صيدا تضيء رمضان بالتعايش والتلاحم الاجتماعي

في شهر رمضان، تنبض مدينة صيدا بالحياة وتسطع كأيقونة للتعايش بين الأديان. هذا العام، وفي أعقاب التحديات الكبيرة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة، تظهر صيدا، بوابة الجنوب، أكثر إشراقاً من أي وقت مضى. رغم الآلام والدمار، تجسد المدينة نموذجاً فريداً للتلاحم الاجتماعي والديني، حيث تتزامن أجواء رمضان هذا العام بين المسلمين والمسيحيين في لحظة نادرة، تعكس عمق التعايش بين الطوائف. صيدا، التي تتعافى من آثار الحرب، تقدم صورة حية من الأمل والوحدة في مواجهة الصعاب، وتُعد نموذجاً يُحتذى به في لبنان.
تعايش ديني وتلاحم اجتماعي
تتسم أجواء رمضان في صيدا بتلاحم ديني واجتماعي فريد، حيث يشترك المسلمون والمسيحيون في أجواء العبادة والاحتفال. تسود روح التعاون والمحبة في الشوارع المضيئة بالزينة الرمضانية، والمقاهي التي تكتظ بالزوار. هذه الظاهرة تُسهم في تعزيز العلاقات بين مختلف فئات المجتمع، مؤكدةً أن صيدا تمثل نموذجاً حياً للتعايش الديني في لبنان.
أمسيات رمضانية تحاكي التاريخ والتراث
خلال رمضان، تتحول صيدا إلى مدينة نابضة بالحياة، حيث تُحيي الفعاليات التراثية والشعبية أجواء المدينة. من المقاهي التي تُعيد تقديم حكايات الحكواتي، إلى خان الإفرنج الذي يصبح ساحة نابضة بالأنشطة الثقافية. تُقام عروض الدراويش المولوية، والمعارض الحرفية والفنية التي تعكس الإرث الثقافي للمدينة. هذه الأنشطة تزيد من مكانة صيدا كمركز ثقافي واجتماعي هام.
أنشطة ثقافية واجتماعية تضفي بُعداً مميزاً
لا تقتصر أجواء رمضان في صيدا على الطقوس الدينية فحسب، بل تشمل فعاليات ثقافية واجتماعية مميزة. تشهد الأسواق القديمة إقبالاً على الحلويات الرمضانية والمأكولات التقليدية، بينما تُنظم معارض فنية تعرض أعمالاً يدوية تروي قصة صيدا. هذه الفعاليات تعكس الفخر بالماضي ورغبة المجتمع في الحفاظ على هويته الأصيلة .
آراء المشاركين: تجربة فريدة ومميزة
في تصريح لصحيفة "نداء الوطن"، أعرب الممثل اللبناني مازن معضّم عن إعجابه بالأجواء الرمضانية في صيدا، مؤكداً أن المدينة تمتزج فيها العادات والتقاليد مع الأجواء الروحانية. وأضاف أن موائد الإفطار الجماعية في الأماكن العامة، التي تجمع الأهالي بروح المحبة، من أبرز مظاهر رمضان في صيدا.
من جانبها، اعتبرت الدكتورة نبال قاسم أن صيدا تمثل أصالة الثقافة اللبنانية، من خلال الأنشطة التي يحتضنها خان الإفرنج وساحة باب السراي، حيث تتحول هذه الأماكن إلى مراكز للنشاطات الثقافية والفنية. كما تعكس الفعاليات مثل عروض الفخار والنحاس التنوع الثقافي للبنان وتعزز التآخي بين مكونات المجتمع اللبناني.
صيدا... مدينة تجمع الماضي بالحاضر
في حديث خاص لـ "نداء الوطن"، أكد عضو المجلس البلدي لمدينة صيدا، الدكتور كامل كزبر، أن المدينة تتألق كل عام في شهر رمضان، حيث تتحول إلى عاصمة رمضانية نابضة بالحياة الروحانية والتقاليد الإسلامية. وأشار كزبر إلى أن رمضان في صيدا يتميز باكتظاظ المساجد بالمصلين، بينما تعج الأسواق بالمتسوقين لشراء مستلزمات الشهر الفضيل. ومع حلول الليل، تتحول المدينة القديمة إلى مركز جذب ثقافي وديني، حيث تُقام فعاليات فنية وتراثية.
وأضاف كزبر أن هذا العام يشهد تزامناً نادراً بين صيام المسلمين والمسيحيين، ما يعزز روح التعايش بين الأديان في المدينة. هذا التزامن يُجسد نموذجاً حياً للتآخي، حيث يشارك المسلمون والمسيحيون تجربة روحية واحدة في أجواء من الاحترام المتبادل والمودة.
واختتم بالقول إن صيدا تواصل ترسيخ مكانتها كرمز للتسامح والتآخي، مشيراً إلى أنها ستظل نموذجاً يُحتذى به في لبنان