الانتخابات البلدية: الأحزاب قلقة من "وجع الراس" والمطلوب متمولين؟!

على الرغم من التصريحات الرسمية التي تؤكد حصولها في شهر أيار المقبل، إلا أن المعطيات على أرض الواقع تعكس عدم حماسة لخوض الانتخابات البلدية والاختيارية، حتى الآن، لا سيما من جانب غالبية الأحزاب والتيارات السياسية، التي تعتبر أن إنخراطها في معارك داخل مدينة وقرية سيكون له تداعيات سلبية على واقعها في الإستحقاق الأهم، أي في الانتخابات النيابية التي من المفترض حصولها في العام 2026.
بحسب مصادر مطلعة، أحد أبرز غياب الحماسة هو عدم وضوح التوجه الرسمي، حيث تلفت، عبر "النشرة"، إلى أن السلطات الرسمية تماطل في تحديد المواعيد، بالرغم من أن الوزير أحمد الحجار مصر على حصولها في موعدها، بحسب ما يعلن، لكن على أرض الواقع ليس هناك من جهوزية تؤكد ذلك، ما يعكس أجواء تشير إلى عدم وجود توجه جدي لدى الرأي العام، في ظل المعلومات التي تتحدث عن إمكانية حصول "تأجيل تقني" حتى شهر أيلول لا تزال قائمة.
"وجع راس"
على الرغم من أن المواقف الرسمية، كان من المفترض أن تقود مختلف الأحزاب والتيارات السياسية إلى تحريك ماكيناتها الانتخابية، لا سيما أن إجراء هذا الاستحقاق من المفترض أن يكون من التحديات الأساسية لحكومة نواف سلام، حيث تفيد أجواء العديد من القوى السياسية بأنها تخشى من الخلافات التي تسيطر عادة على أجواء الانتخابات البلدية والإختيارية.
في هذا الإطار، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن لا حماسة لدى مختلف القوى السياسية للذهاب إلى معارك قاسية في ظلّ التشنجات القائمة، ما يدفعها إلى تفضيل خيار التوافقات أو ترك الأمور إلى العائلات، لا سيما أن البلديات لم تعد، في الوقت الراهن، أحد أبرز مفاتيح الخدمات، بل على العكس باتت تشكل مصدراً للمتاعب بسبب الأوضاع المالية السائدة منذ العام 2019.
إنطلاقاً من ذلك، تشير هذه المصادر إلى أن معظم القوى السياسية ستفضل، حصول هذا الاستحقاق في الموعد المتوقع، خيار التوافقات، متى كانت الفرصة مناسبة لذلك، لا سيما أن الانتخابات البلدية والاختيارية عادة ما ينتج عنها تداعيات سلبية، بسبب عدم القدرة على إرضاء مختلف الطامحين، سواء كانوا أفرادا أو عائلات، الأمر الذي لا تفضل أن يحصل قبل فترة قصيرة نسبياً من موعد الانتخابات النيابية، حتى ولو كانت فرصة بالنسبة إليها لإثبات قوتها الشعبية.
المطلوب متمول
في بعض القرى والبلدات، بدأت تظهر معالم على الحماسة عند أفراد، تحديداً بالنسبة إلى خوض الانتخابات البلدية، في حين من المتوقع أن تكون بعض القوى التي تُصنف نفسها تغييرية حاضرة في معارك المدن الكبرى، لكن ما ينبغي التوقف عنده في هذا المجال تعزز نظرية الحاجة إلى رئيس بلدية متمول بالدرجة الأولى، خصوصاً بعد التجربة التي فرضت نفسها في السنوات الماضية.
في هذا السياق، يشير أحد رؤساء البلديات الحاليين، عبر النشرة"، إلى أن واقع السنوات الماضية فرض تحديات كبيرة على جميع من كان في موقع المسؤولية، حيث كان المطلوب منهم التصدي لمجموعة من الأزمات في ظل شح كبير في الموارد المالية، ما وضعهم في صدام مع المواطنين في الكثير من الأحيان، لا سيما أن أي رئيس بلدية هو المسؤول الأقرب إلى المواطن.
من هذا المنطلق، يفهم نمو نظرية الحاجة إلى شخصيات متمولة، التي يلفت إلى أنها كانت موجودة في الأصل لكنها اليوم تعززت بشكل أكبر، على إعتبار أن معظم البلديات مؤخراً كانت تعتمد على إمكانات الرؤساء الذاتية، ويضيف: "من ليس لديه القدرات المالية اللازمة يتبهدل".
الواقع الراهن
في حديث لـ"النشرة"، يوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أنه في لبنان اليوم 1064 بلدية، منها 125 بلدية منحلة يديرها القائممقام أو المحافظ، كما أن هناك 34 بلدية مستحدثة بعد العام 2016 ولم تشهد انتخابات وتدار أيضاً من قبل القائمقامين والمحافظين، و8 بلديات لم تجر فيها انتخابات لأسباب مختلفة، يتولّى تسيير أمورها القائمقام أو المحافظ، كما يلفت شمس الدسن إلى وجود حوالي 640 بلدية مشلولة، أي ما يزيد عن نصف العدد الإجمالي للبلديات.
بالنسبة إلى غياب حماسة الأحزاب والقوى السياسية، يلفت شمس الدين إلى أنها تاريخياً تهرب من هذا الإستحقاق بسبب الخلافات العائلية، لكنها في ظل الأوضاع الحالية تجد نفسها مجبرة على إنجازها رغم أنها تطمح إلى التأجيل، حيث يشير إلى أنه من الناحية العملية الدولة غير جاهزة لكن رئيس الجمهورية جوزاف عون مصر على إتمامها.
في المحصّلة، يشير شمس الدين إلى أنّ مصير الانتخابات البلدية والاختيارية لا يزال مفتوحاً على كافة الإحتمالات، مذكراً بأن التمديد الماضي حصل بعد توجيه الدعوة إلى الهيئات الناخبة، لكنه يوضح أن المطروح، في بعض الأوساط، هو التمديد لشهر أيلول، لأنّ الذهاب إلى تمديد لمدة عام يعني تزامنها مع الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي تمديدها لاحقاً مرة أخرى إلى العام 2027 ربما.