جرائم داخل المنازل... نتدخّل أم نتفرّج؟
تنوّع العنف ومسمّياته. الضحية الأطفال، والمعنّف أخرج عقده النفسيّة وسوء ظروفه وتربيته واستقوى.
بلغ عدد الشكاوى من حالات العنف الأسري المبلّغ عنها على الخط الساخن 1745 الذي وضعته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في شهر حزيران الماضي، 77 حالة عنف جسدي، 16 حالة عنف معنوي، صفر حالة عنف جنسي وصفر حالة عنف معنوي وسجّلت حالة عنف غير ذلك. وذكرت قوى الأمن في بيانها أنّ 56 حالة من هذه الحالات الجاني فيها هو الزوج، 18 الأب، 4 الأمّ، 5 الأخوة، و11 غير ذلك.
وآخر حلقات التعنيف الأسري، فيديو انتشر أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي لامرأة تضرب ابنها قبل أن تتدخّل الممثلة نادين الراسي. انقسمت الآراء بين مؤيّد لخطوة الراسي بمنع الأمّ من الاعتداء على ابنها ومقاربتها لما مرّت به من حرمانها من أولادها، وبين رافض لها. وبين كلّ هذا الضجيج طفل ضُرب وظهر في فيديو من دون علمه مصدوما ممّا حصل ومن الصراخ، وبلا سروال.
لا شكّ أنّ الممثلة نادين الراسي تحرّكت لرفع الظلم عن الطفل انطلاقًا من كونها أمّاً ومن عاطفتها، إلّا أنّ عملية التصوير ونشر الفيديو يُعدّ اختراقًا لخصوصية الطفل. وشرحت رئيسة جمعية "نضال لأجل الانسان" ريما صليبا أنّ "تدخّل أي فرد لمنع أي تعنيف هو تخفيف للأذى الجسدي ولكنّ التصوير، في الوقت عينه، يشكّل أذى نفسيّاً وانتهاكاً للخصوصيّة، خصوصًا للطفل، كما ظهر في الفيديو وحرمة المنزل". واعتبرت في حديث لموقع mtv أنّ "التدخل السريع واجب أخلاقي وإنساني، ومن الضروري تسليط الضوء على هكذا قضايا ومنع المعنّف من الاستمرار بتعنيفه، لكن الطريقة الأمثل لذلك هي من خلال تبليغ قوى الأمن عبر الخط الساخن"، لافتة إلى أنّ قوى الأمن تقوم بعمل ممتاز في الاستجابة السريعة.
على عكس دول أخرى، لا يعاقب القانون اللبناني شخصًا حاول إبعاد المعنّف عن الضحية. وأردفت صليبا: "إذا سمعنا بكاء أطفال أو أصوات تكسير يمكن التدخّل لمعرفة ماذا يحصل، كما التدخّل بعد رؤية آثار ضرب أو كدمات أو عض أو حروق أو ازرقاق، وهذا دليل على ضرب أو تحرّش أو اغتصاب أو معاملة بوحشية"، مضيفة: "القانون لا يعاقب، لكّن ضميرنا يعاقبنا إذا ما وقفنا متفرّجين على حالة تعنيف".
كلّ من تربّى بعنف وقسوة سيتعامل مع الآخرين بالطريقة عينها وتتظهّر لديه مشاكل نفسيّة، من هنا، تبرز جملة عوامل أهمّها الدعم النفسي السريع وتقديم العلاج اللازم، ونشر التوعية في المجتمع والتشجيع على التبليغ.
وأكّدت الدكتورة في العلم الاجتماعي والتربوي مي مارون لموقع mtv، أنّ الطفل هو الحلقة الأضعف ولا قدرة لديه على التعبير عما حصل والدفاع عن نفسه، لذلك من المهم التحاور معه بعيدًا عن التعنيف الجسدي واللفظي أو أيًا كان نوع التعنيف، وعلى أي شخص يُصادف حالة تعنيف أن يُبلّغ عنها".
وإذ شدّدت مارون على أهميّة خلق الوعي لدى الأهل وفي المجتمع، نصحت الشباب والفتيات باختيار الشريك المناسب، لما لهذا الخيار من تأثيرات على الأسرة في ما بعد، ومن ثمّ على المجتمع. ودعت إلى "إنشاء جمعيات هدفها نشر التوعية وتعليم الشباب قبل الزواج على كيفية التعاطي الصحيح والسليم بين الزوجين ومع الأطفال، فليس كلّ أب وأمّ أهلاً لتربية الأطفال".