اللجنة الخماسيّة والرئاسة: عظّم الله أجركم!
أخطأ كثيرون في قراءة بيان اللجنة الخماسيّة عن الاستحقاق الرئاسي. الإفراط في التفاؤل غير واقعيّ أبداً. انتخاب رئيس للجمهوريّة في أيّار، كما دعت اللجنة، أو في حزيران، أو في تمّوز، من سابع المستحيلات…
اعتبر كثيرون أنّ سفراء اللجنة الخماسيّة وضعوا خريطة طريق لانتخاب رئيس للجمهوريّة. مرجعٌ نيابيٌ بارز وصف ما صدر بعبارة "بيان عظّم الله أجركم".
تمرّ طريق الرئاسة، بالنسبة إلى اللجنة، عبر ممرّ التشاور. تمرّ طريق الرئاسة، بالنسبة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمسك بصلاحيّة الدعوة إلى عقد جلسات انتخاب، عبر ممرّ طاولة الحوار. يعتبر بري أنّه طالما انعقاد طاولة الحوار غير ممكن فإنّ انتخاب الرئيس مستحيل.
في المقابل، يرفض سمير جعجع وآخرون في المعارضة المشاركة في طاولة حوار "تشكّل قفزة فوق الإطار الدستوري لانتخاب رئيس".
ما سبق وكتبناه معروف، ولم يتبدّل منذ فترة طويلة، ومعنى ذلك أنّ بيان اللجنة الخماسيّة لن يغيّر شيئاً، بل هو تمهيد لإعلان انسحابٍ مرحليّ من المساعي الهادفة لانتخاب رئيس.
إذ أنّ أيّار الموعود سيمضي من دون تشاور ولا من يتشاورون، وسيدخل السفراء في عطلةٍ صيفيّة طويلة تتجمّد فيها الاجتماعات، بعد أن ألقى البيان الكرة في ملعب الكتل النيابيّة، وهذه يستحيل حاليّاً اتفاقها على مرشّح رئاسي، أو قبولها المشاركة حتى النهاية في جلسة غير مضمونة الخواتيم.
زد على المشهد الداخلي المتأزّم المشهد الإقليمي الذي يرتفع في سمائه دخان الحروب المشتعلة أو المهدّدة بالاشتعال، وتحديداً في جنوب لبنان الذي يواجه أحد مصيرَين: إمّا تراجع حزب الله بما يكفي عن الحدود، أو شنّ إسرائيل حرباً تدميريّة عليه.
وقد بدا بيان اللجنة الخماسيّة منفصلاً عمّا يحصل في المنطقة، وكأنّ الاستحقاق الرئاسي في يد رؤساء الكتل النيابيّة وحدهم.
لم يخبرنا أعضاء اللجنة الخماسيّة، وإن كنّا نشكرهم على جهودهم، ما لا نعرفه. "لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحقّ رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولويّة لرفاهيّة مواطنيه ويشكّل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفاعلية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية، وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبيّة". هذا بعض ما جاء في البيان الذي يذكّرنا بما نعرفه فعلاً. ولكن، إذا كانت الولايات المتحدة الأميركيّة وفرنسا والسعوديّة ومصر وقطر عاجزة عن انتخاب رئيس حتى الآن، فعلى من نعوّل إذاً؟
يبدو البلد اليوم، ونحن نخطو في النصف الثاني من أيّار الموعود رئاسيّاً، في مكانٍ آخر تماماً. يصعب أن ينتخب المجلس النيابي الحالي رئيساً، وقد ندخل في دوّامة تمديد للمجلس النيابي، وقد نصل، بعد سنواتٍ من الشغور الرئاسي، الى مؤتمرٍ تأسيسيّ يعلن انتهاء الصيغة الحاليّة التي قام عليها لبنان.
وحتى ذلك الحين، قد يصبح التفاؤل الرئاسي نوعاً من السذاجة… كي لا نقول أكثر من ذلك.