الإنترنت في حال بدء الحرب.. أمن قومي يُمنع المساس به؟
يتربع الإنترنت على عرش القطاعات ويتقاسم الأولوية مع بعضها الآخر لناحية حساسيته وأهميته. والخوف من عدم القدرة على استعماله في حال بدء الحرب التي تهدد إسرائيل من خلالها بإبادة الحياة في لبنان باتت نقطة أساسية نظرًا إلى ارتباطه بأغلب القطاعات الأخرى.
منذ بدء الحرب على غزة، برزت تهديدات قطع كابلات الإنترنت من قبل الحوثيين، الذين هددوا مرارًا وتكرارًا باستهدافها وقطع ما نسبته 99% من الإتصالات العابرة للقارات التي تمر عبر الكابلات البحرية. فما هو الوضع حاليًا؟
صعب لكن ممكن
محللون وباحثون حول العالم أكّدوا أن ليس للحوثيين فقط القدرة على الوصول إلى الكابلات البحرية إنّما قطعها أيضا واستهدافها، خاصة وأن الكابلات المتواجدة في هذه المنطقة هي مسؤولة عن 17% من مجمل حركة الإنترنت، عدا الإتصالات، وهذا ما يعني تعطيل قطاع التجارة والأعمال والبنوك في نقطة حيوية بين آسيا وأوروبا.
فبالعودة إلى العام 2021، إبّان تعرّض كبل بالقرب من استراليا للتلف، استغرق آنذاك إصلاحه قرابة الأسبوعين، إلا أن الوضع اليوم مختلف، إذ في حال قام الحوثي باستهداف الكابلات البحرية فإن أمر الإصلاح لن يتم إلا بموافقتهم، نسبة إلى أن هؤلاء قادرون على استهداف سفن الإصلاح التي ستصل إلى الموقع، فكما تم إغراق واستهداف أكثر من سفينة تجارية في البحر الأحمر، فإنّ سفن إصلاح الكابلات لن تكون هدفا صعبا على الحوثيين، وبإمكانها بالتالي منع اقتراب أي سفينة. ومن هنا تتجلى خطورة هذه الخطوة بتأثير مباشر على الإتصالات، خاصة العسكرية والأمنية الإستراتيجية، إذ تعتبر هذه الكابلات طريق تمرير البيانات التي تؤسس للعمليات وتُخطر في الوقت نفسه بالخطر.
أمن قومي لبناني
محليًا، وصّف الخبراء والمسؤولون الإنترنت في لبنان بقضية الأمن القومي، أي بمعنى أي استهداف لأي مصدر للإنترنت يؤدي إلى قطعه عن لبنان من دون أن تتأثر الدول التي تستفيد من الخدمة، يشير لمنحى خطير قد يطيح بكافة القطاعات، بدءًا من المؤسسات الأمنية، وصولاً إلى المستشفيات والبنوك، وغيرها من القطاعات التي تعتمد على الخدمة بشكلٍ كليّ.
من هنا، يتخوف المسؤولون من سيناريو استهداف كابلات البحر القبرصية من قبل إسرائيل، وبالتالي، تعطيل كافة السنترالات، ما يعني أنّ لبنان سينقطع عن العالم.
عمليًا، وزارة الإتصالات وهيئة أوجيرو تحركتا على الأرض حيث تم وضع خطط لتدارك أي عملية استهداف، إلا أنّ هذه الخطط تؤكّد معلومات "لبنان24" أنّها لن يكون لديها القدرة على تغطية لبنان بشكل كامل، بمعنى أن هذه الخطط قد تشمل فقط القطاعات الأساسية مثل المستشفيات والجيش والقوى الأمنية والوزارات، بالاضافة إلى شمل الدفاع المدني والصليب الأحمر والطواقم الطبية نظرًا إلى دورهم المهم على الأرض.
وزارة الإتصالات تتحضر
بالتوازي، لا تخفي مصادر وزارة الإتصالات خشيتها من استهداف الإنترنت في لبنان، وفي هذا السياق علم "لبنان24" أنّ الوزارة أعدّت خطة تهدف من ورائها إلى ضمان استمرار الخدمة خاصة في القطاعات الحيوية.
من هنا، تؤكّد هذه المصادر أن الخطة لن يتم الإفصاح عنها، وهناك عدد معين من الأشخاص يعلمون بتفاصيلها ومن غير الممكن أن تتسرب ضمانًا لتنفيذها في حال تَوقف الإنترنت.
وتضيف المصادر لـ"لبنان24" أنّه بالنسبة إلى المستشفيات، ونظرًا لحساسية دورها، فقد أمّنت وزارة الإتصالات إجراءً خاصًا لها، يضمن استمرار حصولها على الإنترنت بشكل مستمر. وأكملت المصادر:" في حال حصول أي ضربة على الإنترنت فإن الوزارة أمّنت طريقة للمستشفيات لحصولها على الخدمة، وهذه الطريقة ليست طريقة تقليدية. كما تعمل شركتا ألفا وتاتش بالاضافة إلى هيئة أوجيرو على خطط أخرى لضمان تسهيل الوصول إلى الإنترنت".
ماذا عن ستارلينك؟
على الأرض، لبنان في الوقت الحالي يرتبط بثلاث شبكات رئيسية، واحدة منها واسمها "قدموس2" تعتبر الأهم، وتتحمل الضغط الأكبر، إذ إنّ هذا المركز يصل لبنان بقبرص.
أما عن مشروع الحصول على الإنترنت من شركة "ستارلينك" فقد أشارت مصادر وزارة الإتصالات إلى أن هذا الموضوع في الوقت الحالي مجمّد.
وتشرح المصادر لـ"لبنان24" أسباب توقف المشروع، إذ تشير إلى أنّ الوزارة كانت قد تقدمت لمجلس الوزراء بطلب للتعاقد مع الشركة، إلا أن المجلس رفض، ولكن وزارة الإتصالات استمرت بعقد اجتماعاتها مع الشركة بالإضافة إلى جهات أمنية، حيث طلب الأمنيون من ستارلينك معلومات وبيانات "Destination IP"، وهذا ما لم تؤمنه شركة ستارلينك، علمًا أن وزير الإتصالات جوني القرم يؤيد تطوير الإنترنت، وهو مع تنفيذ المشروع، إذ لا يمكن للوزارة أن تقف في وجه التطور أو يتم عزل لبنان عن العالم.
وتوضح المصادر أنّه في الوقت الحالي من اللازم أن يتوفر للبنان الإنترنت البديل الذي يحل مكان الطرق التقليدية، ومن هنا تشير المعلومات إلى أنّه وعلى الرغم من عدم إتمام المشروع فإنّ الوزير القرم حسّن الإجراءات وحاول تطوير الإنترنت أكثر، بالاضافة إلى الخطة البديلة التي تم وضعها، حيث أعطى تعليمات واضحة لشركتي ألفا وتاتش، بالاضافة إلى هيئة أوجيرو للسير بالمعطيات والخطة التي تم وضعها تحسبا لأي طارئ