رسائل تشييع السيدين نصرالله وصفي الدين بين الداخل والخارج...

يؤكد حجم السجالات، التي رافقت التحضيرات لتشييع أمين عام "حزب الله" السابق السيّد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، على أهمية الحدث، بالنسبة إلى المرحلة التي ستليه، خصوصاً في ظل التوجهات التي كانت قد برزت في المرحلة الماضية، تحديداً بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في 27 أيلول الماضي، والتي من المفترض أن تتوضح أكثر في المستقبل.
في هذا السياق، من الممكن الحديث عن توجهين أساسيين: الأول يرى أنّ الحزب لم يعد هو نفسه الذي كان قبل العدوان الإسرائيلي، تعبر عنه مختلف القوى التي هي على خصومة معه، عبر الحديث عن مرحلة جديدة دخلتها البلاد على كافة المستويات، أما الثاني، الذي يعبر عنه الحزب، فهو يستند إلى معادلة أنه انتصر في الحرب، وبالتالي لا يمكن التعامل معه بوصفه مهزوماً.
إنطلاقاً من ذلك، وضع التشييع في إطار أنه، من خلال الحضور الشعبي، سيثبت أن الحزب لا يزال هو الفريق الأقوى على الساحة المحلّية، بحسب ما تشير مصادر سياسية متابعة عبر "النشرة"، وبالتالي هو بعد أن يؤكد ذلك على أرض الواقع، سيسعى إلى يفرض التعامل معه من منطلق مختلف، لا سيما على مستوى العناوين التي ستكون حاضرة على طاولة البحث السياسي.
بالنسبة إلى هذه المصادر، يريد الحزب، من خلال الحضور الشعبي، توجيه رسائل داخلية وخارجية، تصب في هذا الإتجاه، خصوصاً أنه يرى أن كل ما يتعرض له من ضغوط ينبع من قرار عابر للحدود، لا سيما أن مواقف العديد من المسؤولين في الإدارة الأميركية تؤكد هذا الأمر، لكن الأهم، من وجهة نظره، هو أن ما أقدمت عليه إسرائيل، لناحية عدم الإلتزام بالإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، يعطي كل السردية التي يتمسك بها المشروعية اللازمة.
من حيث المبدأ، ليس هناك من هو قادر، قبل التشييع أو بعده، على التشكيك بحضور الحزب الشعبي، تحديداً داخل البيئة الشيعية، لا بل من الممكن التأكيد أن الضغوط عليه، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار، ستزيد من الإلتفاف الشعبي حوله، في ظلّ تصوير الأمر على أنه حصار للبيئة الحاضنة، بالرغم من نفي بعض المسؤولين المحليين ذلك، بدليل الدعوات إلى المشاركة في المناسبة التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي منذ أيام.
في قراءة مصادر نيابية معارضة لـ"حزب الله"، حجم الحضور الشعبي في التشييع، على أهميته، لن يقود إلى إعادة الأمور إلى المرحلة الماضية، حيث ترى أنه في المقابل هناك فئات شعبية واسعة أخرى، لديها الكثير من علامات الإستفهام حول أداء الحزب، وهي لا يمكن أن تقبل، بعد كل ما حصل نتيجة جبهة الإسناد التي فتحها بقرار منفرد، أن تبقى الأمور تدار وفق المنطق الماضي، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات كارثية من الممكن أن تقع في أي لحظة.
في المحصلة، ترى المصادر نفسها، عبر "النشرة"، أن الأهم يبقى أن هناك توازنات جديدة، تحديداً على المستوى الإقليمي، لا يمكن تجاوزها، وهي من الطبيعي أن يكون لها تداعياتها على الصعيد المحلي، خصوصاً أن لبنان بحاجة إلى الإحتضان الخارجي، وتسأل: "هل يمكن تجاوز ذلك لمجرد نجاح الحزب في تأمين حشد شعبي"؟ وتضيف: "ليست المشكلة في تمثيل الحزب الشعبي بل في التوجه الذي لديه، نظراً إلى أنه لا يحظى بأيّ توافق حوله بدليل مواقف غالبية الأفرقاء خلال حرب الإسناد".