بين "الأسود الضارية" والإنهيار المفاجئ... الساعات الأخيرة لسقوط الأسد
أفادت صحيفة"وول ستريت جورنال"، اليوم الاثنين، عن مسؤولين سوريين، بأنّ الرئيس السوري بشّار الأسد أمر قوّاته بالدفاع عن دمشق مع اقتراب المعارضة المسلحة منها يوم السبت".
وأضافت الصحيفة، "اختفى الأسد بحلول أواخر يوم السبت ولم يظهر في خطاب ولم يكن لدى حكومته أي فكرة عن مكانه"، لافتةً إلى أنّ "الحكومة السورية علمت مع بقية العالم أنه هرب من البلاد قبل ساعات من وصول المعارضين المسلحين".
وفي السابع من كانون الأول 2024، انكسر أفق التوقع، وتبدلت الأحداث بسرعة، حيث تحققت في 12 يومًا ما عجزت عن تحقيقه 13 سنة. لم يكن ذلك اليوم، وليلة الثامن من كانون الأول، ليلة عادية في تاريخ سوريا؛ بل كانت لحظة فاصلة. في تلك الليلة انهار نظام حكم سوريا بعد 5 عقود، وتنفس الشعب السوري الصعداء، والتقى الأحباء بعد فرقة طويلة، كأنهم قصيدة نزارية تتدلى كأصابع الثلج على جبل الشيخ.
في تلك الليلة، اقتربت النجوم من الأرض أكثر من أي وقت مضى، وانتفض الفرح الذي طالما كبحه النظام الأسدي القاسي. عاد الشام إلى حاله، لكن هذه المرة لم يكن يقتل الناس بالنعيم كما كان يقال قديمًا. بل كان يقتلهم بالرصاص والبراميل المتفجرة، وبجيوش لم تعرف عذابات الغوطة ولا هدوء بردى، ولم تعش مرارة اليتم الذي عايشه الشعب السوري طوال 13 سنة من الحرب.
استجاب القدر لدعوات حرائر الشام، وتدفقت القبور بسبب الموت والدمار، في وقت كانت الأرض ضيقة على ضحايا النظام. لقد عاشت سوريا فصلاً جديدًا من التحولات، ولم يهز هذا التغيير الشام فحسب، بل قد يهز المنطقة بأكملها، ويعيد للأذهان لحظات فارقة في التاريخ العربي. كانت ليلة سقوط نظام الأسد.
لم يسقط الأسد في معركة مع "الأسود الضارية" كما يروج له أنصاره، بل كان انهيار نظامه مفاجئًا، وكأن التاريخ عاد ليغيب حقبة آل الأسد، لتبدأ مرحلة جديدة دون بشار الأسد. تم اختفاء الأسد في ظروف غامضة، حتى تم الإعلان عن لجوئه إلى روسيا.
بشار الأسد ينتمي إلى جيل من الحكام الذين ورثوا الحكم على حساب الشعب. وكان السوريون قد أطلقوا عليه اسم "الوحش"، قبل أن يصبح آل الأسد حكامًا تحت اسم يروج لهم، بينما كان الشعب السوري يعاني في السجون والمنافي من أصناف العذاب.
مرت السنوات، واشتد الألم في سوريا، وكان الطريق إلى دمشق مليئًا بالدماء والدمار، حيث فقد الشعب السوري أكثر من 600 ألف شخص، بينما شرد أكثر من 7 ملايين لاجئ داخل وخارج سوريا، فضلاً عن 7 ملايين آخرين نزحوا داخل البلاد.
وفي هذه السنوات العصيبة، كانت سوريا تدفع ثمنًا باهظًا، فقد دفع الشعب السوري ثمن 50 سنة من معاناته في سجن صيدنايا لترحيل بشار الأسد، الذي كانت طائرته مجهولة المصير قبل أن يعلن عن لجوئه إلى روسيا.
فجأة، انحلت عقد الزمن الدموي، وانهارت قوات النظام في 12 يومًا. كانت البداية من إدلب، وسرعان ما تبعتها حلب وحماة، وتمت السيطرة على مناطق الرستن وتلبيسة. مع تقدم قوات المعارضة، بدأ اللهب يلتهم سيطرة النظام في مناطق جنوب سوريا، وكان درعا والقنيطرة والسويداء، كلها أهداف لفصائل المعارضة التي اقتربت من دمشق.
في حمص، توقفت العمليات لمدة 72 ساعة، وهو ما قد يكون مقدمة لتغيير كبير في سوريا. من خلال المفاوضات أو بسبب الهجوم المباغت، تم السماح للأسد بالتخطيط للهرب.
ومع الحصار المفروض على دمشق من الجنوب، كانت السيطرة على حمص هي الطريق إلى العاصمة التي لم تعد تشع أملًا منذ سنوات حكم آل الأسد. بدأ الجنود التابعون للنظام يهربون من مواقعهم في دمشق، بينما توالت الأخبار عن بدء قوات المعارضة دخول دمشق في فجر يوم 8 كانون الأول، ليكون اليوم الذي سقط فيه نظام الأسد بشكل نهائي.
أعلن عن تحرير دمشق وسقوط النظام، وهبّ المئات إلى ساحة الأمويين احتفالًا بالنصر. في هذه اللحظات، أطلقت الحناجر أفراحها، وكانت دمشق في حالة من الانتعاش بعد سنوات من القهر.
ومع دخول المعارضة إلى دمشق، بدأ السجناء في سجن صيدنايا في ريف دمشق بالتحرر، وتوالت الأخبار عن فرار بشار الأسد من القصر، لتصبح الإذاعة والتلفزيون السوريين تحت سيطرة المعارضة.
أصبح سقوط التماثيل الأسدية رمزًا للسقوط النهائي للنظام، وكان آخرهم تمثال حافظ الأسد في قلب دمشق، ليختتم بذلك 6 عقود من حكم آل الأسد.