بسبب الشهيد فرحات لا يتم تسليح الجيش اللبناني: عقيدة أبطال دفاعاً عن لبنان
في شهر آذار من العام الماضي وقف الرائد محمد فرحات على الحدود الجنوبية شاهراً سلاحه بوجه العدو الإسرائيلي، ومانعاً أي خرق على مرأى عناصر من القوات الدولية العاملة في الجنوب، وحضور الجنود بإمرته، يومها وقف ضابط واحد، يعبّر عن وجدان الجيش اللبناني وعقيدته القتالية، بوجه جيش العدو الذي لم ينسَ وجه الرائد، فاغتاله.
ليل الخميس، كان جنود الجيش اللبناني بقيادة فرحات ينفذون عملية إخلاء لجرحى سقطوا نتيجة الغارات الإسرائيليّة، فاستهدفهم العدو في خراج بلدة ياطر-بنت جبيل ليغتال الضابط فرحات، ومعه اثنين من الجنود الأبطال، العريف موسى مهنا والجندي محمد نزال، ليثبت للجميع أنّ حرب إسرائيل ليست مع حزب أو طائفة، إنما هي حرب ضد لبنان، وبحال كان العدو يعمد الى استهداف طائفة وتحييد آخرين فهذا لأنه كان ولا يزال يعمل على تفتيت هذا البلد من الداخل.
بكل تأكيد لم تكن عملية الاغتيال صدفة، وإن كانت مؤسسة الجيش اللبناني معتادة على تقديم الشهداء على مذبح الوطن، إنّما اغتيال فرحات كان بقرار إسرائيلي، فهذا الجيش لم ينس كيف وقف الضابط الشاب ببندقيته أمام جبروت جيش جرّار مجهّز بأعتى الوسائل القتالية، فهذا العدو يحقد والحقود لا يتصرّف صدفة.
تصرف الضابط الشهيد، بحسب مقربين منه، يعكس أمرين أساسيين لا بد من التوقف عندهما لدى الحديث عن واجبات الجيش ودوره الحالي والمستقبلي، الأمر الأول يتعلق بتربية هذا الضابط، الذي خرج من منزل يجاهر بالعداء لإسرائيل وحب الوطن، ودخل الجيش اللبناني إيماناً منه بدور هذه المؤسسة الوطنية بحماية البلد، وضرورة أن تكون حاضرة على الحدود للدفاع عنها، أما الأمر الثاني فهو العقيدة القتالية للجيش اللبناني، وهي شرط أساسي لأيّ جيش في العالم فبحسبها يمكن قراءة حجم التضحيات التي يستعد الجندي لتقديمها، وفي الجيش اللبناني تسيطر على الغالبية عقيدة قتالية بوجه إسرائيل على اعتبارها عدوّة للبنان، وبالتالي ما يحتاجه الجيش هو السلاح فقط.
يقول المقربون من الشهيد فرحات عبر "النشرة" أنّه كان منذ بداية الحرب يتمنى لو أن الجيش مسلحاّ بما يكفي لكي يخوض الحرب مانعاً العدو من الدخول الى الأراضي اللبنانية، فهو منعهم مرة باستخدام لغة التهديد، وكان يمنّي النفس لو أنه يمنعهم مرة ثانية باستخدام لغة النار، مشيرين الى أن محمد أصرّ ألاّ يترك الجنوب، وكان سباقاً في تنفيذ أيّ مهمة مهما بلغت مخاطرها، وهو في النهاية كان يُدرك أن البذة العسكرية تحتّم عليه تنفيذ المهام والواجبات.
يجري البحث في أروقة القرار في العالم بتسليح الجيش اللبناني ليتمكن من استلام زمام الدفاع عن لبنان في الجنوب، ولكن بالنظر الى عقيدة الجيش وضبّاطه، ومعرفتنا المسبقة بانحياز هذا العالم الى جانب الظلم المتمثل بهذا الكيان، فإنّ حلم تسليح الجيش قد لا يتحقق، لأنّ السلاح المتطوّر إذا ما ترافق مع العقيدة القتالية للضباط والجنود في الجيش اللبناني فإنّه سيشكل خطراً على إسرائيل.