الرئاسة اللبنانيّة... نلقاكم في العام المقبل
يشهد لبنان حركة موفدين، من أكثر من جنسيّة. يتفاجأ مسؤولون لبنانيّون يلتقون هؤلاء بأنّ زوّارهم لا يحملون جديداً، بل يظهرون بموقع السائل لا المجيب.
يغيب الاستحقاق الرئاسي عن كلام غالبيّة الموفدين الذين يزورون لبنان، والذين يبدو بعضهم، وفق مصادر سياسيّة، غير مطّلعين بما يكفي على الأوضاع اللبنانيّة، بدليل أنّهم يقدّمون طروحات غبر قابلة للتطبيق في لبنان. ينال ملف الجنوب الاهتمام الأكبر، على حساب الملف الرئاسي الذي بات الجميع تقريباً مستسلمين أمام واقع عدم القدرة على التغيير فيه.
ويصف مسؤول لبناني حركة الموفدين بعبارة واحدة: "بلا بركة". ويضيف: يبدو الزوّار من عاصمة أوروبيّة معيّنة وكأنّ لا حول لهم ولا قوّة ولا معلومات كافية لديهم عن الوضع. في المقابل، يلفت الى أنّ الأميركيّين غير مهتمّين بالملف الداخلي اللبناني بما يكفي لاتّخاذ خطوات تساعد في انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. في النتيجة "ما حدا سئلان عنّا" يقول المسؤول البارز الذي يلتقي موفدين عرب وأجانب باستمرار.
ويبدو واضحاً أنّ المنطقة ستتمحور، في المرحلة المقبلة، بين استحقاقين لا ثالث لهما، هما الحرب في غزة وارتباطها بجنوب لبنان والانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، ما سيؤجّل الاستحاقات كافّة الى ما بعد الانتهاء منهما، ويعني ذلك أنّه سيتعذّر انتخاب رئيس للجمهوريّة قبل مطلع العام المقبل، في أفضل سيناريو. حيث أنّ احتمال انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي من دون انتخاب رئيس يبقى وارداً بقوّة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ المبادرات الداخليّة ليست إلا إضاعةً للوقت لكي يتجنّب أصحابها الظهور كمعرقلين أمام الرأي العام، وهم يعلمون جيّداً أنّ الرئاسة تحتاج الى التقاء الضغط الخارجي مع المصلحة الداخليّة، في حين أنّ الخارج، المتمثّل اليوم باللجنة الخماسيّة، لا يضغط، والداخل لا يتنازل. فالقوى السياسيّة كلّها تدرك أنّ التنازل عن أيّ ورقة رئاسيّة حاليّاً سيكون مجانيّاً، ولذلك لن يقدِم أحدٌ عليه في هذه المرحلة.
ولعلّ أسوأ ما في الأمر كلّه أنّ الجميع يتعايش مع فكرة أنّ البلد يمكن أن يستمرّ من دون رئيس، وأنّ فريقاً لبنانيّاً يملك الجرأة، كي لا نقول الوقاحة، ليعلن أن لا رئيس للجمهوريّة إلا مرشّحه، ولو استمرّ الشغور الرئاسي لسنوات.