السنّة في العراء: كيف نعود إلى المعادلة؟
أدخل ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي سنّة لبنان مرحلة التيه، خصوصاً بعد إهمال المملكة العربية السعودية «رعاياها» اللبنانيين (بالمعنى السياسي)، والتسليم باستحالة استنساخ تجربة الحريرية السياسية، ما يحفر عميقاً في الوجدان السنّي العام. تراجع وهج صدمة «الاعتزال» مع تعاظم الشعور بفقدان الدور والوزن في المعادلة الداخلية، والقدرة على التعامل بنديّة مع الأطراف الأخرى. لم «يُثكل» السنة بـ«عزل» الزعيم فحسب، بل هُم مُثقلون بالأسئلة عن كيفية استعادة موقعهم في أي نظام أو عقد اجتماعي جديد، واستعادة التوازن الذي لا يُمكن أن يكتمل من دونهم. وتعزز هذا الشعور التحوّلات السريعة في المنطقة.
ليسَ سهلاً على من عاش مرحلة «ذهبية» منذ التسعينيات أن يجِد نفسه في عراءٍ سياسيّ، أعقب ما يصفها بعض من يعبّرون عن المزاج السني بـ«حرب إلغاء» بدأت عام 2011، مع إسقاط حكومة الحريري تزامناً مع دخوله إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي. بعدها، «توالت المعارك» بتكليف نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، ومن بعده تمام سلام، وصولاً إلى «التسوية المذلة مع الرئيس ميشال عون». أما «الضربة الكبرى»، فكانت القرار السعودي بالثأر من الحريري، في مشهد لا يزال محل استغراب.
منذ ذلك القرار لم تخبُ الآمال يوماً بعودة سعد الحريري بعد قضاء «محكوميته»، وهي تعزّزت بعد ما أكّدته الانتخابات النيابية، العام الماضي، بأن أحداً غير قادر على وراثة الرجل، وأن هذا وحده كاف لـ«العفو» عنه و«إطلاق سراحه». إلا أن هذا كله عاكسته الوقائع التي أكّدت أن العودة تكاد تكون «شبه مستحيلة».
ولعلّ أكثر ما يؤرّق في «استبعاد» السنة، بقرار من «بيت أبيهم»، أنه يصادف في لحظة اقليمية مفعمة بالتطورات ورسم خرائط التحالفات، فيما هم مُبعدون عن طاولة «التسوية»، أو بالحدّ الأدنى هناك «من يُفاوض عنهم لا باسمهم». هذا الواقع تختصره شخصيات سياسية سنيّة بوقائع المفاوضات المتعلقة بالأزمة الرئاسية: تطرح باريس على القوى السياسية تسوية تقوم على انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية في مقابل تسمية السفير نواف سلام للحكومة؛ تتحدث فرنسا مع الرياض محاولة إقناعها في الانخراط بالتسوية، وتتفاوض مع كل القوى السياسية، خصوصاً المعترضة على انتخاب فرنجية، من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والبطريركية المارونية، تحاور باريس الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وتبدو على وفاق تام مع الثنائي الشيعي، فيما لا ليس من يناقش عن السنّة تسوية يُعدّ المركز السني الأول أحد أضلاعها.
ويسأل هؤلاء: «من قالَ إن نواف سلام يمثل السنة؟ ومن قال إن السنة يريدونه لرئاسة الحكومة، وهل سألهم أحد عن مرشحهم لرئاسة الحكومة»؟ الجميع، في عواصم القرار، يتعاطون مع المجموعات السنية الموجودة في مجلس النواب كـ«ملحقات» لترجيح كفة طرفَي الصراع ما بينَ مؤيد لفرنجية ومعارض، وهذه المجموعات عاجزة عن الانضواء في تكتل صلب يجعل من موقفها ورقة ضغط، بسبب «افتقاد القيادتين الروحية والسياسية القادرتين على جمعهم».
كلمة السرّ في استعادة الدور، بحسب هؤلاء، تكمن في اسم رئيس الحكومة المقبل: «البديل عن القائد السياسي للطائفة السنية في أي مرحلة انتقالية هو رئيس الحكومة الذي يكون أقرب إلى منسق عام للطائفة. فإما أن تؤدي إدارته إلى انفراط التوازن كلياً أو استعادة الدور الحقيقي للطائفة في المعادلة الداخلية». لذلك، «لن تخرج الطائفة من دوامة الفوضى التي تعيشها إلا مع إعادة تكوين السلطة التي يكون رئيس الحكومة جزءاً منها»، ثم الانتقال إلى خطوة أهم تتمثل بالحوار الجدي «حول قانون انتخابات جديد والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة تُعيد تشكيل المشهد في البرلمان، بما يساعد على إعادة تأهيل البنية السنية السياسية ويسمح بإنتاج قيادات جديدة تتوافر لها مظلة عربية، سعودية بالدرجة الأولى، ما يتيح لها الاستفادة من مرحلة الاستقرار الإقليمي وانعكاساته على البلد، وحجز مكانتها في النظام الجديد». وهذا «لا يمكن أن يتحقق برئيس حكومة تكنوقراطي أكدت تجربة حسان دياب فشله، ولا بتسليم الوصاية إلى رئيس يصرّف أعمال الطائفة كما هي الحال مع نجيب ميقاتي».
