اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

أصعب مهمة للعهد والحكومة واللبنانيين: تعزيز الهوية الوطنية

صيدا اون لاين

تواجه الحكومة الأولى لعهد الرئيس اللبناني جوزف عون تحديات عدة من بينها تثبيت الاستقرار في البلد وحصر السلاح بيد السلطات الشرعية والانطلاق في ورشة إعادة الإعمار. وستعمل حكومة القاضي نواف سلام في مناخ يسوده التفاؤل الممزوج بالتشكيك بقدرتها على تحقيق الكثير نظراً إلى استمرار الانقسامات بين القوى السياسية في البلد. فمعظم الخطوات الكبيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية في الأسابيع الأخيرة مثل انتخاب الرئيس وتكليف سلام وصولاً إلى تشكيل الحكومة، ما كانت لتحصل لولا ضغوط خارجية كبيرة. فالانقسام السياسي الذي يأخذ بعداً طائفياًمذهبياً نظراً  إلى تركيبة الأحزاب والنظام في لبنان، ساهم في تعطيل حكومات سابقة وأخّر تشكيلها لأشهر. وبناء عليه، فإن أصعب مهمة ستواجه حكومة سلام هي تحقيق وحدة وطنية تسهل عملها، ومرد ذلك إلى افتقاد جزء كبير من الشارع اللبناني الهوية الوطنية.

يسود الساحة اللبنانية، ومنذ سنوات، مناخ مذهبي وطائفي منع تحقيق لحمة وطنية حقيقية. فهناك فرق بين البعد الوطني للعلاقة بين مكونات الشعب والبعد الإنساني. فالأخير يستند إلى الشعور بواجب إنساني نحو الجار والقريب عند المحن والحاجة، ما يدفعه إلى مساعدته. كما أن هذا البعد الإنساني يلعب دوراً بالتعايش مع مكونات دينية أخرى. لكن التركيبة الاجتماعية لأي مكون طائفي تدفعه دائماً إلى التقوقع داخل مجموعته واعتبارها الأفضل من غيرها، ويبدّي مصالح أعضائها على  مصالح المكونات الأخرى. وهذا بحسب إجماع المنظرين في حقول علم النفس والسياسة والاجتماع، أمر طبيعي وموجود أينما كان. وللتغلب على هذا الواقع، تعمل الدول على تنمية الهوية الوطنية على حساب الهوية الدينية التي يصبح دورها ثانوياً في شؤون إدارة الوطن وتحديد أولوياته ومصلحته العليا.

في وطن لا تتعدد فيه الطوائف والأديان والأعراق، تكون مهمة الحكومات أسهل في تغليب الهوية الوطنية على الدينية. إنما في بلد متعدد مثل لبنان، تكون المهمة أكثر تعقيداً، بخاصة مع تاريخ من الحروب الأهلية. لذلك، على السلطات أن تعتمد سياسات متشددة في ما خص عمل الأحزاب والجمعيات التي يطغى على أهدافها الطابع الديني. وأخطر ما في حالة لبنان هو الارتباط الخارجي لبعض الأحزاب ذات الطابع الديني. فهذا يجعل عملية بناء الهوية الوطنية مستحيلة. فالشعب الذي يلتقي على بناء وطن واحد يحتاج إلى أطر تعايش وعقد اجتماعي، وهو ما يتجسد عادة في الدستور. لذلك، القانون وتحقيق العدالة هما مفتاحا الحكم والتعايش بين مكونات الشعب. والارتباطات الخارجية التي تتضمن انتماءات عقائدية دينية وسياسية تقوض أسس التعايش الداخلي وتنتهك روحية الدستور وتهمش الهوية الوطنية أو تقتلها.

تعمد الدول عادة إلى استخدام رموز ومناسبات لها دلالات ومعان لغالبية الشعب من أجل تعزيز الروح الوطنية وإبقائها متقدمة على الهويات الفردية الأخرى، وبخاصة الدينية أو العرقية. فالدول تستخدم لتعزيز الوطنية أشياء مثل العلم كشعار جامع، وتستخدم ذكرى قادتها المؤسسين، وذكرى شهدائها في حروب الاستقلال أو ضد الأعداء الأجانب. كما تستخدم الدول شخصيات وحروباً من تاريخ الدولة ومدنها لتعزيز الشعور بالانتماء إلى الأرض وإلى حضارة عريقة. كما تستخدم الدول شخصيات مبدعة في مجالات الفن والتكنولوجيا والرياضة كرموز وطنية جامعة.

