إختر من الأقسام
آخر الأخبار
المصانع مغلقة والموظفون بلا عمل والديون تتراكم.. “كارثة” اقتصادية تواجه الصين نتيجة فيروس كورونا
المصانع مغلقة والموظفون بلا عمل والديون تتراكم.. “كارثة” اقتصادية تواجه الصين نتيجة فيروس كورونا
المصدر : عربي بوست
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ شباط ٢٠٢٤

تواجه العديد من الشركات الصينية في جميع القطاعات أزمات بسبب فيروس كورونا، أدت إلى إغلاق العديد منها أبوابها بعد القيود التي فُرِضَت ابتداءً من 23 يناير/كانون الثاني 2020، والتي شهدت تعليق معظم وسائل الوصول إلى ووهان، وهي مدينة صناعية كبرى يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة ومنشأ الفيروس الجديد.

امتدت القيود المفروضة على السفر إلى مدنٍ أخرى تضم أكثر من 60 مليون شخص، بينما انتشرت القيود المفروضة على الأعمال التجارية في جميع أنحاء البلاد. وجرى تمديد عطلة رأس السنة القمرية لإبقاء المصانع والمكاتب مغلقة. على الصعيد الوطني، فيما أغلقت الآلاف من المطاعم ودور السينما في مختلف أنحاء البلاد لمنع الحشود من التجمع، وفق تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.

خسائر باهظة بسبب كورونا: يبدو أنَّ الخسائر المتزايدة تُعرِّض الحزب الشيوعي الحاكم لخطر تحمُّل مسؤوليتها السياسية. إذ صدرت أوامر لمسؤولين محليين بإحياء النشاط التجاري، لكنَّهم يتحركون بحذر.

هذا دو شيكين، يعمل مندوب مبيعات في مجال العقارات، تعرض لخسائر كبيرة بسبب فيروس كورونا، فمع بدء العام الجاري 2020، يجلس دو في منزله بدون أي دخلٍ منذ شهرٍ كامل، بعد إغلاق العديد من الشركات الصينية في محاولةٍ شاملة لاحتواء تفشِّي فيروس كورونا الجديد.

يعد دو، الذي يعيش في حيِّ جاوتشو بالقرب من مدينة تشنغتشو في وسط البلاد، واحداً من ملايين الأشخاص الذين يتحملون التكلفة المرتفعة لأشد تدابير مكافحة الأمراض على الإطلاق. وصحيحٌ أنَّ بعض الشركات أعادت فتح أبوابها، لكنَّ الحكومة الصينية طلبت من المواطنين البقاء في منازلهم إن أمكن.

قال دو متحدثاً عن ذلك: “الناس سيشترون المواد الغذائية والملابس عبر الإنترنت، لكنَّهم بالتأكيد لن يشتروا شقة دون أن يروها بأنفسهم”.

تزايد أعداد الوفيات: جديرٌ بالذكر أنَّه حتى يوم الأحد 9 فبراير/شباط، أبلِغ عن حوالي 1665 حالة وفاة و68500 حالة إصابة بالفيروس خلال شهرين منذ ظهور أول إصابة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

هذا ويحذِّر بعض الخبراء الاقتصاديين من أنَّ التفاؤل بأنَّ المرض ربما قد أصبح تحت السيطرة ما زال أمراً سابقاً لأوانه. فحتى إذا استؤنف العمل في قطاع صناعة السيارات وغيره من الأعمال كما هو مخطط، فلن يعود النشاط الاقتصادي إلى طبيعته حتى منتصف مارس/آذار المقبل على الأقل.

من المتوقع أن تكون الخسائر باهظة لدرجة أنَّ خبراء التوقعات الاقتصادية خفضوا تقديراتهم المتعلقة بالنمو الاقتصادي في الصين.

قال بعض خبراء التوقعات، بمن فيهم خبراء شركة Capital Economics، إنَّ معدل النمو، الذي وصل بالفعل إلى أدنى مستوياته منذ عدة عقود، قد ينخفض ​​إلى 2% في الربع السنوي الحالي الذي ينتهي بنهاية مارس/آذار المُقبل، منخفضاً عن قيمته الرسمية في الربع السابق التي بلغت 6%.

