إختر من الأقسام
آخر الأخبار
مطاعم لبنان تتحسّر على صيف 2023.. الحرب سرقت كلّ شيء
مطاعم لبنان تتحسّر على صيف 2023.. الحرب سرقت كلّ شيء
المصدر : جاد حكيم - لبنان 24
تاريخ النشر : السبت ٢٧ أذار ٢٠٢٤

بقوة قلبت كافة الموازين، استطاع لبنان أن ينعش نفسه الصيف الماضي بعدما أثبت الموسم أنّه مهما عصفت رياح المشاكل داخل هذا البلد، فإنّه سيبقى المنارة الأولى، والوجهة السياحية المميزة، والأقرب إلى قلب العرب أولاً، ومحبي لبنان من الأجانب أيضًا.. 70 يومًا استمر لبنان بعيش نشوة هذا الموسم، حيث استطاعت القطاعات كافة أن تعمل بوتيرة واحدة من دون أي مساعدات ولا تأمينات، ولا قروض، ولا حتى ضمانات.. الهدف كان واحدًا: إتمام موسم صيفيّ ناجح، وإعادة لبنان إلى خارطة السياحة، والوجهة المفضلة عربيًا.
هكذا، أَسدل الصّيف ستاره على أرباحٍ لم يكن من المتوقع تحقيقها، لا بل إن هذا الموسم استمرت أرباحه بالتواتر يومًا بعد يوم ليسجل أرقامًا استثنائية حتى موسم أيلول، وهو ما يعرف أصلا بموسم الركود، وبدل أن تنخفض الأرباح بنسبة 50%، سجّل الإنخفاض فقط 30%، وهذا الأمر يعتبر في هذا الموسم سابقة لم يعتد عليها لبنان منذ وقت طويل، خاصةً وأن خلال هذا الشهر يكون معظم السياح والمغتربين قد عادوا أدراجهم إلى بلادهم ليستأنفوا أعمالهم.

كل هذه الإنجازات وخلال أقل من أسبوع نسفتها أصوات المدافع والصواريخ، فالحرب المسموع صداها من غزة أرخت بظلالها على لبنان، وقضت على انطلاقة مثالية للقطاع السياحي بعدما دخل بسباتٍ عميق.

أحد أهم القطاعات التي تأثرت في هذا المجال يبرز قطاع المطاعم. عصب السياحة اللبنانية، فالمطبخ اللبناني الذي وبشكل سنوي يصدّر إلى الخارج المأكولات اللبنانية إلى أهم وأرقى المطاعم العالمية، بات اليوم يعاني داخل لبنان، مع إغلاق 50% من المؤسسات أبوابها، إذ حسب أرقام حصل عليها "لبنان24"، فإنّ من أصل 8500 مؤسسة ومطعم (300 منها فتحت أبوابها للمرة الأولى خلال الصيف الفائت) ما يقارب 4000 مؤسسة أغلقت أبوابها اليوم، وهذا يعني بطبيعة الحال القضاء على عشرات الآلاف من فرص العمل، إذ تشير الأرقام إلى أن ما يقارب 210 آلاف عامل كانوا يعملون داخل المطاعم والبارات فقط (45 ألف منهم عامل موسمي و 165 ألف عامل دائم ومسجل في الضمان)، هذا عدا بطبيعة الحال عن الفرق الأخرى التي تدير المطاعم كالمحاسب، والصيانة، وعمال الإضاءة والكهرباء والمسارح في حال كان المطعم يقدم برامج فنية، وغيرها الكثير من عشرات فرص العمل، تضاف إلى أعداد العاملين داخل المطاعم.

أما اليوم، ومع اجتماع مختلف الأعياد في نفس الوقت تقريبًا، أمل أصحاب المطاعم التعويض عن الخسائر التي تكبدوها خلال فترة الحرب الأخيرة، إلا أن الخطط ذهبت سدى، وما تم التعويل عليه ضاع.

في هذا السياق يؤكّد نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والباتيسري في لبنان خالد نزهة، أن الوضع مختلف بين واقع المطاعم اليوم وما شهدته خلال الصيف.

ويقول نزهة خلال اتصال عبر "لبنان24" أن " قطاع المطاعم في لبنان يعتبر قاعدة اقتصادية مهمة، تم من خلاله جذب العملة الصعبة، بالاضافة إلى استهلاك كميات كبيرة من الانتاجات الغذائية التي يتم تصنيعها محليًا، سواء خضار أو فاكهة، أو حتى زيت الزيتون، وغيرها الكثير".

