وقف النار بين إسرائيل وحزب الله... اتفاق يواجه تحديات كبيرة!
دخل وقف إطلاق النار المعلن بين إسرائيل وحزب الله في لبنان حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، ولكن يشوب القرار العديد من العيوب، وفقًا لما أفاد به كايل أورتون، محلل مستقل مختص في شؤون الإرهاب.
وأشار أورتون في مقال نشره في موقع "Unherd" البريطاني، إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في تنفيذ القرار، إذ يعتمد الإطار العام لوقف إطلاق النار هذا على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى الحرب السابقة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006. هذا القرار نصَّ على وجود منطقة تمتد على طول 12 ميلاً بين "الخط الأزرق" (الحدود الإسرائيلية اللبنانية) ونهر الليطاني، تكون "خالية من أي أفراد مسلحين وأسلحة، بخلاف تلك التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والقوات المسلحة اللبنانية".
كما دعا القرار 1701 إلى "التنفيذ الكامل لاتفاق الطائف"، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1989، و"طلب نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان"، وهي إشارة واضحة إلى حزب الله، الفرع اللبناني للحرس الثوري الإيراني.
وصف الكاتب فرضية القرار 1701 بالسخيفة، إذ لا يوجد جيش لبناني قوي قادر على ملء الفراغ الذي قد يتركه حزب الله. فالجيش اللبناني، في جوهره، يتألف من جماعات طائفية، بعضها أنشأه الحرس الثوري الإيراني أو تسلل إليه. أما قوات اليونيفيل، فقد أظهرت في أفضل الأحوال حالة من اللامبالاة خلال السنوات الثمانية عشر الماضية، مما أتاح لحزب الله بناء قواعده وتعزيز قوته على طول الحدود مع إسرائيل.
حدد اتفاق وقف إطلاق النار الحالي جدولاً زمنياً مدته 60 يومًا لانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من جنوب لبنان. من المفترض، بعد هذه المدة، أن تتولى قوات اليونيفيل والجيش اللبناني مهمة تأمين المناطق المُخلاة، مع انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، ونزع سلاح جميع الجماعات المسلحة غير الرسمية بشكل تدريجي.
العنصر الجديد في هذا الاتفاق هو تشكيل لجنة دولية تشمل الولايات المتحدة وفرنسا لمراقبة تنفيذه. ومع ذلك، أعربت إسرائيل عن تحفظها على الدور الفرنسي، مستندة إلى العلاقات الوثيقة بين فرنسا ولبنان.
يرى الكاتب أن المشكلة الكبرى تكمن في غياب أي قوة على الأرض قادرة أو مستعدة لإجبار حزب الله على الالتزام، مما يجعل الوضع الحالي نسخة مكررة من الظروف التي خلقها القرار 1701.
ورغم ادعاء بعض المعلقين الإسرائيليين أن إسرائيل تمكنت من تحييد حزب الله بعد تفوقها عليه، يشير الكاتب إلى أن هذا التحييد غير مكتمل، خاصة أن الجماعة استمرت في إطلاق مئات الصواريخ خلال الأيام القليلة الماضية. الهدف الأساسي لإسرائيل من هذه الحرب كان إضعاف حزب الله بما يتيح عودة 70 ألف نازح إسرائيلي إلى شمال البلاد. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول عدد الذين سيعودون فعليًا ومدى قدرة الاتفاق على الصمود طوال فترة الستين يومًا.
صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أحد دوافعه للموافقة على وقف إطلاق النار هو إتاحة "استراحة" للجيش الإسرائيلي، مما قد يكون أبرز الأثر العملي لهذا الاتفاق. سياسيًا، يبدو نتنياهو الآن في موقع أكثر أمانًا بعد إظهار تعاونه مع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، خاصة أنه حصل على دعم بايدن العلني لحق إسرائيل في الرد على أي انتهاك من حزب الله.