إذ قال ستيف تسانغ، مدير معهد الصين التابع لكلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن: “إذا وقع الاقتصاد في مأزقٍ بالفعل، فستزداد التحديات التي تواجه الحزب زيادةً كبيرة”.

تسانغ اضاف إنَّ أضرار قرار إغلاق ووهان ربما تكون أكثر من نفعه، مشيراً إلى أنَّه سبَّب حالة من الذعر وألحق “أضراراً جسيمة بالاقتصاد”.

قال : “سوف يتعين عليهم إعادة التفكير في نهج الإغلاق”.

تسهيلات الحزب الحاكم في الصين: من جانبه استجاب الحزب الحاكم للضغوط الاقتصادية المتصاعدة بالتعهُّد بتقديم إعفاءات ضريبية وإعاناتٍ للشركات المتضررة من تدابير مكافحة المرض.

قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الأربعاء 12 فبراير/شباط، إنَّ الحكومة بحاجةٍ إلى “الحفاظ على استقرار سير النشاط الاقتصادي والوئام الاجتماعي”.

في هذا الصدد، أعلنت وزارة المالية الصينية يوم الجمعة 14 فبراير/شباط، أنَّ الشركات التي تقل مبيعاتها الشهرية عن 100 ألف يوان صيني (14 ألف دولار) ستُعفَى من ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب. وقالت إنَّ الشركات التي لا يمكنها سداد القروض قد يُسمح لها باللجوء إلى “القوة القاهرة”، وهو إجراء قانوني يُمثِّل ملاذاً أخيراً للشركات يُمكن أن يُعفيها من التزاماتها في الكوارث.

كان قطاع السفر والضيافة هو الأكثر تضرُّراً بعدما ألغت الحكومة الرحلات الجماعية، وأبلغت أصحاب الشركات بتأجيل السفر. إذ ألغت شركات الطيران آلاف الرحلات الجوية، فيما أغلقت الفنادق أبوابها.

محاولات لتعويض الشركات: قال مدير إحدى شركات السفر في مدينة شنيانغ، التي تعد أكبر مدينة في شمال شرق الصين، إنَّ إيرادات شركته الشهرية، التي عادةً ما تبلغ 100 ألف يوان (14 ألف دولار)، انخفضت إلى الصفر. وأضاف أنَّ الشركة ما زالت تدفع تكاليف الإيجار والرواتب الشهرية البالغة 20 ألف يوان (2800 دولار).

قال المدير، الذي لم يذكر سوى اسمه الثاني، شو: “لا نتوقع أن نشهد تعافياً حتى مايو/أيار أو يونيو/حزيران المُقبلين. نأمل أن تعفينا الحكومة من الضرائب أو تُخفِّضها، لكننا ما زلنا لم نر أي إعاناتٍ مالية”.

انخفاض مبيعات العقارات: على صعيدٍ آخر، انخفضت مبيعات قطاع العقارات إلى الصفر تقريباً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا القطاع يوظِّف الملايين من الأشخاص ويُحفِّز الطلب على الأجهزة والأثاث والسلع الاستهلاكية الأخرى.

قال دو، مندوب المبيعات في مجال العقارات، إنَّه عادةً ما يُبرِم صفقتي بيع في الشهر الواحد، ويكسب أرباحاً تتراوح بين 7 آلاف و8 آلاف يوان (1000 و1100 دولار)، مشيراً إلى أنَّه مُلزَمٌ بسداد قرضٍ شهري بقيمة 3 آلاف يوان (430 دولاراً) سواءٌ أكان يعمل أم لا.

أضاف دو البالغ من العمر 27 عاماً: “ليس لدي راتب أساسي وأعيش على العمولات. لذا فبدون مبيعات، لن يكون هناك دخل”.

صعوبات دعم الاقتصاد: تجدر الإشارة إلى أنَّ المسؤولين الصينيين كانوا يواجهون صعوبةً بالفعل في دعم النمو الاقتصادي الذي تباطأ ليصل إلى 6.1% في عام 2019، بسبب ضعف طلب المستهلكين وحرب التعريفات الجمركية مع واشنطن. فيما يقول بعض الخبراء الاقتصاديين، مستشهدين بدراساتٍ استقصائية وبياناتٍ أخرى متعلقة بقطاعاتٍ اقتصادية مختلفة، إنَّ معدل النمو الحقيقي كان أقل بكثيرٍ من ذلك في الواقع.

