إختر من الأقسام
آخر الأخبار
جهاز تنفس صناعي من اختراع احد ابناء مخيم عين الحلوة لمواجهة كورونا
جهاز تنفس صناعي من اختراع احد ابناء مخيم عين الحلوة لمواجهة كورونا
المصدر : خليل العلي - العربي الجديد
تاريخ النشر : الخميس ١٨ أيار ٢٠٢٤

ينخرط اللاجئون الفلسطينيون في مخيّمات لبنان كما سواهم من سكان البلاد والعالم في مكافحة كورونا، فالجميع منخرط في هذه المعركة التي لم تعد صحية فحسب

بعدما راح فيروس كورونا الجديد يتفشّى عالمياً، برزت الحاجة إلى مستلزمات وأجهزة من شأنها المساعدة في عملية مواجهة الجائحة. وصارت تُسجّل محاولات وابتكارات كثيرة في هذا المجال. وفي مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، اخترع خليل حسين العبد الله (52 عاماً) جهاز تنفّس صناعياً في هذا السياق. والعبد الله المتحدّر من قرية المنشية في قضاء عكا في فلسطين المحتلة والذي يقضي معظم وقته في مشغله الخاص بتصليح الأجهزة الإلكترونية، يقول لـ"العربي الجديد": "تخصصت في مجال الإلكترونيك، وفي تسعينيات القرن الماضي بدأت بتصليح الأجهزة اللاسلكية التي كانت تستخدمها الفصائل الفلسطينية. بعدها، اتجهت إلى تصليح كاميرات التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ثمّ طوّرت نفسي وبدأت بصيانة الأدوات الطبيّة للمستشفيات والأطباء. وهكذا صرت ملمّاً بتصليح الأجهزة الإلكترونية بمختلف أنواعها".

ويشير العبد الله إلى أنّه "بعد انتشار فيروس كورونا في العالم وهنا وسماعي تصريحاً لوزير الصحة العامة اللبناني حمد حسن بأنّ لبنان (في هذه المعركة) يملك نحو 450 جهاز تنفس صناعياً ونحو 200 جهاز احتياطي، رحت أفكّر بأنّ الوضع لن يكون جيداً في حال اكتشاف إصابات في المخيّمات. كذلك فإنّ ما نُقل من إيطاليا بعد نقص أجهزة التنفّس الصناعي واللجوء إلى فصل كبار السنّ عنها لتوفيرها للأصغر سنّاً، دفعني إلى البدء في تنفيذ جهاز تنفس صناعي". يضيف: "بداية، استعنت بعدد من الممرّضين الفلسطينيين وتشاورت معهم حول خطوات أولية خاصة بكيفية تنفيذ المشروع، ثمّ طلب هؤلاء منّي استشارة أطباء في العناية الفائقة وجّهوني إلى تطوير بعض التفاصيل في تركيبة الجهاز. وفي المراحل النهائية، استعنت بخبرة أطباء تخدير في مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في صيدا وعدد من المتخصصين في الاتحاد العام للأطباء والصيادلة الفلسطينيين في لبنان". ولا ينكر العبد الله أنّه وجد "صعوبة في تنفيذ ما يطلبون، إلا أنّهم شجعوني مؤكدين أن باستطاعتي إنجازه، وبالفعل نجحت في ذلك". فأبلغ العبد الله إدارة مستشفى الهمشري عن انتهائه من تصنيع الجهاز، عندها أرسلت مجموعة من الأطباء الفلسطينيين للاطلاع عليه وتجربته ليكتشفوا أنّه "ناجح بكلّ المقاييس".

ويشرح العبد الله أنّ الجهاز "يتحكّم بنسبة الأكسجين في الرئتَين وبعملية الشهيق والزفير. وفي حال كان المريض في غيبوبة واستفاق منها تلقائياً، فإنّ الجهاز يعطي إنذاراً لمدّة 15 ثانية فيعمد الطبيب أو الممرّض إلى فصل المريض عن الجهاز. وفي حال لم يُنزع، فإنّ الجهاز يتوقّف تلقائياً، ويستطيع المريض عندها التنفّس من خلال الأنابيب بشكل طبيعي. كذلك، يعود الجهاز إلى العمل تلقائياً في حال عودة المريض إلى حالة الغيبوبة". يضيف العبد الله أنّ "صناعة الجهاز استغرقت ثلاثة أشهر من العمل، عملت في خلالها لساعات متأخرة من الليل. فقد غيّرت تركيبة الجهاز ثلاث مرّات، لأنّ الأطباء المتابعين كانوا في كلّ مرّة يطلبون منّي مواصفات غير متوفّرة. وحتى أتمكّن من ذلك، كنت أضطرّ إلى تغيير تركيبة الجهاز. وفي المرحلة الأخيرة، لم يتّسع القالب الخارجي للمعدّات، فعمدت إلى استبداله بقالب أكبر حجماً". ويتابع: "ولأنّ المحال والمؤسسات التجارية كانت مقفلة بسبب التعبئة العامة (المفروضة في لبنان على خلفية أزمة كورونا)، استخدمت جهاز تسجيل أفرغته من محتوياته واستبدلتها بما صنعته. والمعدّات التي استخدمتها، كانت كلها متوفّرة في داخل المخيّم، منها ما تحتويه أجهزة إلكترونية صالحة للاستخدام ومنها ما صنّعته بنفسي يدوياً". وإذ يلفت إلى أنّه صنّع أجزاءً من الجهاز لأنّه لم يكن يملك خياراً آخر بسبب الإقفال، يؤكد أنّ "هذه القطع الإلكترونية متوفّرة في السوق المحلي، بالتالي يمكن استخدامها بسهولة وتحديث الجهاز أكثر".

والجهاز بحسب ما يوضح العبد الله "يُشغّل بالكهرباء أو ببطاريات تعمل لمدّة ستّ ساعات متواصلة، وهو ما يتيح للأطقم الطبية تجهيز المريض ونقله من مستشفى إلى آخر، خصوصاً أنّ الجهاز لا يتجاوز وزنه 10 كيلوغرامات ويمكن حمله باليد ونقله بسهولة".

ويهدي العبد الله اختراعه "للشعب الفلسطيني أينما وُجد لأنّه إنجاز فلسطيني من داخل مخيّم عين الحلوة، وأتمنّى أن أحصل على دعم لصناعة أجهزة عدّة يستفيد منها أبناء المخيمّات، لأنّ هدفي إنساني وليس تجارياً، كذلك أهديه للشعب اللبناني. وفي حال طلبت منّي وزارة الصحة العامة اللبنانية أنّ أقدم لها هذا الجهاز، فإنّني لن أتردّد، خصوصاً أن تكلفته المادية ليست مرتفعة إنّما يحتاج إلى بذل جهد في صناعته". يتمنى العبد الله أن "تتبنّى جهات فلسطينية هذا الاختراع، خصوصاً أنّ تلفزيون فلسطين يعمل على إطلاق الاختراع من مقرّ سفارة دولة فلسطين في لبنان، وذلك في خلال مؤتمر صحافي يشرح فيه عمل الجهاز وفائدته". ويعبّر العبد الله عن فخره في حال تسجيل الاختراع باسمه، فهو بحسب ما يقول "أحد أبناء المخيّمات الفلسطينية التي تعاني حرماناً وظروفاً صعبة".


عودة الى الصفحة الرئيسية