ليسَ سهلاً على من عاش مرحلة «ذهبية» منذ التسعينيات أن يجِد نفسه في عراءٍ سياسيّ، أعقب ما يصفها بعض من يعبّرون عن المزاج السني بـ«حرب إلغاء» بدأت عام 2011، مع إسقاط حكومة الحريري تزامناً مع دخوله إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي. بعدها، «توالت المعارك» بتكليف نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، ومن بعده تمام سلام، وصولاً إلى «التسوية المذلة مع الرئيس ميشال عون». أما «الضربة الكبرى»، فكانت القرار السعودي بالثأر من الحريري، في مشهد لا يزال محل استغراب.
منذ ذلك القرار لم تخبُ الآمال يوماً بعودة سعد الحريري بعد قضاء «محكوميته»، وهي تعزّزت بعد ما أكّدته الانتخابات النيابية، العام الماضي، بأن أحداً غير قادر على وراثة الرجل، وأن هذا وحده كاف لـ«العفو» عنه و«إطلاق سراحه». إلا أن هذا كله عاكسته الوقائع التي أكّدت أن العودة تكاد تكون «شبه مستحيلة».
ولعلّ أكثر ما يؤرّق في «استبعاد» السنة، بقرار من «بيت أبيهم»، أنه يصادف في لحظة اقليمية مفعمة بالتطورات ورسم خرائط التحالفات، فيما هم مُبعدون عن طاولة «التسوية»، أو بالحدّ الأدنى هناك «من يُفاوض عنهم لا باسمهم». هذا الواقع تختصره شخصيات سياسية سنيّة بوقائع المفاوضات المتعلقة بالأزمة الرئاسية: تطرح باريس على القوى السياسية تسوية تقوم على انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية في مقابل تسمية السفير نواف سلام للحكومة؛ تتحدث فرنسا مع الرياض محاولة إقناعها في الانخراط بالتسوية، وتتفاوض مع كل القوى السياسية، خصوصاً المعترضة على انتخاب فرنجية، من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والبطريركية المارونية، تحاور باريس الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وتبدو على وفاق تام مع الثنائي الشيعي، فيما لا ليس من يناقش عن السنّة تسوية يُعدّ المركز السني الأول أحد أضلاعها.
ويسأل هؤلاء: «من قالَ إن نواف سلام يمثل السنة؟ ومن قال إن السنة يريدونه لرئاسة الحكومة، وهل سألهم أحد عن مرشحهم لرئاسة الحكومة»؟ الجميع، في عواصم القرار، يتعاطون مع المجموعات السنية الموجودة في مجلس النواب كـ«ملحقات» لترجيح كفة طرفَي الصراع ما بينَ مؤيد لفرنجية ومعارض، وهذه المجموعات عاجزة عن الانضواء في تكتل صلب يجعل من موقفها ورقة ضغط، بسبب «افتقاد القيادتين الروحية والسياسية القادرتين على جمعهم».
كلمة السرّ في استعادة الدور، بحسب هؤلاء، تكمن في اسم رئيس الحكومة المقبل: «البديل عن القائد السياسي للطائفة السنية في أي مرحلة انتقالية هو رئيس الحكومة الذي يكون أقرب إلى منسق عام للطائفة. فإما أن تؤدي إدارته إلى انفراط التوازن كلياً أو استعادة الدور الحقيقي للطائفة في المعادلة الداخلية». لذلك، «لن تخرج الطائفة من دوامة الفوضى التي تعيشها إلا مع إعادة تكوين السلطة التي يكون رئيس الحكومة جزءاً منها»، ثم الانتقال إلى خطوة أهم تتمثل بالحوار الجدي «حول قانون انتخابات جديد والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة تُعيد تشكيل المشهد في البرلمان، بما يساعد على إعادة تأهيل البنية السنية السياسية ويسمح بإنتاج قيادات جديدة تتوافر لها مظلة عربية، سعودية بالدرجة الأولى، ما يتيح لها الاستفادة من مرحلة الاستقرار الإقليمي وانعكاساته على البلد، وحجز مكانتها في النظام الجديد». وهذا «لا يمكن أن يتحقق برئيس حكومة تكنوقراطي أكدت تجربة حسان دياب فشله، ولا بتسليم الوصاية إلى رئيس يصرّف أعمال الطائفة كما هي الحال مع نجيب ميقاتي».