إختر من الأقسام
آخر الأخبار
عيد صيدا بلا حلوى: مرارة الضائقة المعيشية و'كورونا' تكسِر طقوسه
عيد صيدا بلا حلوى: مرارة الضائقة المعيشية و'كورونا' تكسِر طقوسه
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ تموز ٢٠٢٤

تكسِر الأزمة الإقتصادية الخانقة، معطوفة على جائحة "كورونا"، طقوساً وعادات، دأب عليها أبناء مدينة صيدا منذ عقود طويلة ومهما كانت أحوالهم وظروفهم المعيشية، فيمرّ عيد الأضحى هذا العام على مُعظم العائلات الصيداوية من دون أن تدخل الى بيوتها الحلوى، في مؤشّر الى مدى استفحال الأزمة والفقر المُدقع الذي وصلوا اليه، اذ كيف لهم أن يشتروا الحلوى وهم عاجزون عن شراء ما يحتاجون من طعام وشراب حتى ربطة الخبز، في ظلّ الغلاء وارتفاع الأسعار والدولار؟

العيد والحلوى توأمان لا ينفصلان لدى أبناء المدينة، ولا يحلو العيد من دون الحلوى بأنواعها المختلفة، من البقلاوة الى المعمول على اختلافه، وصولاً الى الشوكولا والملبّس والملبن، يتهافتون على شرائها قبل أيام من حلوله، ويستعدّون لتقديمه لأهل البيت فرحاً وضيافة للزائرين بالمناسبة. غير أنّ الحال هذا العام تبدّلت مع ضنك العيش والغلاء وارتفاع أسعار مكوّناتها، من الصنوبر والفستق الحلبي، والجوز واللوز والكاجو، حتى غابت صناعة الحلويات بالصنوبر بعدما بلغ سعر الكيلو منه أكثر من 400 ألف ليرة لبنانية.

داخل "حلويات الأسود" في ساحة الشهداء في المدينة، يشرح نجل صاحب المحلّ عبد الله الأسود لزبائنه الأسباب الحقيقية التي أدّت الى رفع الأسعار بشكل مُضاعف، ويقول لـ"نداء الوطن": "الحقّ على الدولار، فكلّ شيء مرتبط به، فكيلو الفستق الحلبي تجاوز 120 ألف ليرة، فيما غابت صناعة الحلويات بالصنوبر إلّا بناء على توصية مُسبقة من الزبون، فالكيلو بات أكثر من 400 ألف ليرة لبنانية، وكنّا نصنع القزحة" – (حلوى شعبية صيداوية مصنوعة من حبّة البركة) بالصنوبر إستُبدلت باللوز، ونُحاول أن نُوفّر على الناس قدر الإمكان لأنّنا منهم ونشعر بمُعاناتهم المريرة في ظلّ الأزمة المعيشية الخانقة، خصوصاً وأنّ البعض يحرص على شراء الحلوى كتقليد لا غِنى عنه في العيد"، مُشيراً الى أنّ "حركة البيع تراجعت كثيراً، ومن يستطيع الشراء بات يقتصر على نصف الكمّية السابقة وعلى صنف واحد لا أكثر، بعدما كانت تشكيلة مُتنوّعة".

ويقول حازم الهبش لـ"نداء الوطن"، وهو أب لأربعة أولاد: "للأسف لم أستطع شراء الحلوى هذا العيد، فالأوضاع المعيشية صعبة وبالكاد نؤمّن قوت اليوم"، مُضيفاً: "كنت في السابق أشتري أنواعاً مُختلفة من البقلاوة الى الملبن، وكان الأولاد يفرحون كثيراً لأنّها من طقوس العيد"، مُعتبراً أنّ "العيد بلا حلوى لا بهجة فيه، وقد جاءت "كورونا" والتعبئة العامة والحجز الطوعي لتُغيّب كل مظاهر الفرح فيه".

ولم يعدم أبناء المدينة وسيلة للتكيّف مع مرارة الواقع المفتوح على أزمة طويلة الأمد، فعمد بعضهم الى شراء ما تيسّر من الحلويات من العربات الجوّالة حيناً، ومن البسطات في السوق التجاري حيناً آخر، وهي عادة تكون أرخص من المحال. وتقول الحاجة آمال حبلي لـ"نداء الوطن": لم نفعل هذا ولا ذلك، فزوجي لم يستطع شراء الحلوى هذا العام مُطلقاً، بعدما أُوقف عن العمل منذ بدء جائحة "كورونا"، ووصلت أوضاعنا المادية الى الحضيض، فحرصت على إعداد كعك العيد في المنزل لأنّه لا يكون عيداً إلّا مع الحلوى مهما كانت".

وحال السوق التجاري ليس أفضل، فقد شهد حركة ازدحام عشيّة العيد، ولكنّها بقيت بلا بركة، الغالبية لم تستطع شراء ما تُريد بسبب الغلاء ارتباطاً بسعر صرف الدولار، وما زاد الطين بلّة، قرار التعبئة العامة وإقفال الأسواق يوم وقفة العيد الخميس (اليوم)، ما ادّى الى امتعاض التجّار. ويقول رئيس جمعية التجّار علي الشريف لـ"نداء الوطن": "إنّ قرار الإقفال عشية العيد الخميس لم يكن صائباً على الإطلاق، لأنّه يزيد من الركود خصوصاً وأنّ أصحاب المحال والتجّار يعتمدون بشكل رئيسي على اليومين الأخيرين، لقد حُرموا منه"، ويُضيف: "بالرغم من ذلك، سنلتزم بالإقفال خشية تفشّي الوباء"، عِلماً أنّ باقي التجّار في المناطق أجروا مشاورات، وهم يتّجهون الى عدم الإقفال كي يتنشّقوا الأوكسجين قبل العيد في محاولة للبقاء على قيد الحياة، بعد الأزمات المُتلاحقة التي أصابت القطاع وجعلته يلفظ أنفاسه الأخيرة".

وتقول ميرنا مكّاوي لـ"نداء الوطن": "إنّ الضائقة الإقتصادية تفقد العيد بهجته، فلم تمرّ على صيدا أيام عصيبة مثل هذه، حيث يمنع الكثير من العائلات من شراء اللحوم او الثياب الجديدة، او الحلوى او الهدايا، وكلّها طقوس مُتلازمة مع العيد، إذا غابت فقد رونقه، حتى الصلاة قد تُلغى بسبب "كورونا" ما يدفعنا الى تكرار قول الشاعر: "عيد بأية حال عدت يا عيد".


عودة الى الصفحة الرئيسية