الإجراءات القضائية تتلاحق بملفّ سلامة.. والنيابة المالية ادعت عليه بـ"الاختلاس وتبييض الأموال"
انقلبت وجهة المشهد اللبناني بعد يوم واحد من توقيف حاكم مصرف لبنان سابقاً رياض سلامة، وحل هذا الحدث بتداعياته وما يثيره من تساؤلات واحتمالات في صدارة الاهتمامات والمتابعات.
وسيكون يوم غد الجمعة، اليوم المفصلي الحاسم في رسم وجهة المسار القضائي الذي تسلكه عملية توقيف سلامة ومن ثم الإدّعاء عليه وبعدها مباشرة التحقيق الموسع معه وصولاً إلى الشروع في محاكمته، ما لم يدفع بالأدلة والوثائق والدفوع التي تمكنه من قلب هذا المسار، باعتبار أن فترة التوقيف الاحتياطي التي إتخذ المدعي العام التمييزي جمال الحجار قراره في ظلها تمتد إلى أربعة أيام منذ الثلاثاء الماضي.
وجاء في " النهار": وفق المناخات والمعطيات السائدة حتى البارحة، لم تكن ثمة مؤشرات توحي بأن الأمر سيتجاوز التحقيق الحصري مع سلامة في ملفات تنحصر فيها الاتهامات بمسؤوليته الحصرية. ولكن المتابعين للمسار لا يسقطون احتمالاً، ولو ضئيلا، بأن تتطور الأمور في حال تبين أن الملف المثار للتحقيق سيقود إلى فتح ملفات أخرى مترابطة بما يقود الى مراحل تشابك المسؤوليات المالية المصرفية التي كان يتولاها سلامة والمسؤوليات السياسية علماً أن "توريط" السياسيين يتعلق في المقام الأول بملفات الفساد التي افضت الى الانهيار.
وأكدت مصادر مالية مسؤولة لـ"النهار" أن لا تأثير لتوقيف سلامة على الوضعين الاقتصادي والنقدي، فهو خارج الموقع والليرة التي كانت تهتز خوفاً من غياب دوره في مصرف لبنان صارت خارج الخدمة نسبياً، ووقع المحظور الذي كان يخافه الجميع، فيما السياسات التي يمارسها المركزي حالياً تجاه ضبط سعر الصرف، وشفط السيولة والتضخم، كافية مبدئياً لتحصين الاستقرار مرحليا، وتمرير الأزمات.
وتستبعد هذه المصادر تأثير توقيف سلامة على الملفين النقدي والمصرفي لاعتبارات عدة. إذ بالنسبة لإمكان ارتفاع سعر صرف الدولار، تشير الى أنه نتيجة السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان أخيراً، انخفضت الكتلة النقدية بأكثر من 25% منذ بداية عام 2023، لتصل إلى 57 تريليون ليرة حاليا. أما الاحتياطات الأجنبية للمصرف المركزي، فسجلت فائضاً فاق المليار و800 مليون دولار منذ آب 2023، لتصبح 10,388 مليارات دولار في مقابل كتلة نقدية دون الـ 700 مليون دولار"، وتالياً لا خوف مطلقا على سعر الصرف.
