الانتخابات البلدية على "أجندة" الجلسة التشريعية.. ماذا في الكواليس؟!

ينتظر لبنان نتائج المفاوضات الحكومية مع صندوق النقد. وقد أشارت اجواء الوفد اللبناني، الذي اجتمع مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الى ان المجتمع الدولي يصر على ضرورة شروع الدولة اللبنانية في تنفيذ الاصلاحات المالية من دون اي ابطاء، وهو لا يرى ان لبنان اتخذ خطوات عملية لتحقيق قانون الانتظام المالي الذي هو المدخل الفعلي لاعادة الودائع.
على "أجندة" الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الخميس المقبل، تحضر الانتخابات البلدية والاختيارية، إلى جانب مشروع قانون السرية المصرفية، وذلك من بوابة عدد من اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة التي تمّ تقديمها في الآونة الأخيرة، بخصوص إجراء تعديلات على أحكام قانون البلديات النافذ، خصوصًا في ما يتعلق ببلدية بيروت، في ضوء النقاش القائم في البلد حول "ضمان" المناصفة فيها.
وعلى الرغم من أنّ بعض الاقتراحات التي تمّ التداول بها مؤخرًا يدعو إلى "تأجيل تقني" للاستحقاق، حتى تدخل التعديلات حيّز التنفيذ، فإنّ نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب كان حريصًا بعد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب على القول إنّ هناك إصرارًا على ألا يتمّ تأجيل الانتخابات البلدية، وإن أيّ اقتراح "يعرقل أو يؤجل الانتخابات، من الصعوبة أن يمرّ"، خصوصًا انّ الجلسة التشريعية ستعقد بعد يوم من إقفال الترشيحات في انتخابات جبل لبنان.
وأشار بو صعب إلى أنّ المطلوب الآن "تعديل قانون الانتخابات بما يتعلق ببلدية بيروت"، متناغمًا بذلك مع ما سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن أعلنه، حين قال لصحيفة "النهار" عشية التئام هيئة المكتب إنّه يميل إلى "اللوائح المقفلة لتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين"، مع تشديده في الوقت نفسه على أنّ القرار النهائي يعود لمجلس النواب، فهل يقتصر البحث فعلاً على هذا الموضوع، أم يعود التأجيل ليُطرَح بصورة أو بأخرى؟!
بلدية بيروت تتصدّر..
على الرغم من تنوّع الآراء داخل مجلس النواب، يقول العارفون إنّ البحث الأساسي حول الاستحقاق البلدي يتركّز حول وضع انتخابات العاصمة بيروت، في ضوء الهواجس القائمة بشأن إمكانية الوصول إلى مجلس بلدي لا يحترم المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ويضرّ بالتالي بالتوازن الطائفي المعمول به، وهي هواجس تصاعدت أكثر مع قرار رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري مقاطعة الانتخابات بالمُطلَق، تأييدًا وترشيحًا.
ومع أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد أعلن قبل فترة أنّ تعديل القانون لم يعد مطروحًا، باعتبار أنّه يمكن أن يفضي إلى تأجيل الانتخابات، فإنّ العارفين يشدّدون على وجود العديد من الأفكار التي يتمّ تداولها من أجل "حصر" التعديلات على القانون بموضوع بلدية بيروت، دون غيره من الإصلاحات الانتخابية، وهو تعديل إن تمّ لن يتطلّب إرجاء الانتخابات بأيّ شكلٍ من الأشكال، لأنّ التغيير سيكون "تكتيكيًا" فقط، على مستوى اللوائح، أو احتساب النتائج.
ويقول العارفون إنّ الجوّ العام في البلد يميل لتبنّي "اللوائح المقفلة" مثلاً، في بيروت، من أجل ضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، خصوصًا أنّ الرهان على "التوافق" على لائحة معيّنة لا يبدو كافيًا، وإن كان البحث لا يزال قائمًا حول المعايير التي ستُعتمَد لذلك، وما إذا كانت ستبقى "محصورة" بالعاصمة بيروت، أم تضاف إليها طرابلس، وربما غيرها من البلديات الكبرى، منعًا لأيّ طعن، وفق قاعدة "تفصيل" القانون على مقاسٍ واحد.
هل سُحِب التأجيل من التداول؟
بالتوازي مع التوافق المنشود على "اللوائح المقفلة" في انتخابات بيروت، لضمان الحفاظ على المناصفة فيها، نظرًا لما تمثّله العاصمة من "رمزيّة (..) يجب المحافظة عليها بأي ثمن"، وفق ما نقله بو صعب عن بري، ثمّة خشية لدى كثيرين من أن يكون الحديث عن انتخابات بيروت مجرّد "غطاء" لتمرير "تأجيل" الانتخابات، علمًا أنّ هذا البند موجود أساسًا في أحد الاقتراحات المطروحة على البرلمان، وتحديدًا ذلك المقدم من النائبين وضاح الصادق ومارك ضو
يقول العارفون إنّ هذا الاحتمال وارد، لكنّ أسهمه تراجعت كثيرًا في الآونة الأخيرة، فالاقتراح المذكور أصبح "وراء ظهرنا" إن صحّ التعبير، وحتى "وراء ظهر" النائبين المذكورين، بدليل أنّ الصادق نفسه قدّم اقتراح قانون آخر في الساعات الماضية، حول انتخابات بلدية بيروت تحديدًا، لم يضمّنه أيّ بند حول التأجيل التقني، كما جاء في نصّ اقتراحه المشترك مع ضو، ما يوحي بأنّ الأكثرية المطلوبة للتأجيل لم تتأمّن على المستوى العملي.
ويشير العارفون إلى أنّ إقدام مجلس النواب على تأجيل الانتخابات البلدية فقد الزخم المطلوب، فالاستحقاق سلك طريقه، ولم يعد الأمر مقتصرًا فقط على دعوة الهيئات الناخبة كما حصل في سنوات سابقة، بل إنّ الإجراءات والتحضيرات قد بدأت، علمًا أنّ إقدام البرلمان على تأجيل الانتخابات بعد إقفال باب الترشيحات مثلاً لجولتها الأولى في جبل لبنان، سينطوي على "استخفاف" بكلّ من قدّموا ترشيحاتها، وسيوجّه رسالة سلبية للمواطنين.
توحي كلّ الوقائع بأنّ تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية غير مطروح عمليًا على "أجندة" الجلسة التشريعية المنتظرة يوم الخميس المقبل. مع ذلك، ولأنّ "لا مستحيل في لبنان"، تبقى الخشية موجودة من أن يكون هناك من يخطّط لرمي البند في اللحظة الأخيرة، خشية لا تزال تصطدم حتى إثبات العكس، برغبة أطراف وازنة بإجراء الاستحقاق، بل ربما بتحويله إلى "استفتاء" يفيده في معاركه السياسية، رغم طابعه المحلي المفترض!