على وقع مخاوف من إنهاء عمل الأونروا... لجنتها الاستشارية تجتمع اليوم في جنيف
وسط مخاوف فلسطينية غير مسبوقة على مصيرها، من المقرر أن تجتمع اللجنة الاستشارية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في جنيف اليوم الاثنين، لمناقشة التهديدات والمخاطر التي تواجه عملها، بدءًا من حصارها المالي المستمر منذ سنوات، مرورًا بمنع تحركها في غزة في خضم الحرب الإسرائيلية، وصولًا إلى قرار الكنيست بحظر نشاطها داخل إسرائيل.
وقد أنشأت الأمم المتحدة اللجنة الاستشارية بموجب القرار رقم 302 الصادر بتاريخ 8 كانون الأول 1949. وتم تكليفها بمهمة تقديم النصح والمساعدة للمفوض العام للأونروا في تنفيذ مهام ولاية الوكالة. وعند تأسيسها، كانت مؤلفة من خمسة أعضاء، وهي اليوم تضم في عضويتها 25 عضوًا وثلاثة أعضاء مراقبين. وترأسها إسبانيا، بينما يتولى الأردن منصب النائب الأول، والبرازيل النائب الثاني، بالإضافة إلى الأونروا والدول أعضاء اللجنة، والتي تشمل الدول المضيفة للاجئين في مناطق عمليات الوكالة.
وتجتمع اللجنة الاستشارية مرتين سنويًا لمناقشة القضايا التي تهم الأونروا، وتسعى إلى الوصول إلى توافق في الآراء وتقديم النصح والمساعدة للمفوض العام للوكالة. ويلتقي الأعضاء والمراقبون بانتظام من خلال اللجنة الفرعية للجنة الاستشارية، بهدف مساعدة اللجنة الاستشارية في إيفاء مهمتها المتمثلة في تقديم النصح للمفوض العام.
انتخاب ترامب
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة" أن أهمية اجتماع اللجنة الاستشارية تكمن في تناوله المخاوف الفلسطينية من إنهاء عمل "الأونروا"، والذي ينبع من سلسلة تطورات بارزة وانعكاسها على مختلف أعمالها في الأقاليم الخمسة، وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس، غزة، الأردن، سوريا، ولبنان. ومن بين هذه التطورات:
أولًا: إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، وهو الذي اتخذ سلسلة من القرارات ضد القضية الفلسطينية برمتها، بما في ذلك إطلاقه "صفقة القرن" للسلام بين "إسرائيل" و"منظمة التحرير الفلسطينية". وقد شملت هذه القرارات وقف الدعم المالي عن الوكالة، والذي كان يشكل ثلث موازنتها، ما أوقعها في عجز ما زالت تعاني من تداعياته حتى اليوم.
وكشفت المصادر أنه في آذار 2025 من المتوقع استئناف الإدارة الأميركية مساعداتها المالية للوكالة، ولكن التجارب السابقة مع ولاية الرئيس ترامب كانت خطيرة ومريرة. وتكمن الخشية في الضغط على الدول المضيفة لتحمل العبء المالي والخدماتي، والأهم السياسي للاجئين، بما قد يؤدي إلى قبول توطينهم. وهذا يستدعي أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في استمرار دعم "الأونروا"، خاصة أن غالبية الدول رفضت قرار الكنيست.
قرار الكنيست
-ثانيًا: استمرار الاستهداف الإسرائيلي منذ سنوات طويلة لإنهاء عمل "الأونروا"، والذي بلغ ذروته خلال الحرب على غزة، حيث اتُّهمت الوكالة بأنها تضم في صفوفها عناصر من "حماس"، وصولًا إلى إقرار الكنيست، بالقراءتين الثانية والثالثة في 28 تشرين الأول الماضي، قانونًا يحظر نشاط "الأونروا" داخل إسرائيل. ومن المتوقع التصويت قريبًا على تصنيفها "منظمة إرهابية" خلال 90 يومًا.
وفي إحاطته أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قبيل انعقاد اللجنة الاستشارية، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن قرار الكنيست يحقق أحد الأهداف المعلنة صراحة للحرب على غزة. واعتبر أن قانون الكنيست يشكل ضربة قاسية لموظفي الوكالة، موضحًا أن هناك 17 ألف موظف في الأراضي الفلسطينية المحتلة يخشون فقدان وظائفهم.
وأكد لازاريني أنه إذا لم تتمكن الوكالة من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن مسؤولية تقديم الخدمات للفلسطينيين ــ وتحمل تكاليف هذه الخدمات ــ لن تقع على عاتق الأمم المتحدة، بل على عاتق إسرائيل باعتبارها القوة المحتلة. وقال: "نحن نعيش اللحظة الأكثر قتامة بالنسبة للوكالة منذ 75 عامًا".
البحث عن بديل
-ثالثًا: البحث الجدي عن بديل لـ"الأونروا"، حيث ارتفعت مؤخرًا الدعوات الإسرائيلية لتشكيل مؤسسات بديلة عنها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في أعقاب دخول قانون حظر عمل الوكالة الذي أقره الكنيست.
وتعتبر المصادر الفلسطينية هذا التوجه خطرًا استراتيجيًا، إذ ينزع القوة السياسية والقانونية عن قضية اللاجئين التي تعبر عنها الأمم المتحدة من خلال وجود "الأونروا"، ويحولها إلى مجرد قضية إنسانية. كما أن دعوات نقل خدمات "الأونروا" إلى "إدارة فلسطينية مفوضة" تصب في الاتجاه نفسه، وقد تمثل خطوة تمهيدية إضافية لإنهاء دور الوكالة بالكامل وفقًا لولايتها.
إنشاء الأونروا
يُذكر أن الأمم المتحدة أنشأت "الأونروا" في عام 1949، بهدف تقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين، على أن تُجدَّد ولايتها كل ثلاث سنوات إلى حين التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. وتعمل الوكالة في خمسة أقاليم، وهي تواجه منذ سنوات عجزًا ماليًا كبيرًا نتيجة لضغوط من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بهدف إنهاء عملها.