وكتبت" الشرق الاوسط":مصدر قضائي مطلع على ما يدور في أروقة قصر العدل، توقّع أن «يسلك الملفّ مساراً طويلاً ومتشعباً، خصوصاً أن المبالغ المالية المشتبه باختلاسها من أموال البنك المركزي تفوق الـ40 مليون دولار»، مشيراً إلى أن «خطوة الحجار التي سبقت قرار التوقيف اكتسبت طابع السرية التامة، وهذا ما أدى إلى نجاح الإجراءات القضائية». وأكد المصدر أن «الأسلوب الذي اعتمده النائب العام التمييزي لجهة تحديد جلسة الاستجواب من دون الإعلان عن ذلك مسبقاً وبعيداً عن الاستعراضات، يدلّ على اعتماد مسار قضائي سليم وغير معلّب». وقال إنه يأتي «بخلاف التبليغات السابقة التي كانت ترسل إلى سلامة وتسببت بكثير من الإشكالات حتى بين الأجهزة الأمنية، ما مكنّه من الإفلات من التحقيق سواء أمام القضاء اللبناني، أو الامتناع عن تبلغ المذكرة التي أرسلتها القاضية الفرنسية أود بوروزي، واستدعته للمثول أمامها في دائرة التحقيق في باريس، ما استدعى إصدار مذكرة توقيف غيابية تحوّلت إلى نشرة حمراء عممت عبر الإنتربول الدولي»، مشيراً إلى أن «رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العميد نقولا سعد انتقل يوم الخميس الماضي على رأس دورية من قسم المباحث إلى منزل سلامة في طبرجا، حيث تبلغ الأخير شخصياً ووقّع على المذكرة، بما لا يسمح له بالتغيّب عن الجلسة أو يتذرّع بأي سبب»، مشيراً إلى أن «الإجراءات القائمة حالياً دقيقة وتراعي المعايير القانونية، وتحفظ سلامة العمل القضائي بعيداً عن التوظيف السياسي».
ويفترض تكشف جلسات الاستجواب أمام قاضي التحقيق عن أسماء جديدة ستوضع على قائمة الاستدعاءات، وفق تقدير المصدر القضائي الذي جزم بأن القاضي حلاوي «سيستدعي كل من يبرز اسمه أو دوره خلال الاستجواب ليصار إلى التحقيق معه بما يؤدي إلى استعادة أموال الدولة وأموال الناس»، مشيراً إلى أن الإجراءات القضائية خرجت من مرحلة صناعة «البروباغندا الإعلامية» التي كانت معتمدة في السابق إلى مرحلة ضمان العدالة وإحقاق الحق.
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن هيئة القضايا في وزارة العدل التي تمثّل الدولة اللبنانية «ستواكب المسار القضائي الجديد، وقد تعمد إلى الادعاء على سلامة باسم الدولة، كما فعلت في الملفّ السابق الذي لا يزال عالقاً أمام الهيئة الاتهامية، ومجمّداً منذ 13 شهراً بفعل دعاوى المخاصمة التي رفعها سلامة ضدّ رؤساء ومستشارين في ثلاث هيئات تعاقبت على هذا الملفّ، ولم تحدث فيه أي خرق لدعاوى المخاصمة التي كبّلتها، ولكون الهيئة العامة لمحكمة التمييز المخوّلة البتّ بدعاوى المخاصمة منحلّة، ولا إمكانية لتعيين هيئة جديدة، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإجراء تعيينات جديدة في المراكز القضائية الحساسة، ومن ثمّ إجراء تشكيلات قضائية عامة وشاملة تؤدي إلى انتظام عمل السلطة القضائية».
وكشف أحد وكلاء سلامة لـ«الشرق الأوسط»، أن «فريق الدفاع لا يزال تحت تأثير الصدمة جراء توقيف موكلهم، خصوصاً أنهم لم يطلعوا على قرار استدعائه إلى التحقيق من قبل النائب العام التمييزي». وقال: «تفاجأنا جميعاً بما حصل ولا نعرف خليفات هذا القرار، ولا يمكننا أن نفعل شيئاً قبل أن يمثل سلامة أمام قاضي التحقيق، ونحضر الجلسة، ونطلع على حيثيات القضية والمستندات التي بررت توقيفه»، مبدياً أسفه لأن «كل ما نعرفه عن هذه القضية تلقيناه عبر الإعلام».
