حظوظ التسوية في غزّة ضئيلة ونتانياهو يريد اتفاقاً يسمح له بالعودة للحرب
عندما ينظر البعض الى الحرب بين اسرائيل وغزّة أول ما يتماهى الى ذهنه أي نوع من الحروب يُمكن أن تكون هذه، خصوصاً وأنّها إنتهكت كل القوانين الدولية والأعراف وحصلت فيها المجازر والإبادات الجماعية وغيرها... حقيقة هي أبشع أنواع الحروب.
من يقرأ ويسمع، يعود بالذاكرة الى العصور القديمة حين كان الاوروبيون يستخدمون مصطلح "الحرب العادلة"... فماذا يمكن توصيف ما يحدث اليوم؟.
في العصور القديمة جرى إستخدام توصيف "الحرب العادلة" في ظلّ وجود المسيحيين في أوروبا، وكانت تلك الدول تتذرع بهذا المفهوم، ولكن وبعد إختفاء السيطرة الدينيّة، تم الانتقال الى توصيف جديد الا وهو "حرب الدفاع عن النفس" وذلك في العصر الحديث. ولـ"الحرب العادلة" شروط تتركز على أن خوضها مفروض على الدولة وهناك قواعد لتلك الحروب يجب احترامها، أبرزها القانون الدولي الانساني، وفي غزّة تحديدا إنتهكت جميع أنواع القوانين، على حدّ تأكيد أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتورة ليلى نقولا.
وتشرح الى أنه "وفي الحرب العادلة لا يمكن قتل وتجويع المدنيين وتعذيب الأسرى وكل ما تقوم به إسرائيل هو العكس لذلك".
طبعاً بات واضحا أن إسرائيل لا تحترم أيّ قواعد للحرب، لا بل على العكس ذهبت بعيدا في حربها ووصلت الى الإبادة الجماعية، ولكن اليوم بدأت تخرج أصوات تتحدث عن قرب التوصل الى تسوية وأبرزها كان من وزير الخارجية الاميركي أنطوني بلينكن. إلا أن ليلى نقولا لا ترى وبالخطوط الحمر التي وضعها رئيس الوزراء الاسرائيلي نيامين نتانياهو أيّ تسوية قريبة، شارحة أنّ "رئيس الوزراء الاسرائيلي يريد أن يسيطر على كل الحدود المصرية مع غزّة أو ما يسمّى بمعبر صلاح الدين وكل المعابر الباقية كمعبر رفح ومعبر فيلادلفيا بحجة منع إمداد السلاح لحماس، وبالتالي إن نجح فيما يسعى إليه يصبح قطاع غزّة غير قابل للحياة فيه".
"بالمقابل يواجه مشكلة انهاك جيشه وبالتالي لا يستطيع أن يبقي الجيش الاسرائيلي في المدن، بل يريد أن يسيطر عليها من الخارج ويقوم بمناطق عازلة". هنا تؤكد ليلى نقولا أن "نتانياهو يسعى أيضا للسيطرة على محور نتساريم حتى يقطع شمال غزّة عن وسطها وجنوبها، وذلك بهدف منع عودة النازحين الى شمال القطاع لأن كلّ الكثافة السكانية هي بالمدينة"، وتشير الى أن "أيًا من مصر أو حماس لن يقبلا بما يطرحه خصوصاً بدا واضحًا أنه يريد اتفاقاً يسمح له ساعة يريد أن يعود للحرب".
بموازاة هذا المشهد الخطر فإنّ اندلاع حرب شاملة مع لبنان لا تزال قائمة. وهنا تلفت ليلى نقولا الى أن "ظروفها غير متوفّرة والأنظار اليوم كلها متجهة الى حرب غزّة والضغط الوحيد على رئيس الوزراء الاسرائيلي هو من الجيش الذي يريد ايقاف الحرب ولو لفترة"، في المقابل تشير الى أن "فكرة إنهاء الحرب لم تلاقِ "رواجا" أو شعبيّة لأن الاسرائيليين يريدون استعادة الأسرى والقضاء على حماس"، وتشدد على أن "المعارضة الاسرائيلية هي من تدفع للذهاب الى حرب مع لبنان على عكس نتانياهو الذي يخشى من نتائجها ويدرك أنها قد تكون "الضربة القاضية" له".
الحرب مع غزّة مستمرّة والواضح أنّه وفي المدى المنظور لن يكون هناك تسوية مهما تمّ الترويج لهذه الفكرة.