حرب لبنان ستطول... إسرائيل حدّدت أهدافها
شهدت جبهة جنوب لبنان تصعيداً كبيراً على أثر غارة جويا التي أدت إلى استشهاد أربعة عناصر من حزب الله، فردّ "الحزب" هذه المرة جاء عنيفاً، وقد كان لافتاً تهديد رئيس مجلسه التنفيذي السيد هاشم صفي الدين الذي أعلن "أننا سنزيد من عملياتنا شدّة وبأساً وكمّاً ونوعاً".
يراقب اللبنانيون كل تصعيد ميداني بقلق، خوفاً من توسيع رقعة الحرب في ظل التهديدات الإسرائيلية التي لا توفّر حتى بيروت من التهويل بالدمار والخراب. فهل ستقدم تل أبيب على هكذا خطوة في ظل التوتير الأخير؟
اعتبر العميد الركن المتقاعد خالد حمادة، في حديث لموقع mtv، أن "التصعيد الذي حصل من جويا وصولاً إلى ردود الفعل، يأتي في سياق العمليات التي درج عليها كل من اسرائيل وحزب الله منذ الثامن من أكتوبر الماضي".
وعمّا إذا كان سيؤدي إلى حرب واسعة؟ أجاب "نحن في الحرب، ولكن هذه الحرب تختلف أحياناً مراحلها ومناوراتها وفقاً للظروف والإمكانات المتاحة"، مضيفاً "إسرائيل قرّرت أن تكون مناورتها الأساسية هي اغتيال قادة وكوادر حزب الله. فالأهداف الاسرائيلية هي اغتيال كوادر "الحزب" وقادته، وضرب البنية التحتية له، وربما ليست الثقيلة إنما مراكز قد تكون جزءاً من تعزيز مواقع الحزب في الجنوب أو في أي مكان آخر. فاذاً نحن في حرب والأهداف الإسرائيلية أصبحت واضحة، وليست اجتياز حدود ولا احتلال مواقع ولا تدمير بنية تحتية على المستوى الوطني أو الجسور ومحطات الكهرباء".
وأضاف "في المقابل، حزب الله يرد على هذه الخسائر برشقات صاروخية تستهدف مواقع عسكرية ونقاط تجمّع عسكريين وآليات للعدو، ولكن من دون أن ترقى إلى مستوى تحقيق إصابات مؤلمة وموجعة داخل اسرائيل".
ولكن ماذا عن مستقبل الميدان؟ يقول حمادة: "هذه المرحلة ستستمر طويلاً، لأن إسرائيل لن توسّع الحرب ولن تلجأ إلى عمليات كثيفة وربما تؤدي إلى زج قوات برية، إلا اذا أخذت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأميركية، وهذا لا يبدو متاحاً. بالمقابل، حزب الله ملتزم بالموقف الإيراني الذي صرّح عن نفسه أكثر من مرة، بأن إيران لا تريد توسعة الحرب. ففي الخلفية لهذا المشهد، هناك مباحثات ايرانية أميركية تدور حول الملف النووي وربما غيره".
وتوضيحاً للصورة الإقليمية، أشار إلى أن "إيران تحاول أن تقول من خلال عمليات حزب الله أنه يجب التفاوض معها وإدخالها في دائرة التفاوض القائمة. لذلك تحاول الإشتراك في هذه المناورة من خلال جبهة لبنان بهذا القدر الذي لا يستفز إسرائيل ولا يستفز الولايات المتحدة. ما يعبّر عن أنه لدى إيران قدرات لتعطيل هذا المشهد، وكأنها تحاول أن تطلب دعوة لنفسها إلى دائرة التفاوض حول الوضع في الجنوب".
وأضاف "ما بين الموقف الإيراني الملتزم بعدم توسعة الحرب، والموقف الأميركي الذي لم يعط الضوء الأخضر لإسرائيل، تجد اسرائيل وحزب الله هذه المساحة لتبادل هذا القصف الذي يؤكد من جهة الوجود الإيراني ومن جهة أخرى يؤكد أن اسرائيل موجودة وبانتظار الضوء الأخضر الأميركي".
إلا أن هذا الواقع قد يتعارض مع التصريحات الاسرائيلية شبه اليومية التي تهدّد لبنان. لكنّ حمادة يؤكد أن "التهديدات الإسرائيلية تبقى في إطار هذا النوع من العمليات التي ربما تتصاعد، وربما تكون أخف وتيرة. فلا ضوء اخضر بفتح الحرب ولكن الواقع القائم سيستمر، إلى حين ربما أن تجد واشنطن تسويةً في غزة أو ربما إلى حين انتهاء الإنتخابات الأميركية ولكن بالمعطيات الحالية فإن الحرب مستمرة على هذا الشكل".
ويلخّص حمادة المشهد قائلاً: "قرار الحرب هو قرار أميركي، كما قرار الحرب عند حزب الله هو لدى الإيراني. وبالتالي فان قرار الحرب ليس في الضاحية وتل أبيب".
قراءة تعززها تصريحات وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن، الأربعاء، معلناً أن واشنطن مع الخيار الدبلوماسي مع حزب الله. ما يفسّره حمادة بأن "واشنطن هي مع الخيار الدبلوماسي الذي يؤدي الى تنفيذ القرار ١٧٠١، أما إذا لم يُنفّ هذا القرار بطريقة دبلوماسية حينها يصبح الخيار العسكري هو الخيار المطروح"، مستطرداً "الإدارة الأميركية في الفترة الإنتخابية ليست بوارد فتح حروب قد تؤثر على نتائج الانتخابات. وأميركا تريد أن تنجح في غزة أولاً، لأن النجاح في غزة سيوسّع دائرة التطبيع وهي مستعجلة لانجاز الاتفاقية الأمنية مع السعودية التي ستتيح للولايات المتحدة إمكانيات أكبر للإمساك بالمنطقة وضبط كل دائرة الصراع".