يؤكّد نزهة أن الحرب قضت على كافة الانجازات، إلا أن القطاع لا يزال يحارب مع التعويل على اليوم التالي لما بعد الحرب، علمًا أن تراجع أعداد السياح، والتراجع في القدرة الشرائية للمواطن اللبناني ضاعف من الأزمة.. هذا عدا عن رعب المغترب أو السائح من عدم مقدرته على مغادرة لبنان في حال اندلاع الحرب وتوسعها لتشمل كل لبنان، من دون أن تقتصر على جبهات معينة".

ولكن ماذا عن حال المطاعم خلال رمضان؟
على عكس ما كان متوقعًا، يشير نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والباتيسري في لبنان خالد نزهة لـ"لبنان24" إلى أن الحركة انخفضت بشكلٍ ملحوظ خلال الإفطارات، ومن هنا يلفت إلى أن الجمعات، والعزائم التي كانت تقيمها إدارات البنوك، ومجالس إدارة الشركات على اختلافها في لبنان لموظفيها افتقدتها المطاعم هذا العام.

إلا أن نزهة يؤكّد على المقلب الآخر ان فترة السحور تشهد حركة لافتة في أماكن محدّدة، والأمر مقتصر فقط على النرجيلة والقهوة أو الشاي والحلويات. ويوعز بالتوازي هذا الأمر إلى الانخفاض الكبير في القدرة الشرائية للمواطن الذي أصلا فقد أمواله داخل المصارف، إضافة إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية للمطاعم، وما رافقها من محطات استثنائية ككورونا، وثورة 17 تشرين وانفجار المرفأ، التي كلها أرخت بظلالها بشكل متتالي..

ماذا ينتظر لبنان إذًا؟
يؤكّد نزهة أن أمرًا واحدا فقط يشفعُ بحال أكثر من 200 ألف عامل في هذا القطاع.. إيقاف الحرب اليوم قبل الغد، إذ يؤكّد أن فترة الأعياد لن تكون "بروفا" لفترة الصيف، وذلك لأن استمرارية الحرب من شأنها أن تنسف موسمًا بأكمله، خاصةً وأن القسم الأكبر ينتظره لأجل تعويض خسائر موسم الشتاء ومواسم الأعياد، إذ ان لا موسم التزلج قد غطّى الخسائر، ولا الأعياد استطاعت أن تجذب المغتربين والسياح.. فالعين اليوم منصبة على الأمل الأخير وهو "الموسم الصيفي"، فمثلا يوجد 450 ألف لبناني في الدول العربية، و250 ألف لبناني في الدول الأفريقية، وهؤلاء قادرون لوحدهم على إعادة إنعاش الاقتصاد، والإنطلاق من جديد.

ويشدّد نزهة أن اليوم هذا القطاع يحاول الصمود بالامكانيات المتوافرة، إلا أن المطلوب هو الأمن والأمن فقط، خاصةً وأن نقابة المطاعم استطاعت القيام بعملٍ جبّار من خلال إعادة إحياء القسم الأكبر من النقاط الحيوية في وسط بيروت، وفي مختلف المناطق الأخرى، وذلك عبر خطط عديدة واستراتيجيات مدروسة أعادت الحياة إلى نقاطٍ كانت أشبه بمناطق معدومة، أما اليوم وعلى الرغم من الحالة التي تمرّ بها البلاد فإنّها تُعتبر أماكن نشطة، وقادرة على إحداث الفرق بمجرد تحقق شرط الأمن، وأبرز مثال على ذلك هي منطقة مار مخايل التي شهدت أضرارًا كارثية عقب انفجار المرفأ، وتمكنت النقابة من إحياء المقاهي والسناكات والباتيسري على انواعها، ولم يقتصر الأمر بطبيعة الحال على المطاعم فقط.

كيف أثّر الأمر على قطاعات أخرى؟
وكما هو معروف، فإن الموسم السياحي سواء خلال الصيف أو الشتاء، أو حتى موسم الأعياد يُعتبر سلسلة واحدة مترابطة مع بعضها البعض، وعليه فإن الأمر أثّر بشكلٍ سلبيّ على باقي القطاعات.

فعلى سبيل المثال، أظهرت أرقام حصل عليها "لبنان24" تشير إلى إشغال ما يقارب 700 سيارة من أصل أكثر من 7900 سيارة معروضة للإيجار، أي بمعنى آخر، أقل من 10% من السيارات تعمل في كل لبنان.

أما بالنسبة إلى بيوت الضيافة التي شهدت أهم، وأكبر موسم لها خلال العام الماضي، فهي حاليًا تعمل بحدود 13 إلى 15% فقط، والأمر يميل إلى السوداوية أكثر داخل الفنادق، إذ إنّ نسبة إشغالها لم تتخطَ الـ 5% وصولاً إلى 10%، وفي بعض المناطق سجّلت حرفيًا 0%، وهذا يبرهن عمليًا سبب صرف الأجراء الذين كانوا يعملون داخل الفنادق.


عودة الى الصفحة الرئيسية