جبران باسيل على طريقة عادل إمام: أنا الزعيم!
يدخل عادل إمام، في مسرحيّة "الزعيم"، مع مجموعةٍ ترتدي زيّاً موحّداً تصطفّ حوله يميناً ويساراً ثمّ يجلس على كرسيٍّ مذهّب يرتفع عن الأرض ويهتف: "أنا الزعيم".
يريد جبران باسيل، في كلّ ما يفعله في التيّار الوطني الحر، أن يقول "أنا الزعيم". يريد أن يرتفع عن الآخرين، لا أن يتساوى معهم. ويريد من الآخرين أن يحملوا أفكاراً موحّدة، هي فعليّاً أفكاره.
يدرك باسيل أنّ "فرض الزعامة" يحتاج الى عوامل وخطوات، منها أن تُكرَّس في حضور الرئيس ميشال عون وفي ظلّ تأثيره وهيبته، وأن تُجرى تعديلات على النظام الداخلي، الذي يحصر أصلاً معظم الصلاحيّات برئيس "التيّار"، وأن يُطاح بأصحاب الرأي الآخر، هؤلاء الذين اعتادوا على النقاش والسؤال والاعتراض، قولاً وغياباً عن الاجتماعات، كما يحصل اليوم. هذا ما دفعه، مثلاً، الى اتخاذ قرارٍ ألبسه لـ "المجلس الوطني” في "التيّار" بتحديد الحدّ الأدنى المطلوب للمشاركة في اجتماعات المجلس السياسي والهيئة السياسيّة ومجالس الأقضية.
طُرحت سابقاً فكرة استبعاد النوّاب عن الترشيحات النيابيّة إذا أكملوا ثلاث دورات لهم، إلا أنّ هذا الأمر سينعكس على باسيل لاحقاً، إذ هو سيُكمل الدورتين في العام ٢٠٢٦، فاستُبعد الطرح. سبق أن خرق باسيل قرار فصل النيابة عن الوزارة، إذ عُيّن وزيراً ومُنع ذلك عن الآخرين.
كان الحلّ البديل. تقرّر تشكيل لجنة سيختار باسيل أعضاءها بالتأكيد وتكون بديلاً عن الانتخابات الداخليّة التمهيديّة لغربلة أسماء المرشّحين وتقييم مواقفهم في الإعلام وتحديد مدى التزامهم بمواقف رئيس "التيّار". ثمّ تُرفع الأسماء التي لا تسقط من غربال اللجنة الى باسيل الذي يتّخذ القرار النهائي بأسماء المرشّحين.
وتجدر الإشارة هنا الى أنّ باسيل سبق أن تغنّى مراراً بتجربة الانتخابات الداخليّة التمهيديّة التي كانت تميّز "التيّار"، من هذه الناحية، عن الأحزاب الأخرى قبل أن يلتحق بها ويقضي على أحد مظاهر الديمقراطيّة والتنوّع اللذين يندر وجودهما في الأحزاب اللبنانيّة التي تؤلّه، غالباً، الشخص وتسير وراءه مهما بدّل خياراته وأكثر من استداراته.
ومن المؤكّد أنّ لجنة باسيل المستحدثة ستكون نسخةً عن مجلس الحكماء الذي اختير من شخصيّاتٍ تتبع "عالعمياني"، ومن دون حكمة بالتأكيد، لعون وباسيل، علماً أنّ الإثنين يتوزّعان الأدوار فيُصدر عون، مع "الحكماء"، التوصية ويحفظها باسيل كورقة ضغط يستخدمها في التوقيت الذي يراه مناسباً.
وهكذا، تتحوّل هيئات التيّار الوطني الحر الى هيئاتٍ استشاريّة فولكلوريّة تقترح ولا تقرّر، حتى أنّ اقتراحاتها تأتي غالباً بإيحاءٍ من رئيس "التيّار".
هي مرحلة انتقاليّة في التيّار الوطني الحر سنشهد فيها قرارات فصل واستقالات، كردّة فعل على تغيير هويّة الحزب واستهداف من يملكون حيثيّات خاصّة. العين اليوم على اسم ألان عون، ولاحقاً على آخرين، بعد قرار فصل الياس بو صعب الذي استُتبع برسالة خاصّة من باسيل تفتح له باب العودة الى "بيت الطاعة"، شرط الالتزام. علماً أنّ بو صعب، المفصول حزبيّاً، لم يُفصَل من مجموعات "التيّار" الرسميّة على "واتساب"!
والأهمّ أنّها مرحلة انتقاليّة بين صورة "التيّار" كحركة اعتراضيّة ونضاليّة تستقطب الكثيرين من الخائبين من تجارب في أحزابٍ أخرى، الى حزبٍ يُحاط رئيسه بمجموعات ترتدي "اليونيفورم الفكري" وتصفّق لمن يقف مرتفعاً عنهم ويصرخ، مثل عادل إمام: "أنا الزعيم".