على حكومة نواف سلام أن تعطي موضوع تعزيز الهوية اللبنانية أولوية تفوق أهمية إعادة الإعمار وحصرية السلاح. وللقيام بذلك، عليها أن تأخذ قرارات وتعمل مع المجلس النيابي على إصدار تشريعات. ومن الخطوات المهمة المتوجب أخذها إعادة مادة التربية الوطنية إلى مناهج المدارس، وجعلها إلزامية حتى في المدارس الخاصة. فوقف تدريس هذه المادة أثر سلباً على الهوية الوطنية. هناك أجيال لا تعلم حقوق المواطن على الدولة ولا حق الدولة عليهم. هناك أجيال وخريجو بعض المدارس التابعة لأحزاب دينية لا يعلمون النشيد الوطني اللبناني ولا معاني العلم اللبناني ولا حتى رمزية ساحة الشهداء ومن هم قادة الاستقلال.


على وزارة الثقافة أن تتعاون مع وزارة التربية لإعادة إحياء شخصيات عالمية مؤثرة في الوجدان اللبناني، مثل جبران خليل جبران وحسن كامل الصباح والسيدة فيروز ووديع الصافي  وصباح وغيرهم. يجب التذكير بشخصيات تاريخية مثل بشارة الخوري ورياض الصلح والمير مجيد أرسلان والأمير بشير والأمير فخر الدين. يجب إحياء تراث مدن لبنانية لها تاريخ كبير مثل صور، وصيدا وبيروت وجبيل. يجب تنظيم مسابقات تحيي التراث اللبناني مثل الدبكة والزجل. يجب على الحكومة الاستثمار بنشاطات على مدار السنة لتذكير الشعب بهويته لإبقائها متقدمة على كل شيء.

لكن هذا لا يكفي، إذ على الحكومة أن تعمل على إرسال مشاريع قوانين إلى المجلس النيابي تحت عنوان "حماية الهوية اللبنانية" على أن تتضمن التالي:
• منع رفع أيةصور لشخصيات غير لبنانية في أي مكان عام على الأراضي اللبنانية. يمكن السماح بذلك في أماكن خاصة مغلقة. صور كهذه قد تستفز بعض مكونات الشعب وتهدد الوحدة الداخلية. كما أنها قد تستخدم لتعزيز الهوية الدينية على حساب الهوية الوطنية.
• يجب منع تسمية أي طرقات بأسماء زعماء وشخصيات أجنبية من دون موافقة مجلس النواب. 
• تجب مراجعة قانون الأحزاب، بخاصة في ما يتعلق باستخدام شعارات مذهبية وطائفية في أدبياتها ومنشوراتها وحملاتها لأهداف سياسية، ما يقوض الهوية الوطنية. 
• عدم السماح برفع أي أعلام أجنبية على الأراضي اللبنانية من دون ترخيص مسبق، مع استثناء مواسم رياضية محددة. يمكن للأحزاب أن ترفع راياتها على مراكزها وفي مهرجاناتها شرط أن يكون هناك عدد مساو من الأعلام اللبنانية في الحدث.

حيث توجد هوية وطنية جامعة، تنعدم الانقسامات ويحل الاستقرار ويسهل عمل الجيش والقوى الأمنية وتصبح الدولة أقوى. ستواجه الحكومة اللبنانية صعوبات في مساعيها لتعزيز الهوية الوطنية لأن هناك من يريد أن يبقى ولاء المواطن اللبناني أقوى للطائفة والحزب. إنما، إذا أرادت القيادة اللبنانية الجديدة تحقيق أهدافها المعلنة بدءاً بخطاب القسم، يجب أن تبدأ من إعادة بناء الهوية الوطنية وتعزيزها ليكون لبنان

تم نسخ الرابط