اللبنانيّون يخوضون حرب الـ "لا حرب"!
هناك أسئلة موسميّة يطرحها كثيرون على الإعلاميّين. كانت الأسئلة طاغية عن الدولار في فترة. ليس غريباً أن يقترب منك كثيرون في هذه الأيّام للسؤال "في حرب؟"، كأنّهم يبحثون عن مصدر طمأنينةٍ ما.
نجزم بأنّ ما من أحدٍ في لبنان قادر على إعطاء جوابٍ حاسم على هذا السؤال. يوحي منطق الأمور بأنّ الحرب المفتوحة مستبعدة. قد نشهد سيناريوهات أخرى، مثل بقاء الوضع على ما هو عليه، أي الضربات المركّزة التي تستهدف كوادر وعناصر في حزب الله وتنظيمات أخرى، لبنانيّة وفلسطينيّة. أو توسيعها لتستهدف تدمير مساحة محدّدة قريبة من الحدود مع فلسطين المحتلّة، بهدف إفراغها تماماً من سكّانها.
المقصود أنّ تكرار مشهد العام ٢٠٠٦ وتوسيع رقعة الضربات الإسرائيليّة الى بيروت والضاحية الجنوبيّة ومناطق أخرى مستبعد تماماً، لأنّ إسرائيل ما اعتادت التهديد لأشهرٍ قبل شنّ أيّ حرب، وهي تدرك أنّ القضاء على حزب الله غير وارد إلا عبر التوغل البرّي في حربٍ قد تستمرّ سنوات وستستتبع تدخّلاً إيرانيّاً مباشراً، وهذا أمر لا تريده إسرائيل ولا، خصوصاً، الولايات المتحدة الأميركيّة.
لذا، فإنّنا أمام مرحلة قد تنخفض فيها وتيرة الضربات الإسرائيليّة أو ترتفع ضدّ حزب الله، من دون أن نصل الى حربٍ مفتوحة على لبنان. ولا يمكن أن نغفل عن أنّ حزب الله فرض نوعاً من التوازن قد يجعل صاحب القرار الإسرائيلي يفكّر مليّاً قبل أن يُقدِم على شنّ حرب.
أمّا تحذيرات السفارات فهي إجراءات روتينيّة معتادة تكرّرت في أكثر من مناسبة في السنوات الأخيرة، من دون حصول ما كان يُخشى منه.
لسنا، بالتأكيد، نعيش في حالة إنكارٍ للواقع. فالبلد في أزمةٍ، بل أزمات، والدولة "واقفة على نصّ إجر"، وانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ليكون مدخلاً للحلول غير مرجّح في ما تبقّى من أشهر هذا العام، لكنّ الواقع السياحي في معجزة و"الكاش" الذي يتنقّل بين الأيادي ليس قليلاً، والكثير من المغتربين اختاروا العودة هذا الصيف، والحركة في المطاعم والملاهي والمنتجعات أكثر من مقبولة…
هي معجزةٌ لبنانيّة. شعبٌ غريبٌ، فوضوي غالباً ولكنّه يعشق الحياة. ومن هذا الشعب الجمهور الذي يؤيّد حزب الله، غالباً من منطق القوّة التي تدغدغ مشاعر طائفةٍ عانت من الحرمان وتشهد صعوداً اليوم، لأكثر من سبب. هذا الجمهور الذي، بغالبيّته، يسهر ويرتاد الملاهي والبحور ويشرب الكحول، ربما أكثر من غيره، على عكس كلام النائب محمد رعد، ولكنّه يناصر "الحزب" في الوقت عينه.
وإذا كان قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيّين يشعر بأنّ حزباً زجّ بلبنان كلّه في حربٍ لا مصلحة لنا فيها، فإنّ اللبنانيّين جميعاً يجب أن يخوضوا، موحّدين، حرب الـ "لا حرب"، أي زرع الأمل في النفوس والتركيز على النواحي الإيجابيّة وهي، "رغم كلّ شي"، بعد كثيرة.
ولا تنسوا، مقيمين ومغتربين، الاستمتاع بمزايا لبنان، بحراً وجبلاً، واسهروا وافرحوا. أمّا الذين يشربون الكحول، فلا تنسوا أن ترفعوا كؤوسكم عالياً لتهتفوا: "كاس لبنان".