تسببت تدابير مكافحة الفيروس في إغلاق مصانع صينية تزوِّد العالم بالهواتف الذكية والأثاث والأحذية ولعب الأطفال والأجهزة المنزلية. وقد أثار ذلك هزَّاتٍ قوية عبر البلدان النامية الأخرى التي تُنتج المكونات الصناعية والحديد الخام والنحاس والبضائع الخام الأخرى.

من جانبها، تعمل شركات التجارة الإلكترونية على توظيف عمالٍ إضافيين لمواجهة طوفان الطلبات في ظل بقاء العائلات في المنازل ولجوئهم إلى شراء مستلزمات البقالة عبر الإنترنت. لكنَّ الشوارع في بكين وغيرها من المدن الصينية الكبرى ما زالت فارغة وهادئة إلى حدٍّ مخيف.

انخفاض مبيعات السيارات: هذا وانخفضت مبيعات قطاع السيارات بنسبة 20.2% في شهر يناير/كانون الثاني 2020 عن قيمتها في يناير/كانون الثاني من عام 2019، ليتفاقم الانخفاض المستمر منذ عامين في أكبر سوق عالمية في هذا القطاع. إذ انخفضت المبيعات بنسبة 9.6% في العام الماضي لتصل إلى 21.4 مليون، وتصبح أقل بكثير من ذروتها التي وصلت إليها في عام 2017، والتي بلغت 24.7 مليون دولار.

هذا يضع ضغطاً على شركات صناعة السيارات العالمية التي تستهدف الصين لزيادة إيراداتها، بينما تُنفق مليارات الدولارات لتطوير السيارات الكهربائية من أجل تلبية أهداف المبيعات التي حدَّدتها الحكومة الصينية.

إذ قال بيانٌ صادر عن الرابطة الصينية لمُصنِّعي السيارات: “الشركات تحت ضغط هائل”.

تجربة سارس السابقة: صحيح أنَّ الصين تعافت تعافياً سريعاً نسبياً من الظروف الاقتصادية الصعبة التي ضربتها من جرَّاء تفشِّي وباء سارس، أو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، بين عامي 2002 و2003، لكنَّ الظروف الاقتصادية الآن أقل تشجيعاً على التفاؤل.

إذ تفشَّى وباء سارس في وقتٍ كانت الصين فيه تُحقِّق طفرةً تاريخية مدعومة بقطاع الإنشاءات والصادرات. وقد وصل معدل النمو إلى ذروته في عام 2007 حين بلغ 14.2%. ولكن على النقيض من ذلك، ظهر فيروس كورونا الجديد في ظروفٍ تشهد تباطؤ معدل النمو.

خسائر الهواتف الذكية: أما في قطاع الهواتف الذكية، فتواجه شركتا آبل وهواوي وغيرهما من العلامات التجارية ضرراً كبيراً محتملاً لأنَّ الصين لا تُمثِّل السوق الأولى لهذه الشركات فحسب، بل وقاعدة الإنتاج العالمية الأولى لها.

إذ ربما تنخفض شحنات الهواتف الذكية بنسبةٍ تصل إلى 50% خلال الربع السنوي الجاري مقارنةً بالربع السنوي الأخير من العام الماضي، حسب ما ذكرت شركة Canalys للأبحاث.

فيما قالت شركة Canalys في تقريرها إنَّ “هناك خطراً كبيراً” يتمثل في أنَّ مورِّدي المكونات “لن يستطيعوا زيادة الإنتاج والوصول إلى طاقتهم الإنتاجية الطبيعية إذا طالت فترة تفشي المرض”، مع استمرار انحصار عمال المصانع في مساقط رؤوسهم بسبب حظر السفر.

قال التقرير إنَّ شركة آبل وغيرها من البائعين العالميين يواجهون “تأثيراً خطراً” في حال انتشار الفيروس وتوقُّف هؤلاء الموردين عن الإنتاج.

التقرير أضاف: “من المرجح أن يؤدي الوضع الحالي إلى وصول إحصاءات الشحن إلى أسوأ مستوياتها على الإطلاق”.


عودة الى الصفحة الرئيسية