عقدة إنتخابات 2026: من تشكيل الحكومة إلى المسار السياسي العام؟!
على الرغم من الزخم المحلي والخارجي، الذي رافق إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتسمية رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، ما أدى إلى توقع ولادة حكومة العهد الأولى خلال وقت قصير، يبدو أن التشكيلة الحكومية، بحسب المعطيات الراهنة، دخلت في دوامة العقد الروتينية، خصوصاً في ظل رغبة معظم الكتل النيابية بالحضور على طاولة مجلس الوزراء.
في هذا السياق، من الممكن إعتبار ما أدلى به رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أول من أمس، بالنسبة إلى الأسباب التي تدفع حزبه إلى عدم الرغبة في الحصول على حقيبة الطاقة، التي كانت قد تحولت في السنوات الماضية إلى حقيبة سيادية، مؤشراً على واحدة العقدة الأساسية التي تؤخر ولادة الحكومة، وهي الإستحقاق الإنتخابي المرتقب في العام 2026.
من حيث المبدأ، تشير أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن جميع القوى السياسية تتعامل مع هذه الحكومة على أساس أنها حكومة إنتخابات نيابية، على قاعدة أنها ستشرف عليها، لا بل من الممكن أن تكون المسؤولة عن إقتراح تعديلات على قانون الإنتخاب، وبالتالي لا ترى مصلحة لها في البقاء خارجها، بل تسعى إلى أفضل تمثيل، من الممكن أن تستثمره في صناديق الإقتراع.
هذا الواقع، بحسب الأوساط نفسها، يدفع تلك القوى إلى تجاهل مجموعة من التحديات، التي تبدأ من تداعيات العدوان الإسرائيلي، خصوصاً ملفّ إعادة الإعمار، ولا تنتهي عند مخاطر التحول الذي لم ينضج على الساحة السورية، فالمهم، بالنسبة لها، هو كيفية التحضير للإستحقاق الإنتخابي، الذي ينظر إليه على أنه سيكون مصيري، نظراً إلى أنه المعبر نحو المرحلة الجديدة في البلاد.
مع إنتخاب عون وتسمية سلام، رأى البعض أن لبنان إنتقل من مرحلة إلى أخرى، لكن من الناحية العملية لا يمكن التسليم بهذه المعادلة، على إعتبار أن التوازنات المحلية، التي يعكسها التمثيل في المجلس النيابي، لم تتبدل، وبالتالي أيّ مرحلة جديدة تتوقف على النتائج التي ستفرزها الإنتخابات المقبلة.
بالنسبة إلى مصادر نيابية مطلعة، تلك الإنتخابات قد تشهد التدخل الخارجي الأكبر، سواء على مستوى تشكيل اللوائح أو دفع الأموال، خصوصاً أنها المعركة الأولى التي تأتي بعد التحولات التي شهدتها المنطقة، كما أنها ستكون بمثابة الإستفتاء على الخيارات الكبرى في البلاد، وتؤكد أنّ هذا الأمر غير بعيد عن رؤية القوى المحلية، التي تدرك حجم الخطر الذي ستكون أمامه، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن الرغبة في إقصاء بعضها وإضعاف بعضها الآخر.
وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أنّ العناوين الكبرى التي تُطرح، في المرحلة الراهنة، في سياق الصراع بين القوى المحلّية، من دون تجاهل أيضاً شروط الجهات الخارجية، تحت عناوين مختلفة أبرزها الإصلاح، التي تؤشر جميعها للسعي إلى فرض توازنات جديدة، بعد الإنتخابات المقبلة، يتم إستثمارها عبر قرارات تصدر عن المجلس النيابي الذي سيأتي بعدها.
في المحصّلة، تدعو المصادر نفسها إلى مراقبة تبدل التحالفات، في الأشهر المقبلة، إلى جانب الطروحات التي قد تظهر، حيث تشير أن التحول المنتظر لن يكون من السهل الوصول إليه، رغم وجود الرغبة الخارجية في ذلك، وتلفت إلى أن الأمور قد تصل إلى حد مطالبة البعض بإدخال تعديلات على دستور الطائف، وتضيف: "حتى ولو تشكلت الحكومة سريعاً، لن يكون المسار السياسي في الفترة المقبلة سهلاً".