هل نجحَ لودريان في تسويق طروحاته؟
لعل ما أعلنه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان من هاجس انتهاء لبنان السياسي، ما لم يُنتخب رئيس للبلاد في خلال لقاءاته مع القوى السياسية هو المعطى الجديد في زيارته، وقد حاول إظهار ذلك في خضم بحثه عن قاسم مشترك للبناء عليه في الملف الرئاسي. افرغ ما في جعبته بالنسبة إلى التركيز على التشاور والخيار الثالث، ولن يكون هناك المزيد كما يبدو، فهذا هو المسعى إما أن يتم التفاعل معه لتوسيع البحث وإلا فيعود كما حضر. قرأ الموفد الفرنسي مزاميره واستمع الى ما تملكه القوى من مناخات رئاسية وبدا متشددا في التحذير الذي أطلقه حول استمرار الشغور. ووفق المراقبين فإن هذه الزيارة أعادت تعويم مبدأ التشاور بين الأفرقاء للتفاهم على الانتخابات الرئاسية، وفي الوقت نفسه لم تطلق مبادرة جديدة لأنه في الأصل هناك واحدة قائمة وتحاكي مطلب اللجنة الخماسية في ما خص هذه النقطة بالذات. لم بنتزع لودريان «لا حق ولا باطل»، لكنه ترك تحذيره يتفاعل كي يجد من يتجاوب مع مسعى انتخاب رئيس الجمهورية.
إيصال مرشحَيْ الممانعة والمعارضة إلى قصر بعبدا هي النقطة المحورية، أما حظوظه فرهن بالتداول بين الأفرقاء الذين اصبحوا يعرفون هذا الطرح، اما بدايات بحثه فأظهرت عدم ممانعة المعارضة وتحفظ الثنائي الشيعي، فماذا عن حظوظه اليوم وهل يخرج من رحم الحوار، أم أنه طرح غير قابل للتنفيذ؟ في السابق لم يزخم هذا الطرح كما تشير مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» التي ترى أنه بمجرد الإجماع على الحوار فإن الملف الرئاسي يصبح في منتصف الطريق، ولكن الفكرة لم تنضج بعد وحتى الضمانات المطلوبة من بعض القوى قد لا تتأمن لاسيما جلسات الانتخاب المتتالية، وفي هذه الحال حكم على حراك لودريان بعدم التقدم، حتى وإن اعتبر كثيرون أن هناك وقتا للحكم، هذا ليس على أرض الواقع، لأن كلام لودريان خير دليل على أن الحل لا يزال بعيدا، مؤكدة أن اقتراح الحوار والتشاور يدخل مجددا في بازار المواقف السياسية وفي لعبة شد الحبال حول رئاسته ودعواته.
وترى المصادر نفسها أنه مع مغادرة لودريان بيروت فإن النشاط الرئاسي يتراجع، وبالتالي باءت المحاولة الجديدة له بالفشل، لأن لا تجاوب مع موقفه ولا أي إشارة خجولة بإمكانية ترتيب الحل، في حين أن كلامه عن تطورات الحرب لم يُقابل بأي هاجس من إبقاء الوضع في الستاتيكو الراهن، وتوضح أن تقريراً يعده الموفد إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خلاصة لقاءاته ومهمته وعدم تمكُّنه من إقناع الأفرقاء في لبنان للإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية أو حتى أن ينتزع منهم وعداً بالعمل على ذلك قريباً، وبالتالي فإن ما من سحر رئاسي حل قبل القمة المرتقبة بين الرئيس الفرنسي والرئيس الأميركي جو بايدن.
وماذا بالنسبة إلى الداخل فهل من خطوات جديدة، فإن المصادر تعرب عن اعتقادها أن ملف الحوار قد يُطوى لبعض الوقت، لكنه قد يتصدر البحث مجددا وإنه مع اقتراب بدء العطلة الصيفية فان هناك سفراء من اللجنة الخماسية مضطرون إلى مغادرة لبنان من أجل اجازاتهم، وعندها يعلق أي تداول في هذا الملف، على أن مسألة الخيار الثالث التي لم تتبلور فما من أسماء محددة اقترحها لودريان الذي طلب إعادة النظر بها في سياق الحوار المطلوب، وتشير إلى أن لودريان لم يفصح عن خطوته المقبلة ولا عن انتظاره الأجوبة لأن «المكتوب مبيِّن من عنوانو».
غادر الموفد الرئاسي بيروت من دون أي أمل بجعل الملف الرئاسي أولوية على طريق التنفيذ لا بل ربما غادر أكثر تشاؤماً حيال ذلك أكثر من أي مرة.