"سمعتوا جدار الصوت؟"... هذه جريمة أيضاً
"سمعتوا جدار الصوت؟"، هو لسان حال اللبنانيين في الأيام الماضية بعد تعمّد إسرائيل خرقها لجدار الصوت بشكل متكرّر وعنيف هزّ مختلف المناطق.
فإسرائيل ترتكب مخالفة دولية صريحة في لبنان، من خلال خرقها المتكرّر وبشكل قويّ لجدار الصوت، والذي يتسبب وفق الدراسات بأضرار بيئية وصحية كبيرة، لا سيما على المستوى الصحي النفسي وإلحاق الأذى بالبنية التحتية والمباني.
هذه المخالفة تأتي ضمن مجموعة كبيرة من الارتكابات المدانة دولياً أثناء الحروب، ومنها القنابل الفوسفورية التي ترميها بشكل يومي في الجنوب مسببة احتراق الأحراج وتلويث الأراضي الزراعية والمياه الجوفية، ما يستدعي تحرّكاً دبلوماسياً، وتقديم شكوى عاجلة بحق إسرائيل لدى الأمم المتحدة ومطالبتها بتعويضات والتوقّف فوراً عن هذه الاعتداءات.
وصحيح أن اللبنانيين اعتادوا طوال العقود الماضية، لا سيما في المناطق الحدودية، على ظاهرة خرق إسرائيل لجدار الصوت، إلا أنها تعمد في الأسبوعين الماضيين الى خرقه بشكل عنيف ويتردّد صداه في مختلف المناطق اللبنانية في الوقت نفسه، ما يحدث رعباً في نفوس الناس، وربما هذا ما تهدف إليه من هذه الممارسات التي تندرج في إطار الحرب النفسية.
لهذه الظاهرة آثارها الصحية النفسية، حيث يشير رئيس المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء الدكتور نزيه بو شاهين إلى أن "هذا السلاح لا يهدف إلا إلى محاولة إرعاب المدنيين، سواء في مناطق قريبة من خطوط المواجهة أو بعيدة عنها، وغالباً إن نجح في ذلك، فيكون الأطفال هم الفئة المستهدفة التي يدخل الخوف إلى قلبها".
ويلفت بو شاهين، في حديث لموقع mtv، إلى أن "الأذى الذي يسببه جدار الصوت على الصحة هو نفسي أكثر منه جسدي. فالصوت الذي يشبه الانفجار يولّد نوعاً من الخوف عند الأطفال خصوصاً لأنه يشبه القصف. وأما الأكبر سناً من ذوي الأعصاب المتماسكة فلا يؤثر عليهم".
وأضاف "ردة فعل جسم الإنسان على الخوف من صوت الإنفجارات التي يسببها جدار الصوت تكمن في زيادة هرمونات الخوف والقلق في الجسم، وقد يرافق ذلك ارتفاع معين في ضغط الدم، وازدياد ضربات القلب"، موضحاً أن "الأذى الجانبي أحياناً يكون في تكسير زجاج النوافذ وما يمكن أن يسببه من جروح طفيفة للذين يكونون بقرب النوافذ".
هذه المعطيات تبدو منطقية، حيث تشير الدراسات إلى أن الطاقة الناجمة عن موجة الصدمة التي يحدثها خرق الطائرة لجدار الصوت، وتشبه إلى حد كبير الانفجارات، تشكل ما يُعرَف بسجادة الدوي بين الطائرة والأرض، ما يسبّب ضغطاً وضيقاً كبيرين على البشر والحيوانات الموجودة في نطاق هذه السجادة. والإنفجارات الصوتية يمكن أن تسبب تشققات في النوافذ، واهتزازاً في المباني، وحتى أضراراً جسيمة في الهياكل الأضعف، إذا كانت قوة الانفجار كافية. ولذلك فإن الرحلات الجوية التي تتجاوز سرعة الصوت ممنوعة منعاً باتاً فوق المناطق المأهولة بالسكان، وهذا سبب إضافي لاعتبار خرق جدار الصوت إدانة لإسرائيل يجب ان تُعاقَب عليها.
ولكن ما هو جدار الصوت وأسبابه؟
يشرح بو شاهين قائلاً: "يعتبر خرق جدار الصوت أحد الظواهر الفيزيائية التي تحدث نتيجة تخطي الطائرة سرعة الصوت، ما يتسبب في حدوث موجة صوتية كبيرة. ويُعرف جدار الصوت أو ما يعرف بحاجز الصوت "Sound Barrier" على أنه القوة التي تُعارض وتقاوم حركة جسم ما عندما تصل سرعة هذا الجسم إلى السرعة التي يتحرك بها الصوت. وإذا ما تم كسر حاجز الصوت وتخطيه، أي التحرك بسرعة أكبر من سرعة الصوت فسوف ينتج صوتاً مدويّاً".
ويقول بو شاهين: "جدار الصوت لا يُعتبر عنصراً ذا استخدام قتالي مباشر في المجال العسكري، فغالباً ما تقتصر أضراره على تحطيم الزجاج والارتجاجات الناتجة من الانفجارات الصوتية، من دون أن يكون له دور محدد في القتال نفسه. ومع ذلك، هذه الظاهرة قد تُستخدم ضمن إطار الحرب النفسية، إذ يمكن للمناورات التي تتضمن خرق جدار الصوت أن تؤدي دوراً في التأثير في الحالة النفسية للسكان".
وبناءً على ما تقدّم، يبدو لزاماً على وزارة الخارجية التحرّك دبلوماسياً والإدعاء على إسرائيل في المحافل الدولية بجرم القيام بارتكابات ضد الإنسانيّة.