خطّة عمرها 77 عاماً... هل تكون الحلّ لإعادة الإعمار؟
انتهت الحرب المُدمِّرة في لبنان وانطلقت آمال وأحلام إعادة الإعمار من دون أيّ خطوات أو خطط واضحة وعمليّة من قبل الدولة اللبنانيّة للبدء بالتعويض على المُتضرّرين، في وقتٍ تعلو بعض الأصوات المُطالبة بإعادة إعمار ما دُمِّر على أساس خطّة "مارشال". فما هي هذه الخطّة التي عمرها 77 عاماً؟ وهل تكون حلاً لاقتصاد لبنان بعد حرب الـ2024؟
يشرحُ الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة أنّ "خطّة مارشال لا تعني كما يعتقدُ البعض أنّ هناك من سيأتي ويُعيد بناء المنازل المدمّرة، فبالعودة الى الحرب العالميّة الثانية، شهدت أوروبا دماراً كبيراً بسبب قصف البنى التحتيّة بشكل خاصّ، ولكن لم تُدمّر المنازل كما حصل في لبنان جراء العدوان الاسرائيلي، لذا، فالإطار يختلف لأنّ خطّة مارشال هدفها في الدرجة الأولى إعادة بناء البنى التحتيّة على شكل استثمارات وإعادة بناء وتفعيل الماكينة الاقتصاديّة".
وضع رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال جورج مارشال خطّة سمّيت باسمه لإعادة إعمار أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1947، ومع كلّ حرب يشهدُها العالم، يدور الحديث حول أهميّة هذه الخطّة في إعادة إحياء اقتصادات الدول المدمّرة، خصوصاً وأنها تُعتبر من أنجح تجارب الولايات المتحدة في هذا الإطار.
وفي هذا السيّاق، يقول عجاقة في مقابلة مع موقع mtv "إنّ هذه الخطّة ساهمت في إزالة العوائق التجاريّة بين الدول الأوروبيّة، وفي تحديث القطاع الصناعي، وفي إحياء الاقتصاد عن طريق الاستثمارات والمُساعدات الاقتصاديّة لبناء البنية التحتيّة وهو ما ساعد أوروبا على استعادة قوّتها الاقتصادية، والخطّة كانت عمود الأساس لبناء التعاون الأوروبي والوصول الى الاتحاد الأوروبي".
ولكن هل يُمكن تطبيقها في لبنان؟ يُجيب عجاقة: "لا يُمكن تطبيق خطّة مارشال في لبنان تماماً كما حصل في أوروبا، ففي أوروبا، كانت تهدف الى إعادة إعمار البنى التحتيّة وإحياء الاقتصاد في الدرجة الأولى، وقسمٌ منها كان على شكل مُساعدات اقتصادية وقروض، ولكن في لبنان هناك عائقان أساسيّان أمامها، الأول هو الفساد المستشري بنسبة كبيرة، وضخّ أموال من دون رقابة يعني رمي هذه الأموال، وبالتالي لن يتمّ الوصول الى الأهداف المرجوّة، أمّا العائق الثاني فهو الانقسامات السياسيّة الكبيرة التي قد تشكّل عائقاً أساسيّاً أمام إعادة الإعمار، ويمكن تخطي العائقين عبر الإصلاحات ومن خلال وجود رجال دولة حقيقيّين".
أمّا عن الجهة المموّلة، فيُشير عجاقة الى أنّ "الدّول الأساس التي يُمكن أن تموّل الخطّة هي الدّول العربية والخليجيّة وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات وقطر، وفرنسا قد تموّل جزءاً من الخطّة فضلاً عن الولايات المتحدة الأميركية التي قد تهدف الى توحيد الجهود الاقتصادية في الشرق الأوسط ومع إسرائيل، وقطع الطريق على الصين اقتصادياً من خلال اتفاقات بين دول المنطقة"، لافتاً الى أنه في لبنان "يجب تمويل القطاعين الصناعي والزراعي وتأمين حلولٍ لجذب مُستثمرين لإعادة إعمار المنازل، وقد تأتي الأموال على شكل مُساعدات لإعادة إعمار المنازل مجاناً ضمن خطة معيّنة، أو قد تستدين الدولة الأموال من دون فوائد أو بفائدة ضئيلة بهدف إعادة الإعمار".
ويختم عجاقة بالقول: "يمكن أن تُشكّل خطّة مارشال حلاً إذا طُبّقت على صعيد المنطقة والإقليم وليس في لبنان فقط، وقد تؤدي الى انخراط لبنان بدور استراتيجي في محيطه، ونرحّب بمثل هذه الخطة خصوصاً إذا تمّ تمويلها من قِبل العرب، ما يعني عودة الاستثمارات العربيّة، وبالتالي ازدهار لبنان".