نهج جديد بمسار تشكيل الحكومة وبن فرحان في لبنان لتأكيد استعداد السعودية للمساعدة شرط القيام بالاصلاحات
أفادت قالت مصادر مطّلعة لصحيفة "الأخبار"، بأنّ تشكيل الحكومة أمر عسير "نوعاً ما، والمشكلة هي أنّ أحداً لا يعرف أين هي العقدة. فالشيعة يقولون إنهم تفاهموا مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام. والسنّة يؤكدون أن لا مشكلة معه. والفريق المسيحي يشدد على أن التعطيل ليسَ من عنده"، فيما صارَ معروفاً أن سلام، منذ تكليفه، عقد لقاءات مع غالبية الكتل النيابية وأجرى مشاورات مع مسؤولين عرب وأجانب، خلُصت إلى أن الحكومة "يجب أن تكون من 24 وزيراً ويتمثّل الجميع فيها"، فيما بقي كل من الجهات الرئيسية يؤكد حتى أمس أن "لا خلاف مع الرئيس المكلّف"، فالثنائي يؤكد أنه "أنجز تفاهماً معه"، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اعتبر بعدَ اجتماعه به أنه "تأكّد من صوابية تسميته"، و"القوات" تؤكد أنه "تمّ الاتفاق مع رئيس الحكومة المكلّف حول تمثيلها في الحكومة".
وقالت الصحيفة إنّ "سلام حسم أمره لناحية أنه هو من يختار الأسماء من لوائح تسلّمه إياها القوى السياسية، وهو يريد شخصيات يعتبرها أهلاً للمنصب وتعبّر سياسياً عن التمثيل. كما أنه يميل إلى إبقاء الوزارات السيادية وفقَ توزيعها الطائفي الحالي، لكنّ اختيار الوزراء فيها يحصل بعدَ تشاور بينَ الرؤساء الثلاثة. كما يسعى إلى توزير شخصيات لها وزن سياسي ومعنوي، يُعطي الحكومة ثقلاً، ويريد أن تكون هذه الشخصيات معروفة لديه".
في خضمّ هذه الأجواء، علمت "الأخبار" أنّ وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وصلَ إلى بيروت مساء أمس، وقالت مصادر مطّلعة إنه "سيؤكد أنّ بلاده حاضرة لمساعدة لبنان، لكن هذه المساعدة مشروطة بالإصلاحات". وتخوّفت المصادر، ربطاً بما قاله السفير المصري علاء موسى حول تشكيل الحكومة والأجواء التي بدأت تتسرب عن الموفد السعودي، من أن يكون سبب التأخير "فرملة" خارجية، كاشفة أن "الفريق الذي يعتبر أنه حقّق إنجازات سياسية في انتخاب الرئيس وتكليف رئيس الحكومة يريد استكمال ذلك بعملية التأليف، فالخضوع لمطالب الثنائي في الحكومة وما يتصل بعملية التشكيل يعني أن لا شيء تغيّر باستثناء استبدال الرئيس نجيب ميقاتي بنواف سلام".
وفي سياق الحديث عن التأليف الحكومي، كشف مرجع سياسي لـ"الجمهورية"، أنّ المبالغة في طلبات الأحزاب والتيارات وتصوير عملية التشاور مع رئيس المكلّف وكأنّ هناك اتجاهاً للعودة إلى المحاصصة وتقاسم الوزارات كمغانم، سلبيّتان تعوقان تأليف الحكومة وتحبطان اللبنانيّين المتأمّلين بنهج جديد لبناء الدولة وتحقيق الإصلاحات، ما دفع سلام إلى الانتفاض في وجه التسريبات والضغوط وقلب الطاولة على محاولات إحراجه والضغط عليه. وأضاف المرجع، أنّه أُعيد خلط أوراق التأليف بعدما تمّ التفاهم بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وسلام على ضرورة التمسك باعتماد نهج جديد في مسار تشكيل الحكومة، حتى لو اتخذت المشاورات وقتاً إضافياً.
وأكّدت مصادر متابعة لعملية التأليف لـ"الجمهورية" أنّ الأمور "ليست بالسوء الذي يتمّ تظهيره في الإعلام، هناك عراقيل صحيح لكنّها غير مستعصية وقابلة للحل، وهي تحتاج إلى مزيد من الوقت والتواصل". وكشفت أنّ "المشكلة الحالية هي لدى فريق القوات اللبنانية الذي يطمح لحصة وازنة أكثر من الأفرقاء الآخرين، من منطلق أنّهم الكتلة المسيحية الأكبر وأنّهم يستغلون التحوّلات التي اعتبروها لصالحهم، ومن الطبيعي برأيهم أن تكون لهم في الحكومة حصة الأسد بحسب حساباتهم"، لكن في الحقيقة ذكرت المصادر، أنّ الفريق المسيحي "كله زعلان"، ويريد تمثيلاً أكبر من المتاح أو المعروض عليهم.
واستفسرت "الجمهورية" من فريق الثنائي حزب الله وحركة أمل الحديث عن عرقلة بسبب إصراره على المالية، فأكّد مصدر بارز فيه أنّ "هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، والاجتماعان اللذان عُقِدا مع رئيس الحكومة المكلّف كانا إيجابيَّين جداً وانتهى التواصل إلى اتفاق على الحقائب السيادية والباقي لا مشكلة فيه على الإطلاق".
وقال المصدر: "نحن أكّدنا لسلام أنّنا مُسهّلون لعملية التأليف وأنّنا منفتحون على أي تعديل يراه مناسباً في توزيع الحقائب المطروحة علينا"، نافياً أن يكون رئيس الحكومة المكلّف قد اتصل مجدّداً، مُعلِناً الرجوع عن الاتفاق أو البحث مجدّداً بحصة الثنائي وحقهم بالتمثيل في الوزارات السيادية.
وأكّد أنّ العلاقة معه ممتازة. وهناك اتفاق مبدئي منجز، ونحن قلنا له من البداية إننا لن نقف عقبة طالما التأليف يحترم القواعد التمثيلية وفيه عدالة في المعايير المتبعة.
وقالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية"، إنّ "مسار التأليف هو مسار سرّي وتتابعه القوات بالتنسيق والتواصل مع رئيس الحكومة المكلّف، وتعتبر أنّ المنحى العام للأمور هو منحى إيجابي، ولن تفصح عن السياق التفاوضي إلّا في الوقت المناسب، وتأسف للضخّ غير الصحيح الذي تقوم به الممانعة لتغطية عرقلتها ومطالبها التي تنتمي إلى مرحلة انتهت، فقطار الدولة انطلق ومن يريد الالتحاق به عليه أن يسلِّم بشروط الدولة وإلّا الخروج منه، وأمّا عرقلة هذا القطار فلم تعد ممكنة".