إختر من الأقسام
آخر الأخبار
ندفع مقابل 'لا كهرباء' و'لا مياه' و'لا طبابة' و'لا أمن'... أَوقِفُوا دفع الضرائب!
ندفع مقابل 'لا كهرباء' و'لا مياه' و'لا طبابة' و'لا أمن'... أَوقِفُوا دفع الضرائب!
المصدر : أنطون الفتى - أخبار اليوم
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ كانون ثاني ٢٠٢٤

قد يتعجّب أي مسؤول أجنبي من نقطة أساسية في لبنان، غير موجودة في العدد الأكبر من البلدان حول العالم، وهي أن شعباً كاملاً (هو الشعب اللبناني بمعظم مكوّناته وفئاته) يقبل بمبدأ دفع الضّرائب، والمزيد منها، والمزيد المزيد منها، رغم أنه لا يحصل على الخدمات المتوافِقَة مع ما يدفعه، وحتى لو لم يحصل على الخدمات أبداً.

لماذا؟

هذا أمر غريب، لا بدّ من إيجاد حلّ سريع له، في زمن الانهيار المتواصل. فلا تضحكوا علينا بأن انخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 60 ألف ليرة (مثلاً) الى 58 ألف ليرة (مثلاً)، وبأن عَدَم الاستمرار بالانهيار التصاعُدي، وبالسّقوط السّريع للّيرة اللبنانية كما كانت عليه الأحوال خلال الأسبوع الفائت، هو بداية الوقوف على سكّة الحلّ.

فالبلد انتهى. ويحقّ لنا أن نعرف لماذا ندفع الضرائب، ولماذا سندفع المزيد منها، وبما يتوافق مع ارتفاع دولار السوق السوداء، وانهيار اللّيرة اللبنانية، مقابل "اللاشيء"؟

دولة تقتلنا

هنا، لا بدّ من توفّر الأطراف السياسيّة الصادقة، التي تدعو كل من يؤيّد طروحاتها، وكل من قد تحسُن (طروحاتها) لديهم، الى وقف دفع الضرائب، وذلك الى حين توفّر الدولة الجديرة بالثّقة، وبالجباية، وبالحصول على تلك الضرائب.

فنحن على سبيل المثال، ومن خلال الضرائب التي نتكبّدها في شكل دائم ومُتصاعِد، نموّل دولة لم تَعُد دولتنا. دولة تقتلنا بانعدام مسؤوليّتها، وبعَدَم إسراعها في العمل على أي إصلاح وحلّ.

لا تدفعوا

نحن ندفع مقابل "لا كهرباء"، و"لا مياه"، و"لا طبابة"، و"لا أمن"، ولا أي شيء حيوي آخر، فيما ندفع، وندفع، وندفع. وتشاركنا بعض المجموعات السياسية السيادية مشاعرنا الغاضبة، ولكن على سبيل الكلام فقط، ومن دون أي دعوة صريحة لكل الذين "تمون" عليهم، ولكلّ الذين سيستمعون الى ندائها في كل المناطق، لعَدَم دفع الضرائب.

وحتى إن تلك المجموعات السياسية السيادية لا تقول لنا لا تدفعوا الضرائب حالياً، رغم علمها بأن تلك المبالغ تموّل دولة الفساد، والجهات السياسيّة التي تسطو على البلد بكل ما هو غير شرعي، في الوقت الحالي.

تمويل الفساد

أفما حان الوقت للقول توقّفوا عن دفع الضرائب، وذلك الى حين إعادة تشكيل دولة مُناسِبَة، وقادرة على الإنتاج من خلال تلك الضرائب؟ ففي تلك الحالة، يُمكن إعادة جَدْوَلَة ما لم يُدفَع الآن، وتقسيطه (مستقبلاً) عندما تتحسّن أوضاع الناس المعيشيّة، والخدمات في بلادنا، بإيقاع مضبوط من دولة فعليّة.

وماذا عن وجوب الدّعوة الى ذلك، كطريقة لوقف تمويل منظومات الفساد داخل الدولة، بقطاعاتها المدنيّة وغير المدنيّة المختلفة، عبر قطع الموارد لرواتبها؟ وأما من يريد أن يدفع لكل فائض، ولكل فاسد، ولكلّ "شبّيح"... داخل الدولة راتبه، فليفعل ذلك من كيسه، وهو ما سيجرّ "الويلات المالية" على كثير من الجهات السياسية والحزبيّة، التي ستشعر بالضيق المالي من جراء ذلك.

الضّغط المالي

وبهذه الطريقة، إما تنهار منظومة الفساد والإفساد والهيمنة والتخويف في لبنان، أو تموّل "شبّيحتها" بنفسها، ومن "كيسها"، الى أن تُفرَج الأمور، ويبدأ الزّمن المُناسب لباقي اللبنانيين.

هذا مع العلم أن هذه الطريقة ستخفّف الضّغط المالي، وانهيار اللّيرة مقابل الدولار، وستسرّع الحلول، نظراً الى أن "زَرْك" المنظومات الفاسدة في عوالم تمويل "شبّيحتها" سيُجبرها على تقليص أزمنة العذاب في البلد.

في حديث لوكالة "أخبار اليوم"، وتعليقاً على ما سبق، دعا مصدر مُطَّلِع الى "حلول جذرية على مستوى لبنان عموماً، لأن هذا هو الوقت المناسب لمثل تلك الحلول، أي بعدما باتت الدولة ومؤسّساتها وكل ما فيها "بالأرض"، ولا أحد راضياً عن شيء فيها. ففي العادة، تُسرَّع الخطوات الى الحلول خلال الأزمات".

وشدّد على أن "هذا الأمر يتطلّب المزيد من الانتظار مع الأسف، من أجل معرفة من يريد الحلّ في لبنان؟ ومن يريد بقاء لبنان، والدولة فيه أصلاً؟ وكم هي نسبة أولئك الذين يرغبون ببناء دولة عصرية في البلد مستقبلاً، أي بعيداً من تلك (الدولة) التي حملت بذور الانهيار في الماضي".

وختم: "أزمات لبنان كثيرة، وستكثر أكثر بَعْد. وهذا ينبع من أمر أساسي، وهو أنه لا جواب واضحاً حول ما إذا كان هناك النيّة الكافية، والقرار الجدّي، بإنشاء دولة في هذا البلد".


عودة الى الصفحة الرئيسية