الدول الأخرى، من بينها بريطانيا وأستراليا ومالطا وسلوفينيا، في الأشهر القليلة الماضية، نيتها اتخاذ خطوة مماثلة، إنما من دون تحديد سياق زمني محدد للقيام بذلك. كما بدأ حزب «سيريزا» اليوناني المعارض، في الأيام الماضية، ممارسة ضغوط على الحكومة اليونانية للاعتراف بدورها بدولة فلسطينية، فيما أكد رئيس الحزب، أليكسيس تسيبراس، أنّه يتوجب على أوروبا أن يكون لها «رأيها» الخاص في ما يتعلق بالحرب الدائرة في غزة، من دون أن تكون مضطرة إلى اتباع «الخطوات الأميركية» في تحركاتها. في المقابل، وإلى جانب استمرار واشنطن بمعارضة الخطوات الأوروبية، بذريعة أنّ الاعتراف بأي دولة فلسطينية يجب أن يتم «عبر الحوار المباشر مع إسرائيل»، فقد صوّت، أمس، برلمان الدنمارك ضد مشروع قانون للاعتراف بفلسطين.