الطعن بموازنة 2025: هل يمر؟ وما هي تداعياته الاقتصادية؟

تواجه حكومة الرئيس نواف سلام أول اختبار لها مع المجلس الدستوري، مع تقديم 10 نواب يوم الأربعاء الماضي طعناً بمرسوم إصدار موازنة العام 2025، نظراً للمخالفات الدستورية العديدة في أصول وآلية إصدارها، كما في مضمونها، ونظراً للأعباء والزيادات الضريبية الكبيرة التي فرضتها.
تواجه حكومة الرئيس نواف سلام أول اختبار لها مع المجلس الدستوري، مع تقديم 10 نواب يوم الأربعاء الماضي طعناً بمرسوم إصدار موازنة العام 2025، نظراً للمخالفات الدستورية العديدة في أصول وآلية إصدارها، كما في مضمونها، ونظراً للأعباء والزيادات الضريبية الكبيرة التي فرضتها.
واستند النواب في تقديم طعنهم إلى أن المادة 86 من الدستور تجيز للحكومة إصدار الموازنة بمرسوم، لكنها لم تأخذ في الاعتبار كل الشروط، ومنها الدعوة إلى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي من قبل الحكومة، كما لم يُدعَ المجلس إلى أي جلسة لبتّ الموازنة كهيئة عامة، ما يعني أنه لا يمكن اعتباره ممتنعاً عن بتّها.
كل ما سبق يجعل البحث مشروعاً في إمكانية قبول الطعن وتداعياته الاقتصادية، خصوصاً أن حكومة الرئيس سلام رفعت منذ ولادتها شعار الإصلاح وتطبيق الدستور. وقبول الطعن يعني العودة إلى الصرف على القاعدة الاثني عشرية إلى حين إقرار الموازنة مجدداً في مجلس النواب، وهو تدبير لا يلبي طموحات الحكومة ورئيسها الداعين إلى الحرص على تطبيق القوانين وتكريس مبدأ الالتزام بها.
منيمنة: لا نريد تكريس مخالفة دستورية
يشرح النائب إبراهيم منيمنة (أحد النواب المشاركين في تقديم الطعن) لموقع “ليبانون ديبايت” أنه “حين تتخذ الحكومة إجراء غير دستوري، نحن مضطرون إلى توضيح موقفنا منه، إذ لا يمكن أمام موازنة أُقرّت بهذا الشكل وتتضمن مخالفة دستورية أن نبقى صامتين، بغضّ النظر عن المحتوى”، لافتاً إلى أن “المجلس الدستوري سيدرس الملف ويطّلع على الحجج التي تضمنها الطعن، لجهة ضرورة إبطاله وإيقاف العمل به. أما تقييم الحجج والسياق العام للطعن، فهو دور المجلس الدستوري”.
وأضاف: “نحن لم نكن نريد الوصول إلى هذه المرحلة، لكن هناك مخالفة دستورية. في النهاية، يجب الموازنة بين تكريس عرف جديد يخالف الدستور، وبين موازنة نراها غير جدية، أتت من حكومة سابقة وتعاني من ثغرات كثيرة. كنا أمام المفاضلة بين السيئ والأسوأ، ولذلك أعطينا الأفضلية للدستور”
مالك: المجلس الدستوري سيردّ الطعن
في قراءة دستورية للطعن، يوضح الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك لموقع “ليبانون ديبايت” أن “من حيث المبدأ، يحق لعشرة نواب أو أكثر التقدم بطعن أمام المجلس الدستوري بمرسوم اعتبار الموازنة نافذة وقائمة. وهذا الطعن سيرافق حُكماً بطلب وقف نفاذ الموازنة حتى البتّ بها بشكل نهائي، والمجلس الدستوري مدعوّ للانعقاد في اليومين القادمين للنظر في طلب وقف النفاذ وإصدار القرار النهائي”.
وأضاف: “أنا لا أعتقد أن هناك أسباباً جدية يمكن أن تسمح بالطعن بهذه الموازنة وإعلان عدم دستوريتها، لا من ناحية الإجراءات ولا من ناحية مضمونها. مع التذكير بأن خلوها من قطع الحساب هو مخالفة جوهرية كبيرة، لكن المجلس الدستوري سبق أن أصدر قرارات تخطى فيها هذه العقبة، وقد صار من المبدأ تخطي هذه المخالفة الدستورية للمادة 87 من الدستور. وأعتقد أن المجلس الدستوري سيردّ هذا الطعن وسيؤكد على دستورية الموازنة المطعون بها”.
ويوضح مالك أن “المجلس سيستغرق ما يقارب الشهر للبتّ بالطعن، لأنه مبدئياً سيُصار إلى عقد جلسة للنظر في طلب وقف النفاذ، ثم تُبلَّغ نسخة عن الطعن إلى جميع الأعضاء، ليتم بعدها تعيين مقرر لديه 10 أيام لتقديم تقريره، و5 أيام للدعوة إلى الجلسة العامة للمجلس الدستوري، الذي عليه أن يصدر قراره خلال مهلة 15 يوماً من عقد أول جلسة”.
ويتابع: “هذا يعني أن أمام المجلس ما يقارب الشهر لاتخاذ قراره بشأن الطعن. وفي حال لم يتوصل إلى قرار خلال هذه المهلة، يُعتبر الطعن مردوداً وتُعتبر الموازنة قائمة ونافذة”.
ويختم: “في حال قرر المجلس الدستوري وقف نفاذ الموازنة، فعلى الحكومة أن تلتزم بذلك. أما في حال ردّ المجلس طلب وقف النفاذ، فتبقى الموازنة قائمة ونافذة بغض النظر عن الطعن”.
شماس: الطعن سيف ذو حدّين
في قراءة اقتصادية للطعن، يرى الخبير الاقتصادي غسان شماس لموقع “ليبانون ديبايت” أن “قبول الطعن بالموازنة هو سيف ذو حدين، فالجانب الإيجابي هو أن إعادة النظر بالموازنة تسمح للحكومة بالقيام بإصلاحات، ولو جزئياً، خصوصاً في الضرائب. أما الجانب السلبي، فهو أن حتى لو تم الصرف على القاعدة الاثني عشرية، فلن نتأثر بشكل كبير، لأن الموازنة وُضعت تقريباً وفقاً لهذه القاعدة”.
وأضاف: “في لبنان، الموازنة والأرقام هي مجرد وجهة نظر. إذ تضع الحكومة تقديرات بتحصيل رسوم بقيمة 8 تريليون ليرة، لكن هذه مجرد وجهة نظر لا يمكن تطبيقها على الأرض. فمن أين سيتم تحصيل هذه الضرائب؟ وكيف؟ وفي حال لم يتم ذلك، كم سيبلغ العجز؟”.
وأشار إلى أن “الموازنة تعاني من عجز، وكل عام يحصل إقراض من خارجها عبر بنود استثنائية. وليس غريباً أن يحصل هذا الأمر هذا العام أيضاً”
وأوضح أن “الموازنة في لبنان هي مجرد عملية حسابية، بينما في الحقيقة، يجب أن تعكس رؤية اقتصادية ونقدية للبلد على المديين الطويل والقصير، وتحدد الهدف الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه. وهذا الأمر غير موجود حالياً. فالموازنة الحالية مقسّمة إلى ثلاثة أجزاء: ثلث للرواتب، ثلث للكهرباء، وثلث للبنى التحتية”.
وختم: “هي مجرد عملية حسابية لا تعكس أي رؤية اقتصادية، حتى ولو كانت قصيرة الأمد”.