إختر من الأقسام
آخر الأخبار
'الجثة في براد المستشفى تشبه ابني'... أهالي أبطال قرطبا المفقودين يروون المأساة
'الجثة في براد المستشفى تشبه ابني'... أهالي أبطال قرطبا المفقودين يروون المأساة
المصدر : كارين اليان ضاهر - النهار
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ آب ٢٠٢٤

 

في صباح اليوم الرابع الذي تلا انفجار مرفأ بيروت الذي شبّه بقنبلة هيروشيما، لا تزال قرطبا تنتظر عودة أبطالها الثلاثة الذين هم في عداد المفقودين حتى اللحظة. لا تزال عمليات البحث جارية في موقع الانفجار، فيما تتعلق قلوب الأمهات بأمل أن يعودوا إليهن سالمين. صرخة والدة نجيب فيها لوعة كل أم فقدت ابنها فلا تجد ما يهدئ من روعها. في أصعب لحظات إنتظارها اليوم تأمل استعادة ولو أشلاء ليوم العرس الذي تقيمه بلدة قرطبا يوم الثلثاء لأبطالها نجيب حتي وشربل حتي وشربل كرم، ولتبقيها إلى جانبها بعد أن فقدت أحباء قلبها. علماً أن عمليات البحث تتوقف تماماً يوم الاثنين المقبل بحسب ما تبلغت العائلة المفجوعة.
الحديث الأخير للوالدة المفجوعة مع ابنها نجيب الذي يعمل كسائق لآلية الدفاع المدني حيث تطوع من 15 سنة، كان عبر الهاتف قبل ساعتين من لحظة الإنفجار، "هو يأخذ الشباب في الآلية عندما يطلق الإنذار للواجب فيهرع من 15 سنة لإنقاذ الناس وهو اليوم في سن الـ 26. أطلق الإنذار ليتوجهوا لإطفاء المفرقعات المشتعلة وأشدد على أن الأمر أرسل لهم بإطفاء مفرقعات ولم يكونوا يعرفون أن مكمناً أعدّ لهم. أرسلناهم لهم أبطالاً فدفنوهم شهداء تحت التراب ولم نعد نعرف عنهم شيئاً".

تمر هذه الأيام وكأنها دهور لأمخات ينتظرن أي خبر. تصرخ والدة نجيب محملة مسؤولية خسارة ابنها إلى المسؤولين وطالبة منهم التخلي عن كراسيهم، فيما تتساءل عما ينتظرونهبعد هذه الكارثة التي خطفت شباب الوطن."يتمسكون بالبروتوكول في التفتيش وأي بروتوكول يعرفون؟ وعلى حد قولهم تتوقف عمليات البحث يوم الاثنين. نحن ننتظر اليوم ولو حتى أشلاء لأبنائنا لنحفظها قربنا في البلدة ولنقيم لهم العرس المنتظر يوم الثلثاء المقبل".

خلال أيام حاولت العائلة التواصل مع من يطمئنها على مفقوديها. حتى الساعة آمال كاذبة وخيبات وتنقل بين برادات المستشفيات للتعرف إلى جثث يتبين لاحقاً أنها ليست لأي من أبناء قرطبا المفقودين.

يخيّم على بلدة قرطبا حزن كبير وعلى وجوه أهلها المفجوعين بما حصل للشبان الثلاثة. بغصة أم مفجوعة، تتمنى والدة نجيب لو أن ابنها سيئ السلوك والطباع، فـ"ما كان حزن البلدة عليه كبيراً إلى هذا الحد. وفي قلبها حرقة لاحتمال أن ابنها كان يعيش في الساعات الأولى عندما توقفت أعمال البحث في الليلة الأولى بحجة أنه يصعب العمل ليلاً بسبب الظلام فتتساءل لو ان أحد المسؤولين كان يقيم مؤتمراً لما اضيئت له الأنوار لذلك؟". 
 

حرقة والد على ابنه الشاب

من جهته، يتحدث والد شربل بحرقة على ابنه شربل (21 سنة) وابن أخيه وصهره الذين يعملون معاً في ثكنة الكرنتينا فوجّه إليهم نداء ليتوجهوا إلى المرفأ، مشيراً إلى أنهم طلبوا الدعم لكن في اللحظة ذاتها حصل الإنفجار المرعب. "عندما توجهوا إلى العنبر كانوا يجهلون تماماً ما في داخله ولم يعرفوا إلا أن ثمة حريقاً يجب إطفاؤه".نادراً ما يقابل الشباب خلال النهار لكن يؤكد جورج حتى أنه في ذاك النهار توجه لشرب القهوة معهم ظهراً ثم عاد وتحدث معهم على الهاتف قبل ساعتين من الانفجار. لكن من لحظة الإنفجار فشلت كل المحاولات وقطع كل اتصال معهم. "توجهت عند الساعة التاسعة إلى موقع الإنفجار ودخلت المكان والمشهد الذي رأيته أوقعني أرضاً وانفجرت باكياً لأني علمت مباشرةً أنه لا يمكن أن يخرجوا أحياء من هناك". يصف مكان الانفجار بالقول إنه "تحوّل إلى بحيرة بفعل قوته وباخرة قذفت من مكانها وأصبحت على الرصيف، ما يؤكد على حجم الإنفجار". إيمان جورج كبير بالله لكن ما رآه أفقده الأمل بعودة أبناء قرطبا إلى حضن أمهاتهم اللواتي لا يزلن في الانتظار.لحظات صعبة عاشتها العائلة تتنقل من مستشفى إلى آخر. عن هذه الاوقات العصبية، يقول جورج إنه في كل مرة ينتقل إلى مستشفى بعد إعلامه بأن ابنه قد يكون موجوداً فيه فيحضر للتعرف إلى الجثة وفي إحدى المرات بدا له وكأنه ابنه فعلاً فتعرف إلى جثة بكل تفاصيلها، بقصة الشعر والوجه واليدين. لكن تبيّن لاحقاً أن الوشم الذي وضعه ابنه على ذراعه ويحمل اسم شقيقته تيريزا لم يكن موجوداً فعادت العائلة إلى نقطة الصفر في عملية البحث والانتظار.

تتحضر قرطبا الحزينة لعرس أبطالها الثلاثة يوم الثلثاء بعد توقف عمليات البحث يوم الاثنين فيما يؤكد الوالد الذي يحترق على خسارته الكبيرة أن ما تبقى في موقع الانفجار ليس جثثاً بل أشلاء إذا ما تمكنت الفرق من إيجادها، بحسب فرق الإغاثة في مكان الانفجار.

 


عودة الى الصفحة الرئيسية