لا وقف قريباً لإطلاق النار ولا مفاوضات؟
تستبعد مرجعية سياسية التوصل إلى وقف إطلاق نار قريب. تقول إن أي اتفاق يلزمه زيارات مكوكية للموفد الأميركي آموس هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل لبلورته. وتزامناً مع موعد انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة المقررة خلال الأيام القليلة المقبلة، فمن غير الممكن بلورة اتفاق أو الإعلان عن وقف نار قريب. وتُعرب المرجعية عينها عن تشاؤمها للآتي من الأيام، التي ستشهد مزيداً من الاعتداءات والضربات الإسرائيلية على لبنان. تتقاطع هذه الأجواء مع ما ذكرت مصادر ديبلوماسية من أن هوكشتاين زار إسرائيل ولم يعلن عن وصوله، لفشله في اقناع رئيس وزراء إسرائيل بالحل. ثم عاد وزارها وتكرر فشله ثانية. القناعة الراسخة هي أن الولايات المتحدة فقدت قدرة لجم رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، وثنيه عن مواصلة عدوانه على لبنان.
وهذا يعني أن لا وقف إطلاق نار قريباً، لا مفاوضات ولا تسوية. ثلاث لاءات متلازمة تفرضها وقائع الميدان في الجنوب، والوقت المتبقي للانتخابات الرئاسية الأميركية، ووجود نتنياهو المصر على استكمال حربه على لبنان، على الرغم من عدم وجود أهداف متبقية كي ينتهي من تحقيقها. فعلياً، أنهى بنك أهدافه يوم اغتال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وقادة حزب الله المؤسسين، كما استهدف عدداً من المواقع العسكرية، ثم بدأ باستهدافات عشوائية غايتها المزيد من الدمار والتهجير.
تضليل متعمد
ولهذا السبب، يمكن تفسير تبدد أجواء التفاؤل التي أُشيعت خلال الساعات الماضية، والتي وضعها حزب الله في إطار أهداف ترمي إسرائيل إلى تحقيقها، وتندرج في سياق محاولة تضليل متعمدة للبنان وليس تحقيق وقف إطلاق النار.
أما الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، فقد حاول في الفترة القصيرة الفاصلة عن موعد الانتخابات الأميركية، انتزاع وقف مؤقت للنار من نتنياهو، يستثمره في صندوقة الاقتراع لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس.
وإذا كانت الدولة اللبنانية تحرص على التماهي مع أي صيغة متداولة كي تظهر تجاوبها مع المحاولات المبذولة، فإن حزب الله لم يعر ما جرى تداوله أي اهتمام، مشككاً في التسريبات الإسرائيلية وما حمله الموفد الأميركي إلى إسرائيل.
ينفي حزب الله وجود أي صيغة رسمية أو غير رسمية لوقف النار وتطبيق القرار 1701. وتتحدث مصادره القريبة عن صيغة سبق وحملها هوكشتاين تم تمزيقها قبل إخضاعها للنقاش، لكونها تضمنت شروطاً لا يمكن أن يقبل بها حزب الله. وقد أُعدت بعد اغتيال الأمين العام، ظناً من إسرائيل وأميركا أن حزب الله انتهى، وأنها الفرصة التاريخية لفرض شروط إسرائيل لوقف النار. لكنها عادت لتفاجأ بأن الحزب لا يزال متماسكاً ويعيد استنهاض قدراته. في تفسير حزب الله أن التداول بمسودة اتفاق بالشكل الذي تم، غايته بث أجواء غير صحيحة للتأثير سلباً على الناس وإيهامهم بقرب الحل، ولتمرير ضربة عسكرية في مكان ما في المنطقة. حتى الساعة يجزم حزب الله بأن لا وقف نار قريباً ولا مفاوضات.
القرار 1701
أما لجهة القول بأن حزب الله موافق على القرار 1701 فلا موقف لديه ليعلنه. القرار أقر عام 2006 بموافقة لمجلس الوزراء والسلطة السياسية، وبنوده متعارف عليها، وحزب الله غايته في نهاية المطاف إنهاء مأساة الناس. وجود هذا القرار وتطبيقه لن يغيرا في واقعه، حسب اعتقاد المصادر المطلعة. في الأساس، فقد بنى حزب الله قدراته العسكرية وراكمها في ظل وجود هذا القرار، بما فيها قدرته الدفاعية.
يسلم حزب الله راية التفاوض لرئيس مجلس النواب نبيه برّي. التنسيق كامل بين الثنائي، وإذا توافرت صيغة معينة لوقف النار، فالحزب لا يمانع نقاشها. وحسب الحزب، وقف النار إن تم اليوم، يعد انتصاراً للحزب خصوصاً وأن العدو الإسرائيلي عجز عن التوغل مسافة 500 متر إلى داخل الأراضي اللبنانية.
يرى حزب الله أن الميدان هو الذي سيعيد رسم المعادلات. بإمكانه الاستمرار في الحرب أشهراً إضافية وربما لعام بكامله، ويملك من القدرات العسكرية ما يمكنه من ذلك (والكلام دائماً للمطلعين على أجوائه عن قرب). يعتبر أنه يخوض حرباً مصيرية. في قراءاته، أن نتنياهو لا يريد إنهاء عملياته أو يضع حداً لاعتداءاته في لبنان، وإذا انتهى منها بالشكل الذي رسمه، وهذا مستحيل، فسينتقل إلى سوريا ومنها إلى إيران. ولذا فعمليات جيشه مستمرة ولا وقف لاطلاق النار. البحث الجدي لم يبدأ بعد.
وما يكشف عنه حزب الله تؤكده المصادر الديبلوماسية، التي تتحدث عن شهر في غاية الصعوبة إلى أن تتوضح معالم انتخابات الولايات المتحدة.