وكتبت" الاخبار": تكشّفت أمس تفاصيل مجريات يوم الثلاثاء التي أفضت إلى توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بعدما استمع إليه مدّعي عام التمييز بالإنابة القاضي جمال الحجار. وبحسب المعلومات، فإن سلامة أراد حلاً لمشكلة منعه من السفر بناءً على الإشارة التي أصدرتها النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، ومحاولة «فكفكة» القيود الخارجية عليه عبر التعاون مع القضاء المحلي على طريقة «الشاهد الملك». لذلك، وبعد مشاورات بين وكيله القانوني والقاضي الحجار، قرّر سلامة الحضور إلى قصر العدل كمستمع إليه في ملف شركة «أوبتيموم» وأمور أخرى على علاقة بمصرف لبنان، فيكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد: يتعاطى إيجاباً مع القاضي الذي يمسك بملفه، بما يمهّد لاحتمال حصول خرق ما في الخارج على شاكلة إلغاء ألمانيا قبل أشهر مذكّرة التوقيف بحقه.
إلا أن مجريات الجلسة شكّلت مفاجأة لسلامة الذي يبدو أن ثمة من أعطاه تطمينات باستحالة توقيفه. لذا، لم يكن يتوقع أن يواجه بوثائق وأدلة تثبت اختلاسه أموالاً عامة، وأن يعمد الحجار إلى توقيفه نتيجة ظهور معطيات تؤكد تورّطه، وهو ما يقوم به القضاة غالباً في جلسات الاستجواب.
وما إن وصل ملف سلامة إلى المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم أمس، حتى ادّعى عليه الأخير وحوّله موقوفاً إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي بجرائم «الاختلاس وسرقة أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع»، طالباً استجوابه وإصدار مذكّرة توقيف وجاهية بحقه سنداً إلى مواد الادّعاء، علماً أن إبراهيم رفض سابقاً تسجيل ملف شركة «فوري» (يملكها شقيق الحاكم رجا سلامة واستخدمها سلامة لتبييض الأموال إلى الخارج) عندما حُوّل إليه من قبل النائب العام الاستئنافي للادّعاء بعدما أنجزه القاضي جان طنوس، وردّه إلى مرسله. وعليه، بات يفترض بحلاوي إصدار مذكّرة توقيف وجاهية بناءً على طلب المدعي العام يليها تعيين موعد لجلسة استجواب سلامة الذي يُتوقع أن يقدّم دفوعاً شكلية وطلباً لإخلاء سبيله لقاء كفالة مالية.
وجاء في افتتاحية " اللواء":في تقدير مصادر مالية ومصرفية ان توقيف سلامة، تمهيداً لمحاكمته او اي اجراء قضائي اخر، من شأنه ان يعيد الاعتبار الى المصداقية اللبنانية لجهة العمل على «منع تبييض الاموال» تمهيداً لإبعاد النظام المصرفي في لبنان عن اللائحة الرمادية.
وجاء التوقيف بعد النظر القضائي في التقرير الذي سلمته الى القضاء هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي حول صندوق الاستشارات الواقع تحت سلطة سلامة، بعدما تبين ان تحويلات مالية حصلت بين شركة اوبتيموم والصندوق، ومن الى حسابات خاصة لسلامة وعائلته، عبر محامين معتمدين لهذه الغاية من قبل سلامة والعائلة.
وكان النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، إدّعى على سلامة أمس بجرائم الاختلاس وسرقة اموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع". وجاء الإدعاء بعدما ختم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار تحقيقاته الأولية مع سلامة، وأودعها جانب النيابة المالية، وقد أحال القاضي ابراهيم الحاكم السابق مع الادعاء ومحاضر التحقيقات الأولية إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، طالباً استجواب سلامة وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه سنداً لمواد الادعاء المشار إليها. وسيبدأ القاضي حلاوي اعتباراً من اليوم، الاطلاع على الملفّ على أن يحدد موعداً لاستجواب سلامة الجمعة أو الاثنين المقبلين.
وأوضح الحجار أن "ملف الموقوف احترازياً الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة سيسلك مجراه القانوني وسيتم تحويله إلى قاضي التحقيق"، ولم يجزم الحجار ما إذا كان التحقيق مع سلامة سيبدأ اليوم. وأشارت المعلومات إلى أن الملف سيتحول إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي على أن يبت بأمره سواء بمذكرة توقيف وجاهية أو اخلاء بكفالة مع ترجيح التوقيف.